''امن الدولة'' والحصاد المر
اقر مجلس النواب الاربعاء مشروع قانون محكمة امن الدولة مع استمرار النظر في القضايا السابقة.
ويعد اقرار مشروع القانون الذي قدمته الحكومة وواجه رفضا شعبيا وقانونيا بمثابة ضربة قاصمة لحجر الاساس في الدولة ''العدالة'' ،والتي لا تتحقق الا باستقلال القضاء.
الامتحان الصعب والذي كان من شأنه اعادة جسور الثقة بدور السلطة التشريعية فشل النواب من تحصيل حتى ادنى علامات النجاح لاجتيازه حيث وقفوا عاجزين عن تحقيق المطالب الرئيسية لالغاء المحاكم العسكرية غير المعترف بها دوليا حتى وصل الطموح الى وقف محاكمة المدنيين امامها وخضوعها الى المجلس القضائي ،الا ان هذا الطموح دخل في دهاليز من صوتوا على اقرار القانون ومن يحرك الجزء الاكبر منهم.
ولم يفشل النواب وحدهم في الامتحان بل الدولة ايضا اذ ظهرت بمثل هذا القانون وكان لسان حالها يقول نعم للاصلاح لكن على مقاس السلطة التنفيذية وحسب منظورها فحسب بعيدا عن حسابات استقلال القضاء الذي يقيم كافة مؤسسات الدولة بما فيها مؤسسة العرش.
'العدل اساس الحكم'فاين العدالة عندما يخضع المدنيون امام قضاء يتم تعيين قضاته من قبل رئاسة الوزراء وهيئة الاركان ؟واين العدالة عندما يقف مدني امام قاض عسكري لا تعترف الدول التي تحترم حقوق مواطنيها باحكامه وقرارته؟
لقد بات جليا ان الدولة ماضية بالحكم بذات العقلية التي لم تعد تجدي نفعا في ظل منظومة الحريات والانفتاح العالمي وايمان الناس بان حقوقهم تنتزع انتزاعا وليست مكارم اوهبات.
والنواب في اقرار القانون ذهبوا الى مزيد من حصاد الغضب والاستياء الشعبي على اداء المجلس الذي كان يأمل ويتوقع منه الكثير بعد ان فقد ثقته بالسلطة التشريعية.
الاصرار على ابقاء المحاكم العسكرية والابقاء على القضايا المنظورة بها يعد مؤشرا خطيرا على ان هنالك من صموا اذانهم واغلقوا اعينهم ،على ان الخاسر الوحيد من هذه اللعبة حتما لن يكون الشعب وحده.