الذكرى 38 لتأسيس رابطة الكتاب الأردنيين
عزيزة علي - الغد ـ أكد كتاب ومبدعون أن تأسيس رابطة الكتاب الأردنيين في الثامن والعشرين من أيار (مايو) العام 1974، شكّل نقطة تحول في الحركة الثقافية في الأردن، حيث استطاعت منذ تأسيسها الحفاظ على خطها الوطني.
ورأوا أنها استطاعت الجمع بين دوريها الثقافي والسياسي بشكل يدعو إلى الإعجاب، على رغم اختلافات الترجيح بين الأعضاء والكتل، التي تعد ظاهرة إيجابية تحول دون الاستفراد الكامل لهذه الكتلة أو تلك.
وتتزامن الذكرى الثامنة والثلاثون لتأسيس الرابطة مع التحضيرات لعودة مقرّها إلى جبل الليوبدة، حيث يركز رئيس الرابطة للدورة الحالية د.موفق محادين على أهمية إعادة مقر الرابطة الى جبل اللويبدة "لما له من دلالات ثقافية تخص الرابطة والجبل الذي تتركز فيه معظم الهيئات الثقافية".
وقال محادين إن الوضع المالي للرابطة لا يسمح بالاستمرار بدفع الأجرة المرتفعة لمقرها الحالي في الشميساني، وهو 30 ألف دينار سنويا، مشيرا إلى أن أجرة المقر الجديد تبلغ 12 ألف دينار سنويا.
ومن أبرز الإنجازات التي تمت خلال الدورة الحالية، وفق محادين، تخويل الرابطة بإعداد مهرجان الشعر والندوات الثقافية في مهرجان جرش وهي سابقة ثقافية لم تحدث من قبل، ومن القضايا التي تعمل الرابطة على حلها هو تحريك قضية "التأمين الصحي" وزيادة عدد منح الدراسات لأبناء الأعضاء.
وبخصوص العضوية، قال محادين إن الهيئة الإدارية اتخذت قراراً يشترط لقبول المنتسب إجماع اللجنة في الحقل المحدد، آخذين بعين الاعتبار تمثيل كل التيارات في تلك اللجان.
من الموضوعات الملحة التي عملت وتعمل الرابطة على إنجازها إصدار دليل جديد ورقي وإلكتروني للكتاب والسعي لترجمته الى اللغة الإنجليزية للتعريف بالمبدعين في الأردن، كما تقوم الرابطة بمراجعة النظام الداخلي من أجل تطويره وسيعقد قريبا مؤتمر استثنائي لإقرار المشروع الجديد. الى جانب إصدار لأول مرة وهو "التقويم الثقافي" الذي يؤرخ للمبدعين الأردنيين والعرب والمناسبات الثقافية.
وأخيرا على المستوى المحلي إحياء الجائزة السنوية للرابطة التي كانت تمنح بشكل متقطع، وربطها ملتقى السرد الذي قررت الرابطة تغيير اسمه ومضمونه ليصبح ملتقى إبداعيا "للسرد والشعر والنقد"، وتمنح في هذا الملتقى.
أما على الصعيد العربي فقد تم تطوير العلاقة بين رابطة اتحاد كتاب فلسطين، واعتبار مقر الرابطة مقرا لهذا الاتحاد، فيما يخص نشاطاته الخارجية. وترشيح الشاعر العراقي حميد سعيد، لجائزة القدس التي يمنحها الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب.
وأعلن محادين أنه تم إقرار جائزة بهجت أبو غربية لثقافة المقاومة، وهي مفتوحة للمبدعين في الأردن والوطن العربي، وهي تمنح لأي عمل إبداعي أدبي أو فكري أو فني.
الروائي والقاص جمال ناجي الذي ترأس رابطة الكتاب في الفترة 2001-2003، أكّد أن الرابطة ستظل "المؤسسة الثقافية الأولى التي نعتز بها وننتمي إليها بصرف النظر عن التباينات والاختلافات التي تظهر من حين إلى آخر بين الأعضاء والكتل الانتخابية".
وقال "إن الرابطة هي المؤسسة الثقافية الأقدم والأعرق من حيث تاريخ تأسيسها، ومن حيث إنجازاتها التي تراكمت على مدى 38 عاما، وهي إنجازات أسهم كل الأعضاء في تحقيقها، سواء الراحلين أم الأحياء، ولا أعتقد بوجود أية مؤسسة ثقافية أردنية حققت ما حققته الرابطة في شوطها الطويل".
وأوضح أن الرابطة منذ تأسيسها حتى الآن حافظت على خطها الوطني، معتبرا أنه إنجاز كبير في زمن التغيرات والتحولات والتقلبات السياسية التي يعيشها العالم والمنطقة على وجه التحديد. وبين أنها استطاعت الجمع بين دوريها الثقافي والسياسي بشكل يدعو إلى الإعجاب على رغم اختلافات الترجيح بين الأعضاء والكتل، التي تعد ظاهرة إيجابية تحول دون الاستفراد الكامل لهذه الكتلة أو تلك.
ورأى أن انتقال مقر الرابطة إلى جبل اللويبدة سيعيدها إلى عالمها وجمهورها الذي أحس بالغربة في مقرها بالشميساني، مؤكدا أنه متفائل بمستقبل الرابطة والعمل الثقافي بشكل عام.
من جانبه، رأى القاص والروائي والناقد د.سليمان الأزرعي أن رابطة الكتاب "على قلة ذات يدها"، لا بل محاصرتها الرسمية لفترات طويلة، إلا أنها "شكّلت في أسوأ الظروف وأصعبها مناخات صحية لمساندة الحركة الأدبية والثقافية في الأردن"، ورغم تلك الظروف الصعبة وسائر أشكال المحاصرة التي كانت تصل أحيانا الى "إغلاق مقر الرابطة والاستيلاء على مقتنياتها ووثائقها"، لكن الرابطة كمؤسسة شرعيه ظلت تحرس أهدافها ومبادئها.
وأشار الأزرعي إلى أنه "رغم الضائقة المالية التي تعاني منها الرابطة، غير أنها ما تزال تتمتع بحرية كاملة في سلوكها اتجاه أعضائها واتجاه الوطن واتجاه القضايا القومية"، منبها إلى أن "من يسعى إلى ليّ ذراع الرابطة عن طريق ربطها بالمال والتمويل الرسمي، يرتكب خطأ كبيرا".
وأكد أن الرابطة عضو مهم في مؤسسات المجتمع المدني ومن حقها أن تصل إليها مستحقاتها من الدعم الرسمي والحكومي وشبه الحكومي "دون منّة وتركيع إملاءات سياسية"، مؤكدا "استقلالية الرابطة".
وتحدث الباحث وسكرتير الرابطة خلال الفترة من 1978 لغاية 2006، الكاتب محمد المشايخ، وهو كما يلقب بـ"ذاكرة الرابطة"، عن أبرز الإنجازات التي حققتها الرابطة منذ تأسيسها، واعتبارها عضوا في مجلس النقابات المهنية، وتوطيد علاقاتها مع الهيئات الثقافية والاجتماعية الأردنية ومؤسسات المجتمع المدني.
وقال المشايخ إنّ الرابطة شكلت في إحدى المراحل مجلس الهيئات الثقافية والفنية، وأقامت لها فروعا في إربد والزرقاء والجنوب ومادبا والسلط، وتعاونت مع مشروع المدن الثقافية، وعززت امتدادها العربي والعالمي من خلال تفاعلها مع الأمانة العامة للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، وترأست الأمانة العامة للاتحاد ست سنوات، وكانت عضوا في الأمانة العامة لاتحاد كتاب آسيا وإفريقيا "قبل تجميده".
وتابع المشايخ أن الرابطة عقدت اتفاقيات ثقافية مع روابط وأسر واتحادات الكتاب العربية والعالمية المماثلة، الأمر الذي مكّنها من المساهمة في عدد من النشاطات الثقافية القومية والعالمية، وكان أهم مكتسباتها الأخيرة تسمية "شعراء مهرجان جرش".
ويستذكر المشايخ أهم ما كان يشغل الرابطة في سنوات التأسيس الأولى، وهو "أن تُرفد بأعضاء يجمعون بين النقاء الوطني والتفوّق الإبداعي"، وقد بلغ عدد أعضائها اليوم 735، عدا عن (106) أعضاء راحلين، و(65) غادروها لاتحاد الكتاب، و(80) تم فصلهم العام 1978 لعدم تسديدهم اشتراكاتهم السنوية، وبلغ عدد إصدارات الرابطة 365 كتابا.
وأشار المشايخ إلى إصدار "التقويم الثقافي" "رزنامة 2012"، ويبلغ عدد إصدارات الأعضاء حوالي "12"، ألف كتاب في مختلف العلوم والأجناس الأدبية والفكر، وتجاوز عدد الجوائز والدروع والأوسمة المحلية والعربية التي حصلوا عليها حوالي ثلاثة آلاف.
وتحدث المشايخ عن هاجس الحصول على ترخيص لإصدار مجلة الرابطة "أوراق" ظل يشغل كل هيئات الرابطة حتى تحقق في العام 1992، مشيرا إلى أن النظام الداخلي تم تعديله مرتين، وكان مقر الرابطة الأول اللويبدة رغم حميميته ضيقا، فتم الرحيل عنه إلى مقر آخر في الشميساني، غير أن أجرته السنوية الضخمة، في ظل عدم توافر المال، أجبرتها للبحث عن مقر آخر في اللويبدة من جديد.
وأكد أن الرابطة كانت وما تزال تجمع بين السياسي والثقافي، ودفعها انشغالها بالقضايا القومية لاستئجار طائرة للمساهمة في فك الحصار عن العراق، وإرسالها أكثر من وفد للتضامن مع لبنان أثناء وبعد حرب تموز (يوليو)، واستضافتها لمئات النقابيين والحزبيين والسياسيين والمثقفين الملتزمين للتداول في القضايا الوطنية المصيرية، ومن أبرزهم جورج غلوي.
من جابنه، رأى الشاعر د.عبدالرحيم جداية الذي أدار فرع الرابطة في إربد وشارك في انتخاباتها في عمان أن الرابطة عضو مجتمعي فاعل في الحفاظ على التراث الأردني وتعزيز الثقافة الأردنية، من خلال المشاركة بالندوات والمؤتمرات وإقامة المحاضرات وغيرها من الأنشطة التي أسست للمشهد الثقافي الأردني.
واعتبر أن بين الرابطة والمبدع الأردني شراكة، فما أنجزه أعضاء الرابطة هو إنجاز للرابطة والثقافة الأردنية، والمنجز الثقافي تراكمي على مر السنوات، مشيرا إلى أن "مجلة أوراق" هي منجز يحتاج إلى الاستمرارية وتحولها إلى مجلة شهرية حتى يكتمل الإنجاز والمشاركات الأردنية العربية والعالمية.