jo24_banner
jo24_banner

«فارعة الطول متوسطة الجمال» ... انتصار الحب على الواقع

«فارعة الطول متوسطة الجمال» ... انتصار الحب على الواقع
جو 24 : المسرحية التي قدمتها مؤسسة «بيت الحكايات والموسيقى» على مسرح البلد في عمّان، وعنوانها «سارة... فارعة الطول متوسطة الجمال»، أحد العروض الفنية القليلة التي تبتعد في تناولاتها عن السياسة، وتنخرط في أسئلة الموت والحياة، وفلسفة الحب، واشتباكات المصالح والنوازع البشرية وتضارباتها.

العرض المقتبَس عن رواية الأميركية باتريشا ماك لاكلان الحائزة جائزة «نيوبيري»، والمترجَم ضمن برنامج للسفارة الأميركية في عمّان، أعده وقدم رؤيته الدراماتورجية السوريُّ وائل قدور.

أكدت بُنى المسرحية وجود طبائع إنسانية تتأسس على «كيمياء نفسية» يصعب تحليلها، حول صعوبة تقبُّل البشر بعضهم بعضاً، وتعذُّر إنشاء علاقات عاطفية وأسرية واجتماعية بينهم، إذا احتلّ أحدهم موقع شخص عزيز كان قد خطفه الموت، على رغم تقارب الأعمار وتشابه الأمزجة والهواجس وحتى المستوى الثقافي بين الغائب (الأصيل) و«بديله»!

حكاية العرض الذي أخرجه وصمم تشكيلاته البصرية السوري رجائي القوجة، تناولت حياة عائلة مفجوعة بوفاة الأم، إذ لا تخفي الابنة غضبها وضيقها من شقيقها اعتقاداً أنه السبب في وفاة أمها التي فارقت الحياة بعد ميلاده مباشرة.

وبعد أن تَصلُح أمور العلاقة بين الشقيقين/ الطفلين مع مرور الأيام، تفاجَأ الابنة أن أباها قد عزم على الزواج من خلال طلبه ذلك عبر إعلان تجاري، وتجيء رسالة لهُ إثر ذلك من أرملة تدعى سارة تقيم مع أخيها في منطقة أخرى، تعلن فيها موافقتها على الاقتران به، حيث عرّفت على نفسها بـ: «سارة.. فارعة الطول متوسطة الجمال»، وهي العبارة التي اتخذتها المسرحية عنواناً لها.

اشتغلت الرؤية الإخراجية على تجسيد ردود الفعل النفسية لأفراد العائلة، تجاه وجود الأرملة في حياتهم، إذ فرح الابن لأنه وجد فيها العاطفة التي لم يختبرها سابقاً بسبب موت أمه إثر إنجابها له، ووجد فيها الأب دفء الزوجة الذي غاب عنه. أما الابنة فقد رفضتها بشراسة وأبدت مشاعر عدوانية تجاهها إذ رأت فيها امرأة تحتلّ مكانة أمها التي أحبتها وتعلقت بها كثيراً.

ومن جهة أخرى، عملت هذه الرؤية على تبيان ما يمر في داخل النفس من صراعات، لجهة تغليب المصالح والحسابات الواقعية المسؤولة عن استمرار الحياة، على الخيارات الفطرية العاطفية، وهذا ما تجسّد في حاجة الأب إلى امرأة تساعده على حمل أعباء البيت والأسرة، وأيضاً في رغبة سارة نسيانَ الماضي المؤلم الذي عانته بعد موت زوجها السابق في البحر، وهو ما لا يمكن تحققه إلا بالانخراط في حياة عائلية جديدة.

إلا أن هذه الرؤية تعود وتُعلي خيار الحب والجانب العاطفي الذي طغى على المصالح الواقعية، عند ذهاب الحكاية الشيقة في تنوع دوافع الشخوص وردود فعلهم، إلى نهايتها، بعودة سارة للعيش مع هذه العائلة، بعدما هجرتها. واتخذت قرارها بمغادرة بيت أخيها إثر تلقيها رسالة تشي بتولُّد مشاعر طيبة تجاهها، خصوصاً من الطفلة التي أخفقت بداية في كسب ودّها.

ظل الفعل المسرحي حيوياً يندفع إلى الأمام، حتى انتهاء المشهد الأخير، لحسن تقطيع النص، إذ جاءت الحوارات الثنائية مختزلة ولم تشكل عبئاً ثقيلاً على المتلقي. كما لجأت الرؤية الإخراجية إلى إطفاء الإضاءة مع انتهاء كل مشهد يتضمن حواراً بين شخصيتين، وإشعالها في المشهد التالي، وفي مواقع متعددة على الخشبة، فأضفى الاختزال السمعي والتقلّب البصري معاً، تنوعاً في الدلالة والمعنى أثرى نظام التواصل بين الفعل المسرحي والمتلقي.

تأثثت السينوغرافيا من كتلة لحاجز خشبي خلف حيز الأداء على المسرح، واكتُفي بالأزياء لطرح العلامات البصرية من خلال الخطوط والنقوش على ملابس الشخصيات (الأب، والأرملة، والطفلة والطفل)، كما ساهمت تصاميم الإضاءة في التغطية على غياب الكتل الديكورية، وذلك عبر إنشاء حيزات مضيئة للفعل الأدائي في ظلام المسرح.

قدم الأدوار الممثلون: هند حامد، صبا فريج، محمد عبد الكريم، والطفلة ليلى زعتر والطفل قيس الفارس.
(الحياة)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير