jo24_banner
jo24_banner

إدارة الأداء في الخدمة المدنية

د. عبد الله محمد القضاة
جو 24 :

يهدف نظام إدارة الأداء إلى حصر العمل بفئة قادرة على الإنجاز وعدم الإبقاء على الأشخاص غير القادرين على القيام بالمهام الموكلة اليهم ، سواء أكانوا موظفين او مدراء إدارات او مدراء عامين ، وبموجب هذا المبدأ المتقدم يتم تقييم أداء الموظف بالمقارنة مع الأهداف والمؤشرات الرئيسة للأداء ، والتي يتم وضعها بالشراكة بين الموظف ورئيسه المباشر عن الفترة التي يتم خلالها التقييم ، بحيث تكون محددة في بداية فترة التقييم ، وتخضع لتحديث مستمر خلال فترة الأداء ، وينظر للأداء هنا على أنه ترجمة عملية لكافة مراحل التخطيط في المؤسسة الحكومية ، ولا يعتبر هدفاً بحد ذاته ، وإنما وسيلة لتحقيق غاية "نتائج".

في الدول المتقدمة ، العمل والإنجاز هو الذي يحكم بقاء المسؤول في موقعه ، حيث يتم تنظيم اتفاقية للأداء بين المنفذ والمسئول تتضمن الاهداف التي سوف يحققها الموظف / المدير ، والمستويات المستهدفة خلال فترة التقييم ؛ وفي حال إخفاق الموظف عن تحقيق المستوى المستهدف يتم الإطاحة به بعزله من موقعه وإلى غير رجعه !!!، وبالمقابل ؛ فإن الإدارة تكرم وتحفز وترقي الموظف الذي يحقق الاداء المعياري وبما ينسجم ومستوى الأداء.
والتساؤل: هل يمكن للإدارة العامة الأردنية تطبيق هذا المبدأ ؟! ، وماهي النتائج والآثار المتوقعة على مستوى أداء الأجهزة الحكومية على المدى المتوسط والبعيد ؟!.

يأتي إقرار نظام الخدمة المدنية الجديد خطوة بالاتجاه الصحيح ، ولعله يؤسس لمرحلة جديد من مراحل تطوير القطاع العام الأردني ؛ فقد اشتمل على نصوص تشريعية تخدم التحسين المستمر ؛ إن طبقت على أرض الواقع بشفافية وعدالة ؛ ومنها ضبط عدد الوظائف المساندة بما لا يتجاوز نسبة (30%) إلى عدد الوظائف الأساسية ، إضافة الى مبدأ جديد في إستراتيجية التوظيف ، بحيث يكون التعيين بمؤسسات القطاع العام بموجب عقود على وظائف ذات فئات ودرجات ووصف وظيفي محدد ، وهذا يعني من بين ما يعنيه انتهاء فكرة " من دخل بيت ابوسفيان فهو آمن "!، فالأمان الوظيفي يتحقق للموظف الجدير فقط.


أما الجانب الآخر، والذي أعتقد أنه الأكثر أهمية ، ويشكل سابقة هامة في تاريخ الإدارة الحكومية، فهو إيجاد منظومة أداء لشاغلي المجموعة الثانية من الفئة العليا ومن في حكمهم ، بحيث تتضمن آلية التقييم ومؤشراته التي تستند الى تحقيق أهداف المؤسسة الإستراتيجية ، وهذا يعني أن المدير العام / الأمين العام الذي تفشل مؤسسته في تحقيق النتائج المستهدفة في استراتيجيتها المعلنة ، سيتحمل نتيجة فشله وبالتالي عليه مغادرة موقعه فورا ، في حين كان مثل هؤلاء الفاشلين إما يتم تدويرهم لمؤسسات اخرى لنقل فشلهم وإما توزيرهم ؛ إرضاء لمرجعياتهم المناطقية او السياسية !.


نظام الخدمة المدنية نقلة تشريعية في تاريخ الوظيفة العامة ؛ والتطبيق السليم لأحكامه يؤسس بالتأكيد لمبدأ الإدارة بجز الأعناق ؛ وهذا المبدأ ليس ببعيد عن تاريخ امتنا فقد كتب عمر بن عبد العزيز لأحد ولاته : "قد كثر شاكوك وقلّ شاكروك فإما اعتدلتَ وإما اعتزلت". وهذا الخطاب الذي يطرب المواطن لسماعه لقادة مؤسساتنا العامة.


أما بخصوص النتائج المتوقعة من تطبيق هذا الفكر الجديد ، فقد لا تكون شعبية على المدى المتوسط ، ذلك أنه سيتم " تعشيب " الجهاز الحكومي من عدد كبير من ذوي الأداء المتدني ، ناهيك عن تدخل بعض البرلمانيين لتعطيل التنفيذ الفاعل للنظام ، وهذا يتطلب استراتيجية تغيير محكمة تنفذها وزارة تطوير القطاع العام وديوان الخدمة المدنية ؛ وإذا نجحت هذه الاستراتيجية ، ونأمل ذلك ؛ فسيكون الأثر إيجابيا على المدى البعيد في ترشيق الجهاز الحكومي وضمان فاعليته .

a.qudah@yahoo.com

تابعو الأردن 24 على google news