فاتورة الغرق في شبر ثلج !!
تامر خرمه- غريب كيف تنتهي كافّة معالم الحضارة والحياة المدنيّة عند أوّل حبّة برد أو ثلج يجود بها الطقس على هذا البلد.
مناطق معزولة عن بقيّة العالم، لا يمكن النفاذ من مناكبها حتّى بسلطان.. محافظات تغرق في العتمة.. الاتّصالات تتحوّل إلى ضرب من ضروب الخيال العلمي، التي تعجز الشركات "العملاقة" عن ترجمته إلى واقع.. أنهار من مياه المطر المغشوش بالمياه العادمة تحاصر المدن العائمة.. هذا ما يفعله شبر ثلج يتراكم على ثرى الأردن !!.
الغريب أن هذه البنية التحتيّة المهترئة، وهذه الخدمات الرديئة للكهرباء والاتّصالات والانترنت، تكلّف المواطن الأردني فاتورة لا يدفع مثل قيمتها أيّ مواطن على وجه الكرة الأرضيّة، من ضرائب تعجز الخواريزميّات عن حصرها، إلى ارتفاع مستمرّ لكافّة الأسعار، ولا سيّما ما يتعلّق منها بالطاقة، بل لدرجة تحويل القطاع العام إلى شمّاعة تتحمّل الخسائر المتتاليّة لضمان أرباح القطاع الخاص، والمقصود هنا قطاع الكهرباء، الذي تنوي الحكومة رفع فاتورته على المواطن لإشباع جشع "المستثمر".
هذا هو مقابل ما تدفعه باستمرار من قوت عيالك عزيزي المواطن.. أعطال دائمة في مولدات ومحوّلات الكهرباء، اتصالات يستوجب إجراؤها تناول مميّعا للدم وقاية من الجلطة، انعزال تام عن العالم بسبب بضعة حبّات من البرد.. شوارع ينسلخ عنها الإسفلت، ومناهل تنضح بما فيها وكأنّها براكين (...) !!.
لا يمكن لأيّة بيئة أن تكون جالبة لـ "الاستثمار" كما هي البيئة الأردنيّة، التي ليس على المستثمر فيها أن يقدّم أيّة جودة مقابل الأموال الطائلة التي يحصّلها من عرق الناس، حتّى السلطات، تشارك هذا المستثمر في ساديّته المستهترة بكافّة الحقوق !
ترى، ما هي المفردة الملائمة لوصف هذا الحال ؟.
إليكم الأمر.. مواطن يدفع غاليا ثمن خدمة لا يتلقّاها..
والخصم.. هو الجهة المسؤولة عن إدارة شؤون البلد، إلى جانب الشركات الخاصّة التي يبدو أنّها هيمنت حتّى على صناعة القرار.. والنتيجة: إدفع باللتي هي أحسن !!.
إدفع عزيزي المواطن.. وفي مطلع العام القادم –يعني بعد أقلّ من شهر- ستدفع أضعاف ما تدفعه اليوم، ولا تتوقّع أيّ مقابل أو تحسين في نوعيّة الخدمات التي تتلقّاها مقابل ما تدفعه، فأنت أغلى ما يملك المستثمر والحكومة على حدّ سواء !!.
لنحاول مجدّداً البحث بين الكلمات لإيجاد المفردة الصحيحة التي تصف هذا الوضع..
بصراحة، احترنا في اختيار المفردة الصحيحة المناسبة للتعبير عن هذا الواقع، ونتيجة لهذا "العجز" يمكن للقارئ الكريم اختيار ما شاء من مفردات تعبّر عن حقيقة ما يحصل في الأردن.. وكلّ "ثلجة" وأنتم بخير..