قانون العفو العام بين الترميم والتأزيم
هيثم نبيل العياصرة
جو 24 :
أعلنت الحكومة اليوم عن إقرار مشروع قانون العفو العام لعام 2024م بعد الإيعاز الملكي ليصبح العفو العام رقم 19 منذ تأسيس إمارة شرق الأردن، والرابع منذ تولي الملك عبدالله سلطاته الدستورية، إذ غلب على قوانين العفو العام الثلاثة الأخيرة بكثرة الاستثناءات على خلاف ما سبقهم من قوانين العفو العام.
إذ يعتبر جوهر العفو العام رسالة من النظام السياسي إلى المجتمع تحمل طابعا سياسيا محفزا لتوسيع قاعدة المشاركة السياسية، وطابع اجتماعي يعطي الأمل لمن يلاحقهم الحق العام بالبدء من جديد بالتكيف مع المجتمع.
لا شك أن كل من المستوى الرسمي والشعبي بحاجة لهذه الخطوة، حيث بالإمكان سن قانون عفو عام يساعد على نزولهما عن الشجرة التي علقوا عليها منذ سنوات عديدة، ولم يجدوا آلية تساعدهم على النزول والالتقاء تحت ذات الشجرة.
يأتي العفو هذه المرة في ظل تصاعد حدة التوتر على مختلف الجبهات حولنا كما هو معلوم وهذه المرة الأردن هو المستهدف من الشرق والشمال والغرب، خطر امتزج بالإرهاب والتهريب ومشروع الاحتلال الصهيوني التوسعي، وفي ظل ذلك تشهد الجبهة الداخلية ترديا غير مسبوق للحالة السياسية والاقتصادية واشتداد القبضة الأمنية والتي تكاد تصل حد الخنق.
مواجهة مصادر الخطر والتهديد تبدأ من تمتين الجبهة الداخلية بخطوة جادة يجلس فيها الجميع جلسة وطنية صادقة تحت الشجرة فوق تراب هذا الوطن، جلسة لا مجاملة فيها ولا تخوين أو تخويف أو لكوننا أبناء رحم الوطن الذي أنجب الجميع، نبحث كيف نبني الوطن ونرمم أسواره وأعمدته، لنقف بعدها ونرص الصفوف ونغلق فرج الشيطان التي بيننا ونصلي في محراب الوطن صلاة من أجل مستقبل وطننا وأحلامنا.
هذا التمتين يتطلب خروج معتقلي الرأي والسياسيين الذين يواجهون أحكاما متنوعة وقاسية تتفاوت بين الأربع والعشر سنوات ومن ينتظر أحكاما مشابهة تشير القرائن أن القانون لن يشملهم لكونهم معتقلين على قانون (منع الإرهاب) والذي بفضله بات أي منشور ناقد للسلطة كفيل أن يلقي صاحبه خلف القضبان على حساب هذا القانون.
لا شيء صعب ومستحيل فالمرحلة المقبلة تحمل في أكنافها انتخابات نيابية وتشكيل حكومة جديدة وتغييرات على مستوى مديري وقادة عدة أجهزة ما يعني أنها مرحلة جديدة تتطلب تغييرا حقيقيا ولا يكون دون حوار عميق وجاد يصون الحريات العامة ويحمي حقوق المواطن والفرد في المشاركة الفاعلة والحقيقية في صناعة القرار ليتحمل خلالها الشعب المغانم والمغارم ولا يكونوا متفرجين على قارعة الوطن.