jo24_banner
jo24_banner

المبدع الأردني ليس لصاً يا سيدي

محمد المعايطة
جو 24 : كان من المفروض أن تواكب هذه المقال، الفترة الزمنية نفسها التي تم فيها نشر مقال صديقي الدكتور هشام بستاني، والتي عنونها بـ"أحكام عرفية في المركز الثقافي الملكي"، لكن تم تأخيرها بعض الوقت لأسباب طارئة، وأخرى ليست كذلك.

القضية تدور حول الأحداث والوقائع التي تعرضنا لها أثناء قيامنا بعرض نشاطنا الأخير "الساعة 24:00" يوم الخميس السابع من تشرين الثاني، والذي كان في المركز الثقافي الملكي.

هناك عدة أسئلة خطرت لنا أثناء معايشتنا لكل هذه الأحداث والعقبات في خضم التجهيز للنشاط المذكور، ومن هذه الأسئلة: ما هي الفكرة أو الهدف من وراء تحويل صرح ثقافي كبير كالمركز الثقافي الملكي إلى ثكنة عسكرية، أو نقطة تفتيش؟، ولماذا يوقع المبدع إن أراد القيام بأي نشاط فني أو ثقافي في المركز على إتفاقية يتخللها الكثير من الشروط والبنود المفروضة، وإلا لا يستطيع أن يقدم أي عمل فيه؟، ولماذا يدفع كل هذه التكاليف العالية لحجز أي من المسرحين الرئيسي أو الدائري، أو أي من القاعات داخل حرم المركز الثقافي الملكي؟، هل هناك تخوف كبير لهذه الدرجة من عرض أو نشر أي حالة ثقافية وفنية؟.

ربما جميعنا نعرف الإجابة عن هذه الأسئلة أو عن بعضها، وربما لا، وأراه من زاوية أخرى ربما، حين أقول أن الهدف من كل هذا تقزيم دور المبدع الأردني، وتقنينه داخل قيود عديدة كي لا يخرج عن كونه "هامش"، أو بوق للحالة الرسمية.

سأزيد وأوسع دائرة النظر لهذا الموضوع، وأرمي أطراف الحديث إلى أماكن أخرى تتعدى الأحداث الأخيرة في نشاطنا الاخير، منذ العديد من الأعوام لم نرَّ عملاً أردنياً فنياً واحداً يُشار إليه بأصابع التقدير والإحترام، - طبعاُ إلا من رحم ربي من مبدعين ومبادرات فردية، أو ليست أردنية الإنتاج مع أنها أردنية الكوادر -، وحتى هذه المبادرات الفردية لهؤولاء المبدعين، تذوق الأمَرّين حتى توصل حالة فنية -، ألهذا الحدّ تعدّ الثقافة والفن حالة ثانوية لا يُنظر لها ولو بعين واحدة من الأهمية، لهذه الدرجة هناك استخفاف بالإبداع الأردني ليستلم صروحه الثقافية والرسمية تحديداّ، شخوص غير مناسبين أو مؤهلين للتعامل مع الحالة الثقافية وإدارتها.

كيف يرى المثقف المبدع الأردني نفسه حين يكون ملزماً على إظهار بطاقته الشخصية، إضافة إلى تفتيشه في حرم المركز الثقافي الملكي، الذي يعتبره ملاذه الوحيد؟، وكيف يرى نفسه وهو ملزم في التعامل مع من هو أقل منه وعياً ومعرفةً، وينظر إليه الثاني بفوقية ودونية؟، ويكون أمر المبدع الأردني ومصيره عمله الإبداعي بيد هذا الطرف.

المبدع ليس موظف، ولا يمكن أن يكون كذلك، لأن - كما يعرف الجميع – الفضاءات الإبداعية والفكرية لا تقبل القيد اليومي والروتين، وإلا تم ذبحها تماماً، وحين يحمل المبدع رسالته ويحاول المضي بها، - ولا أقول رسالة من نوع قضية عامة، فالمبدع جزء من الحالة العامة ولكن ليست وظيفته أن يكون راصداً لهذه القضية أو بوقاً لها – متحملاً عناء فقره وقلة حيلته من الجانب المادي المعيشي، ويواجه كل هذه العقبات مع قلة التقدير لحالته وله شخصياً، من البديهي جداً أن يرمي إبداعه وفنه وقلقه، ليعيش، فقط ليعيش.

شتات كل هذه الأفكار أتت من شكل المبدع الأردني العاجز، والذي يعود بنا إلى المكان الأول في قضيتنا الرئيسية، أن يتحول صرح عظيم كالمركز الثقافي الملكي إلى دائرة حكومية، تفوح منها رائحة الأحكام العرفية، وهو الأمر غير المقبول أبداً، فالمبدع الذي يحمل وعياً وفضاءاً جديداً، ليس لصاً وليس عميلاً خارجياً، هو فقط مبدع يبحث عن مساحة.
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير