سعيد ذياب يوجه رسائل الى الحكومة ومدير الامن العام
د. سعيد ذياب
جو 24 :
ما أكتبه اليوم يختلف عما تعودت كتابته، هو موجه لاكثر من جهة، وبشكل خاص إلى مدير الأمن العام، ثلاث ملاحظات من واقع الحياة اليومية، آمل أن تجد صداها لكل من يهمة الأمر.
الملاحظة الأولى؛ هي أني اعتدت الذهاب إلى الكالوتي منذ السابع من اكتوبر، ولم أتخلف عن ذلك إلا عندما أقعدني المرض في التاسع من فبراير، منذ تلك الفترة ذهبت بعد المرض مرة في يوم الأرض وكانت تلك المشاركة هى الأولى، وبعد ذلك كانت مشاركتي حسب الظروف الصحية والهمة، واليوم، رغبت بالمشاركة خاصة والجرائم الصهيونية بلغت مدى لا يحتمل، عند وصولنا إلى المكان تركنا السيارة وسرنا نحو ساحة الكالوتى، وفي المسير وجدت شابين وقد أسندا ظهريهما إلى الحائط، فطرحت عليهم السلام وأكملنا المسير، بعد حوالي عشرة أمتار تبعانا، ولما وصلا قال أحدهما: "نحن بحث جنائي، هوياتكم"، قلت له "لماذا؟ وهل أشكالنا تدلّ على أننا أصحاب مشاكل أو مطلوبين؟"، استغرب لهجتي، فتابعت "لأني لا أرى أي منطق في لحاقنا وطلب الهويات سوى أنه نوع من اثبات الذات"، المهم أعطيناه الهوية ودقّ على الهاتف، واكتشف أننا غير مطلوبين، عندها قال لي "هذه الهوية، شو صار؟".
هنا سأشرح لماذا كان الاحتجاج، لأن البعض سيقول انه أمر عادي، والسبب التعامل مع المواطن على أنه (متهم)، هكذا وبكل بساطة يتم التشكيك به دون أى مبرر.
الملاحظة الثانية؛ وجدت ساحة الكالوتي وقد تمت احاطتها، بسياج حديدي وبشري، وتم تحديد مكان الدخول، كان الحضور محاطا وكأننا (...) في حديقة حيوانات، كان الحضور ضئيلا لا يتجاوز المئتين، على أحسن تقدير، كان التواجد الأمني كثيفا ومن كل الفئات؛ شرطة ودرك وأمن وقائي وبحث جنائي ومخابرات، وهي مسألة مرهقة اقتصاديا ولا هدف لها سوي إخافة المشاركين، لأن المشاركين أثبتوا على الدوام احترامهم والتزامهم بالقانون.
الملاحظة الثالثة؛ لمدير الأمن والحكومة، كانت هتافات الشباب والصبايا تعكس حجم الخذلان من الموقف الرسمي العربي، وحجم الألم من عدم استجابة الحكومة لما تلهج به الألسن المطالبة بوقف الجسر البري مع الكيان الصهيوني. والادعاء بأن الحكومة غير قادرة على التخلص من التزامها ليس دقيقا، وتستطيع الحكومة ان تقدم مئة مبرر لوقف الجسر لو أرادت احترام مطالب الجماهير.
ليست المسألة مسألة طلب هوية أو تواجد امني كثيف، بل ترتبط بفلسفة العمل والعلاقة مع المواطن، فالتظاهر حقّ طبيعي، ويجب أن ينطلق الدور الأمني من هذه الرؤية، واحترام هذا الحق، والعلاقة المباشرة بين رجل الأمن والمواطن يجب أن يحكمها روح المواطنة والقانون، البعيدة عن الاتهامية.
آمل أن يفهم كلامي في حدوده، لأني طالما تحدثت عن الصورة المميزة لرجل الأمن في المطار، بصدق أفضل من كثيرمن الدول المجاورة.
أعود للقول نحن بحاجة إلى إعادة النظر في فلسفة العلاقة، بحيث تنطلق من أولوية احترام المواطن. والحكومة التى أمعنت كثيرا في تحدي المطالب الشعبية قد تكون أمام فرصة تاريخية الاستجابة لمطالب الشعب الأردني بدعم الأهل في غزة الذين يتم ذبحهم على مرأى ومسمع أبناء العروبة والاسلام..
* الكاتب أمين عام حزب الوحدة الشعبية