نحو مهنة مستدامة

 لا يزال العمل الفني في الأردن رغم تعدد التجارب وثراء المواهب يواجه تحديات تمنعه من أن يكون مساراً مهنياً واضحاً ومصدر دخل مستقر للعاملين فيه فكثير من المبدعين يجدون أنفسهم بين خيارين أحلاهما مر اما البقاء في دائرة الهواية التي لا توفر حياة كريمة له أو الهجرة إلى مجالات أخرى بعيدة عن شغفه من هنا تبرز الحاجة الملحة إلى تحويل العمل الفني إلى حرفة بالمعنى المهني الكامل أي مهنة قائمة على التنظيم... والتأهيل... والحماية القانونية... والاندماج في الاقتصاد الوطني

والخطوة الأولى تبدأ من القانون... فإدراج المهن الفنية ضمن قائمة المهن المعترف بها رسمياً يمنح الفنانين غطاءً قانونياً ويحدد حقوقهم وواجباتهم و هذا يشمل وضع معايير للتصنيف المهني مما يفعل دور النقابة وهنا اقصد تحديدا نقابة الفنانين لضمان الالتزام بالمستوى المهني المطلوب كذلك سن قوانين تتباع قانون للملكية الفكرية لتضمن أن يعود العائد المادي لصاحب العمل الإبداعي واستمرارية العائد علية من هذه الاعمال كما هو في مجال الرواية مثلا هناك حقوق ملكية للكاتب تعود علية من الطبعة الثانية و امثلة كثيره على هذا نعود ونقول ان

الموهبة وحدها لا تكفي فهي تحتاج إلى أدوات ومعرفة لصقلها و ان إنشاء معاهد ومراكز تدريبية معتمدة، وربط مجالات التعليم مع الجانب العملي من خلال إنتاجات تدريبية وتوفير برامج تبادل خبرات مع مؤسسات عربية ودولية كلها خطوات ترفع مستوى الاحترافية وتمنح الفنان القدرة على المنافسة إقليمياً وضمن عودة محموده لهذا القطاع بشكل عام نحن منذ العام ان غيب المنتج الفني الاردني على مدار عقود جعلنا نفقد لمساحة التى كانت متاحة وللعوده علينا التفكير خارج الصندوق وعلينا البدء من حيث انتهينا وليس من حيث وصل الاخر وهذا ليس انهزامي بل تلمس علينا لعوده الى نقاط القوة التى كنا نملك والبناء عليها

علينا التعامل مع الفنون كقطاع اقتصادي يمكن تحقيق ذلك عبر إنشاء صندوق وطني لدعم المشاريع الفنية وتقديم حوافز ضريبية للمستثمرين في الإنتاج الفني وربط العروض الفنية بالقطاع السياحي عبر استغلال المواقع الأثرية والتاريخية إضافة الوسائل الحديثه كل ذلك ممكنا لكن

النجاح في أي مجال لا يقوم فقط على القوانين والدعم بل يحتاج إلى ثقافة مهنية داخل الوسط نفسه هذا يعني احترام المواعيد الالتزام بالجودة، الحفاظ على بيئة عمل أخلاقية وتشجيع الفنانين على توثيق أعمالهم وبناء سير ذاتية احترافية كما يجب إدماج الفنون في برامج ريادة الأعمال لتمكين المبدعين من إدارة مشاريعهم بأنفسهم

تحويل العمل الفني في الأردن إلى حرفة ليس ترفاً بل ضرورة اقتصادية واجتماعية هو استثمار في الإنسان وفي صورة الوطن وبوابة لتصدير الثقافة الأردنية إلى العالم ولعل السنوات القليلة القادمة يمكن أن تشهد انتقالاً حقيقياً إذا ما توحدت الجهود بين الدولة والنقابات والقطاع الخاص، والمجتمع الفني، لكتابة فصل جديد عنوانه الفن مهنة.... والفنان محترف