سياسات النمر الفلسطيني
ماهر أبو طير
جو 24 : لا تعرف على ماذا تتفاوض السلطة الوطنية الفلسطينية مع إسرائيل، فالتفاوض بات ستارا زمنيا تقوم اسرائيل بتوظيفه لإكمال تهويد القدس وابتلاع كل الضفة الغربية!!.
جولات كيري المكوكية، لم تؤد الى قرار اسرائيلي بوقف الاستيطان في الضفة والقدس، بل العكس كل يوم يمر ُتبنى فيه شقة، وتصادر فيه قطعة ارض، ولم يعد لدى السلطة الوطنية القدرة على الحرب ولا على الانتفاض، ولا أيضا على انتزاع دولة فلسطينية بالسلم والكلام.
ذكرتني المفاوضات المتعثرة بالقصة الشهيرة لزكريا تامر، حيث تقول: إن النمر حين تم أسره ذات يوم توعّد وهدّد، وكان غاضباً بشدة في قفصه، وفي صبيحة اليوم الأول زأر غاضباً يريد تناول اللحم، فلم يرد عليه الصياد بل أشاح بوجهه عنه.
عاد اليه الصياد في اليوم الثاني، وهو يزأر بقوة مطالباً بتناول اللحم حتى وهو مأسور باعتباره»النمر»الذي لايجوز امتهانه، فقال له الصياد ..لايوجد لحم، وكل ما هنالك بضعة حشائش إذا أردت أن تأكل، فغضب النمر وزأر من تلك المهانة، فكيف يأكل الحشائش، فرفض بشدة، وعاد اليه الصياد في اليوم الثالث، وكان النمر قد بدأ يتضور جوعا.
سأله الصياد هل مازال يرفض أن يأكل الحشائش، فأجابه انه يقبل «مؤقتاً» بسبب «ظروف المرحلة» صارخاً صرخة سمعها كل من في الغابة من شدة الغضب!.
عاد اليه الصياد في اليومين الرابع والخامس، بعد أن اعتاد أكل الحشائش، ونسي اللحم بسبب «ظروف المرحلة»، وطلب النمر بلسانه حصة جديدة من الحشائش، غير أن الصياد قال له: لن أعطيك حشائش حتى ترقص مثل القرد!.
زأر النمر غضباً، فكيف يرقص مثل القرد وهو النمر، وهذه مهانة جديدة يرفضها بشدة، فتركه الصياد وعاد اليه في اليوم السادس، وسأله عن حالته مع الجوع، فقال له النمر انه يقبل أن يرقص مثل القرد، مقابل حصة من الحشائش متناسيا اللحم، ومتناسياً رفضه، جراء «ظروف المرحلة»!.
أولم له الصياد كمية كبيرة من الحشائش وجلس يتفرج عليه وهو يرقص مثل القرد، بل ربما كان أكثر براعة من ذات القرد.
في اليوم الثامن عاد اليه الصياد مجدداً، وكان الجوع قد بلغ منه مبلغا، فطلب منه النمر حصة جديدة من الحشائش، فقال له الصياد إن الشروط اختلفت وإن على النمر أن يموء مثل القطط، من أجل الحصول على كمية من الحشائش يأكلها.
جنّ جنون النمر وقال للصياد: لقد قبلت وتنازلت عن اللحم، وحوّلتني الى مجرد كائن نباتي، ثم طلبت أن أرقص مثل القرد فرقصت مجبرا، واليوم تريد أن أموء مثل القطط، وهذه إهانة كبرى، فأنا النمر وتريديني أن أموء مثل قطة، هذه إهانة بالغة لن أقبلها حتى لو مت في مكاني، فأنا النمر ولا شيء مثل النمر!.
عاد الصياد في اليوم العاشر، وشاهد النمر جائعا هزيلا، لا يكاد يقوى على الحركة، فسأله الى أين وصل به الجوع، وهل مازال يرفض أن يموء مثل القطط !.
رد عليه النمر انه يقبل «مؤقتا»جرّاء «ظروف المرحلة»ومستعد أن يموء مثل القطط، غير أن الصياد قال له: عليك أن تنسى الزئير والغضب، وأن تموء بشكل دائم حتى تأكل، ولا أريدك أن تموء فقط عند الحصول على الوجبة، بل أريدك أن تموء وتموء بشكل دائم، وتنسى اللحم والزئير.
أطرق النمر برأسه آسفاً، وقال: حسناً إنها «ظروف المرحلة»وسأموء بشكل دائم، فقط أعطني حصتي من الحشائش حتى آكل.
في يومه العاشر ترك الصياد النمر في قفصه يموء مثل القطط ويأكل الحشائش، وفكر في لحظة ما بإطلاق سراحه بعد أن أمن شره ، غير أنه لم يفعل، فقد يصحو النمر فجأة ويتذكر انه ليس قطة وأنه لم يولد نباتيا، غير أن النمر كان قد تغير فعلا، فحتى لو تم إطلاق سراحه فإنه أحب الحشائش واعتاد على المواء.
ليس من حق النمر أن يشكو تحوله إلى نمر نباتي، لأن التنازل الأول في الحياة قاده الى كل التنازلات...وعلى هذا قد نفاوض بعد قليل على حق حصولنا على «شاي ساخن» على مائدة المفاوضات مع الإسرائيليين!!!
(الدستور)
جولات كيري المكوكية، لم تؤد الى قرار اسرائيلي بوقف الاستيطان في الضفة والقدس، بل العكس كل يوم يمر ُتبنى فيه شقة، وتصادر فيه قطعة ارض، ولم يعد لدى السلطة الوطنية القدرة على الحرب ولا على الانتفاض، ولا أيضا على انتزاع دولة فلسطينية بالسلم والكلام.
ذكرتني المفاوضات المتعثرة بالقصة الشهيرة لزكريا تامر، حيث تقول: إن النمر حين تم أسره ذات يوم توعّد وهدّد، وكان غاضباً بشدة في قفصه، وفي صبيحة اليوم الأول زأر غاضباً يريد تناول اللحم، فلم يرد عليه الصياد بل أشاح بوجهه عنه.
عاد اليه الصياد في اليوم الثاني، وهو يزأر بقوة مطالباً بتناول اللحم حتى وهو مأسور باعتباره»النمر»الذي لايجوز امتهانه، فقال له الصياد ..لايوجد لحم، وكل ما هنالك بضعة حشائش إذا أردت أن تأكل، فغضب النمر وزأر من تلك المهانة، فكيف يأكل الحشائش، فرفض بشدة، وعاد اليه الصياد في اليوم الثالث، وكان النمر قد بدأ يتضور جوعا.
سأله الصياد هل مازال يرفض أن يأكل الحشائش، فأجابه انه يقبل «مؤقتاً» بسبب «ظروف المرحلة» صارخاً صرخة سمعها كل من في الغابة من شدة الغضب!.
عاد اليه الصياد في اليومين الرابع والخامس، بعد أن اعتاد أكل الحشائش، ونسي اللحم بسبب «ظروف المرحلة»، وطلب النمر بلسانه حصة جديدة من الحشائش، غير أن الصياد قال له: لن أعطيك حشائش حتى ترقص مثل القرد!.
زأر النمر غضباً، فكيف يرقص مثل القرد وهو النمر، وهذه مهانة جديدة يرفضها بشدة، فتركه الصياد وعاد اليه في اليوم السادس، وسأله عن حالته مع الجوع، فقال له النمر انه يقبل أن يرقص مثل القرد، مقابل حصة من الحشائش متناسيا اللحم، ومتناسياً رفضه، جراء «ظروف المرحلة»!.
أولم له الصياد كمية كبيرة من الحشائش وجلس يتفرج عليه وهو يرقص مثل القرد، بل ربما كان أكثر براعة من ذات القرد.
في اليوم الثامن عاد اليه الصياد مجدداً، وكان الجوع قد بلغ منه مبلغا، فطلب منه النمر حصة جديدة من الحشائش، فقال له الصياد إن الشروط اختلفت وإن على النمر أن يموء مثل القطط، من أجل الحصول على كمية من الحشائش يأكلها.
جنّ جنون النمر وقال للصياد: لقد قبلت وتنازلت عن اللحم، وحوّلتني الى مجرد كائن نباتي، ثم طلبت أن أرقص مثل القرد فرقصت مجبرا، واليوم تريد أن أموء مثل القطط، وهذه إهانة كبرى، فأنا النمر وتريديني أن أموء مثل قطة، هذه إهانة بالغة لن أقبلها حتى لو مت في مكاني، فأنا النمر ولا شيء مثل النمر!.
عاد الصياد في اليوم العاشر، وشاهد النمر جائعا هزيلا، لا يكاد يقوى على الحركة، فسأله الى أين وصل به الجوع، وهل مازال يرفض أن يموء مثل القطط !.
رد عليه النمر انه يقبل «مؤقتا»جرّاء «ظروف المرحلة»ومستعد أن يموء مثل القطط، غير أن الصياد قال له: عليك أن تنسى الزئير والغضب، وأن تموء بشكل دائم حتى تأكل، ولا أريدك أن تموء فقط عند الحصول على الوجبة، بل أريدك أن تموء وتموء بشكل دائم، وتنسى اللحم والزئير.
أطرق النمر برأسه آسفاً، وقال: حسناً إنها «ظروف المرحلة»وسأموء بشكل دائم، فقط أعطني حصتي من الحشائش حتى آكل.
في يومه العاشر ترك الصياد النمر في قفصه يموء مثل القطط ويأكل الحشائش، وفكر في لحظة ما بإطلاق سراحه بعد أن أمن شره ، غير أنه لم يفعل، فقد يصحو النمر فجأة ويتذكر انه ليس قطة وأنه لم يولد نباتيا، غير أن النمر كان قد تغير فعلا، فحتى لو تم إطلاق سراحه فإنه أحب الحشائش واعتاد على المواء.
ليس من حق النمر أن يشكو تحوله إلى نمر نباتي، لأن التنازل الأول في الحياة قاده الى كل التنازلات...وعلى هذا قد نفاوض بعد قليل على حق حصولنا على «شاي ساخن» على مائدة المفاوضات مع الإسرائيليين!!!
(الدستور)