ضحايا الشرف
طاهر العدوان
جو 24 : امس كان اليوم العالمي للتضامن مع ضحايا الشرف ، اللواتي يقتلن من الزوج او الاب والاخ على خلفية الاتهام بجريمة الزنى. وبهذه المناسبة نشر ان عدد ضحايا الشرف في الاردن من بداية العام وحتى شهر اب بلغ ( ٢٠ ) ضحية وهو رقم يساوي أرقاماً سنوية سابقة ، يضاف اليه قصة النساء اللواتي يودعن السجون ويقضين سنوات طويلة فيها من اجل حمايتهن من القتل في ظل تهديدات تتعلق بالشرف .
هذا الموضوع مثار في الاردن منذ التسعينات من القرن الماضي من قبل منظمات نسائية وحقوقية محلية ومنظمات دولية . عام ٢٠٠٠ شهد نشاطا على المستويين الرسمي والشعبي من اجل الضغط على البرلمان لإصدار مشروع قانون معدل يلغي المادة ٣٤٠ من قانون العقوبات الذي يمنح القاتل سواء كان الزوج او احد أفراد أسرة الضحية عقوبة مخففة .
ولقد بلغت هذه التحركات ذروتها عندما قاد كل من الأمير علي بن الحسين والأمير غازي بن محمد مسيرة الى امام مجلس الأمة للمطالبة بإلغاء المادة المذكورة وسار في المظاهرة صفوف من أبناء العشائر وهم يرتدون اللباس التقليدي .
غير ان البرلمان لم يخضع للضغوط وبقيت المادة ٣٤٠ واستمرت جرائم القتل بالاستفادة من العذر المخفف . وقد قيل حينها « ان القوانين تعكس طبيعة المجتمع الاردني العشائرية وتعبر عن القيم السائدة وان تعديل القانون او إلغاء المادة ذات الاختصاص بقرارات فوقية لا يعتبر حلاً « . وعندما قامت الحكومة بتعديل القانون في عام ٢٠١٠ بالغاء المادة ٣٤٠ واعادة تعريف الظروف التي تسمح لمرتكب الجريمة الاستفادة من العذر المخفف وحددتها ( بمن فوجئ ، بالزوجة او الزوج ، متلبساً بالزنا وقام بالقتل في الحال ) رد مجلس النواب القانون وأبقى على المادة المذكورة .
حان الوقت للاعتراف بان هناك جرائم ارتكبت بذريعة الشرف غير ان الدوافع والأسباب كانت بعيدة كل البعد عن مسائل الشرف والتمسك بالقيم العشائرية والاجتماعية ونال مرتكبوها أحكاما مخففة مستغلين ( العذر المخفف ) . من هذه الدوافع حرمان البنت من الإرث او لتغطية جريمة السفاح العائلي وقصص اخرى متداولة في عالم هذا النوع من الجرائم .
جرائم القتل في حالة التلبس بالزنا وارتكابها في الحال ، مسألة موجودة بين الشعوب الأخرى وهي تقابل باحكام مخففة في باب الدفاع عن النفس ولا يستطيع اي تعديل في قانون العقوبات تجاهلها لان انتهاك الأعراض والخيانة لاتقل في أحكامها عن احكام دفاع المرء عن نفسه بقتل من يبدأ باشهار السلاح عليه قاصدا قتله وفي هذا قال الشاعر :
لا يسلم الشرف الرفيع من الاذى
حتى يراق على جوانبه الدم
يقال هذا في شرف الأوطان و شرف العائلة والإنسان الفرد، لكن مع تواتر القضايا والقصص التي تؤكد بان كثير من جرائم الشرف في الاردن لا تدخل في دائرة الدفاع عن الشرف ، وانما لدوافع اخرى ابعد ما تكون عن تبييض شرف العائلة مثل إخفاء جرائم السفاح و غيرها من الأسباب التي لا ترتقي الى مرتبة الجريمة ، فانه وفي كل الاحوال يجب ان يظل القضاء هو الفيصل في معالجة هذه الجرائم ، ولا يجب ان تستغل القيم والعادات الاجتماعية كغطاء لإخفاء اعمال جرمية يشيب لها الرأس مثل السفاح العائلي ، وهو ما يدعو الى إعادة ملف المادة ٣٤٠ للبحث على مستوى الحكومة والمجتمع المدني ومجلس النواب وصولاً الى تقديم تعديل جديد لقانون العقوبات مماثل لتعديل ٢٠١٠ كمخرج تشريعي لمسألة تلبتس فيها العدالة.
(الرأي)
هذا الموضوع مثار في الاردن منذ التسعينات من القرن الماضي من قبل منظمات نسائية وحقوقية محلية ومنظمات دولية . عام ٢٠٠٠ شهد نشاطا على المستويين الرسمي والشعبي من اجل الضغط على البرلمان لإصدار مشروع قانون معدل يلغي المادة ٣٤٠ من قانون العقوبات الذي يمنح القاتل سواء كان الزوج او احد أفراد أسرة الضحية عقوبة مخففة .
ولقد بلغت هذه التحركات ذروتها عندما قاد كل من الأمير علي بن الحسين والأمير غازي بن محمد مسيرة الى امام مجلس الأمة للمطالبة بإلغاء المادة المذكورة وسار في المظاهرة صفوف من أبناء العشائر وهم يرتدون اللباس التقليدي .
غير ان البرلمان لم يخضع للضغوط وبقيت المادة ٣٤٠ واستمرت جرائم القتل بالاستفادة من العذر المخفف . وقد قيل حينها « ان القوانين تعكس طبيعة المجتمع الاردني العشائرية وتعبر عن القيم السائدة وان تعديل القانون او إلغاء المادة ذات الاختصاص بقرارات فوقية لا يعتبر حلاً « . وعندما قامت الحكومة بتعديل القانون في عام ٢٠١٠ بالغاء المادة ٣٤٠ واعادة تعريف الظروف التي تسمح لمرتكب الجريمة الاستفادة من العذر المخفف وحددتها ( بمن فوجئ ، بالزوجة او الزوج ، متلبساً بالزنا وقام بالقتل في الحال ) رد مجلس النواب القانون وأبقى على المادة المذكورة .
حان الوقت للاعتراف بان هناك جرائم ارتكبت بذريعة الشرف غير ان الدوافع والأسباب كانت بعيدة كل البعد عن مسائل الشرف والتمسك بالقيم العشائرية والاجتماعية ونال مرتكبوها أحكاما مخففة مستغلين ( العذر المخفف ) . من هذه الدوافع حرمان البنت من الإرث او لتغطية جريمة السفاح العائلي وقصص اخرى متداولة في عالم هذا النوع من الجرائم .
جرائم القتل في حالة التلبس بالزنا وارتكابها في الحال ، مسألة موجودة بين الشعوب الأخرى وهي تقابل باحكام مخففة في باب الدفاع عن النفس ولا يستطيع اي تعديل في قانون العقوبات تجاهلها لان انتهاك الأعراض والخيانة لاتقل في أحكامها عن احكام دفاع المرء عن نفسه بقتل من يبدأ باشهار السلاح عليه قاصدا قتله وفي هذا قال الشاعر :
لا يسلم الشرف الرفيع من الاذى
حتى يراق على جوانبه الدم
يقال هذا في شرف الأوطان و شرف العائلة والإنسان الفرد، لكن مع تواتر القضايا والقصص التي تؤكد بان كثير من جرائم الشرف في الاردن لا تدخل في دائرة الدفاع عن الشرف ، وانما لدوافع اخرى ابعد ما تكون عن تبييض شرف العائلة مثل إخفاء جرائم السفاح و غيرها من الأسباب التي لا ترتقي الى مرتبة الجريمة ، فانه وفي كل الاحوال يجب ان يظل القضاء هو الفيصل في معالجة هذه الجرائم ، ولا يجب ان تستغل القيم والعادات الاجتماعية كغطاء لإخفاء اعمال جرمية يشيب لها الرأس مثل السفاح العائلي ، وهو ما يدعو الى إعادة ملف المادة ٣٤٠ للبحث على مستوى الحكومة والمجتمع المدني ومجلس النواب وصولاً الى تقديم تعديل جديد لقانون العقوبات مماثل لتعديل ٢٠١٠ كمخرج تشريعي لمسألة تلبتس فيها العدالة.
(الرأي)