jo24_banner
jo24_banner

الأمن الوطني تحت مظلة السلطة الرابعة

معتز بالله عليان
جو 24 :


مما لاشك فيه، أن الأمن يشكل هاجساً في الفكر البشري وغريزةً فطرية، وتصرفاً منطقياً يعكس دوافع نفسية تصبُّ في الحفاظ على الحياة والممتلكات وحمايتها. وأيًّا كانت النظريات التي فسرت تلك الدوافع، فهي جميعها لم تنأَ عن الاستناد إلى الفطرة البشرية وغريزة حب البقاء. وعليه، فإن الاختلاف في وجهات النظر يتحدد بمدى فهم هذه الدوافع الغريزية لدى المجتمعات البشرية وكيفية ترجمتها إلى واقع عملي يشترك فيه جميع مكونات هذا المجتمع، ويبرز الإعلام بصفته السلطة الرابعة في الدولة بدوره المحوري في هذا الإطار، وبوصف علاقته بالأمن بأنها جدلية ارتباطية تفاعلية. ولقد غيرت أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 نظرة العالم للإعلام ودوره في الأمن الوطني، وباتت وسائل الإعلام من أكثر العوامل تأثيراً على أمن الناس والمجتمع. وما بين القول بأن وسائل الإعلام تعتبر أدوات لتفعيل الأمن وتحصينه، والقول الآخر الذي ينحاز لسلبيتها على الأمن، يبقى السؤال الأخطر: كيف يمكن للأمن الوطني أن يحظى بالحماية تحت مظلة الإعلام وأدواته الرسمية وغير الرسمية؟

إن المطّلع على المبادئ العالمية للأمن القومي والحق في المعلومات- والمعروفة إعلاميّاً بمبادئ تشواني، يرى أنها أقرّت بأن الوصول إلى المعلومات عبر وسائل الإعلام ومنصاته المختلفة، لا يمكّن الشعب من التدقيق في أعمال الدولة وحمايتها من إساءة الموظفين العموميين لسلطاتهم فحسب، بل أيضاً من المساهمة في صياغة سياسات الدولة. ولذلك فإنه يشكل عاملاً حاسماً في حماية الأمن الوطني، وفي المشاركة الديمقراطية، وفي صياغة السياسات الراسخة. ولحماية الممارسة الكاملة لحقوق الإنسان، وفي ظروف محددة، قد يكون من الضروري الاحتفاظ بسرية المعلومات لحماية المصالح الشرعية للأمن الوطني. وذلك يقودنا إلى القول إن مسألة ربط الأمن الوطني بمدى ما تقدمه الوسائل الإعلامية هي بالغة الأهمية والخطورة، إذ لا يمكن إغفال علاقة الرسالة الإعلامية بالأمن من منظور سياسي شامل، فحين يعمل الإعلام على تحقيق الترابط والتفاهم الاجتماعيين فإنه بذلك يوازي تحقيقه لحماية الأمن ودعمه. وعلى العكس من ذلك، فقد يكون للإعلام تأثير سلبي في عملية حماية الأمن للدرجة التي معها يمكن أن يصبح سلاحاً ذا حدين، فهو إمّا بانياً للمجتمع وحامياً لأمنه، وإما أن يبُثَّ سمومَه فيصبح وسيلة شر لا خير على الأمن الوطني.

ولعلّنا شهدنا الكثير من المواقف التي عاشتها عديد الدول العربية حين كانت الأداة الإعلامية الوسيلة الأكثر تأثيراً من قوة السلاح في تغيير الأنظمة السياسية، وكانت منبراً للتعبير الحر الرافض لكل أشكال القمع والفقر والحرمان من الحريات والحقوق الإنسانية.

ويتوجب بالمقابل على الدولة بسلطاتها الثلاثة (التشريعية والتنفيذية والقضائية) أن تستثمر كل السبل والوسائل المتاحة في الإعلام لنشر الوعي الأمني وجعلها أدوات للإفصاح الحقيقي عما يدور في أروقة المطبخ السياسي والتنموي، فلا يعود المجتمع لاهثاً وراء المنصات الإعلامية الخارجية، أو مُصدقاً للشائعات المضلّلة بسبب عدم وضوح الموقف إزاء أي قضية أو مسألة أو حدث يجري داخلياً أو خارجياً.


* الكاتب ماجستير صحافة وإعلام

كلمات دلالية :

تابعو الأردن 24 على google news