jo24_banner
jo24_banner

غرب العراق يهدد الأردن

ماهر أبو طير
جو 24 : إذا بقيت الأوضاع غرب العراق بهذا المستوى الخطير من المواجهات بين حكومة بغداد وسنة تلك المناطق، وبين حكومة بغداد والجماعات الإسلامية التي تعلن سيطرتها على بعض المناطق، فإن علينا أن نتوقع فترة عصيبة في العراق.
لدينا اكثر من سيناريو اولها يتحدث عن وأد الفتنة غرب العراق، وانهاء المواجهات مع المواطنين بطريقة سلمية تحقن دماء الجميع عسكريين ومواطنين، وهذا احتمال قليل، فلا أفق لحقن الدماء حتى الآن.
يقابل هذا السيناريو قدرة الجماعات الإسلامية المتشددة على استدراج بغداد الرسمية نحو مواجهات دموية ستؤدي الى تهديد السلم الأهلي، على المستوى العام في هذه المناطق، بمعنى أن هناك ملفين متفجرين غرب العراق، إن هدأ الاول قد لا يهدأ الثاني، وامامهما حكومة بغداد المركزية التي ترقب تعاظم الأخطار من جهة، وانفلات هذه المناطق عن سيطرتها كليا.
الحكومة المركزية في بغداد لديها ورقة رابحة للتدخل ضد تمرد العراقيين السنة غرب العراق، وهذه الورقة تتعلق بكون هذه المناطق أصبحت يوما بعد يوم تحت سيطرة الجماعات الإسلامية المتشددة مثل القاعدة.
بذريعة إنهاء القاعدة ستحاول بغداد الرسمية لملمة أوراق التمرد السني غرب العراق، أي ضرب عصفورين بحجر واحد.
غير أن احتمال النجاح يبقى محدودا، لتداخل عوامل كثيرة، ولعل المشهد من زاوية أخرى يشي بموجات هجرة كبيرة من العراقيين الى الأردن برا وعبر الصحراء، قبل المعابر التي يمكن التحكم بالداخلين عبرها، والسبب يعود الى أن سقوط تلك المناطق قريبا في فوضى دموية سيؤدي بشكل طبيعي الى هجرة العراقيين نجاة بحياتهم.
أمامهم ثلاث بوابات: السورية وهي مدمرة أساسا، ومواطنوها يهربون الى العراق ودول الجوار، والسعودية وهي غير متاحة لهجرات العراقيين قياسا بظروف أخرى، فيما البوابة الأردنية ممتدة وكبيرة ولاعتبارات مذهبية وجغرافية ومتاحة لهؤلاء بشكل متوقع، من حيث دوافع العراقيين، وعلاقاتهم العشائرية والاجتماعية الممتدة ايضا الى المناطق الأردنية المجاورة.
تسأل مسؤولين في عمان حول الذي سيفعله الأردن اذا انفجرت موجات الهجرة في غرب العراق الى الاردن، وما الذي سيفعله أيضا اذا انفجرت الأوضاع الأمنية في هذه المناطق؟!.
الجواب يشي ايضا بتقديرات سطحية إذ يقال لك ان اكثر من الف كيلومتر تفصل بيننا وبين العراق، وهم طبعا يقصدون المسافة بين عمان وبغداد، لكنهم يتناسون ان كيلومترات قليلة تفصل بين اقرب تجمع سكان عراقي واقرب نقطة اردنية، كما أنه لا تصور واضحا حتى الآن بخصوص التعامل مع اخطار القاعدة القريبة من خاصرة الاردن العراقية.
هي اخطار نراها مثنى وثلاث، في جنوب سورية، وسيناء القريبة من حدودنا الجنوبية، ومؤهلة للنمو في كل مكان.
هجرة العراقيين القسرية الى الأردن من مناطق غرب العراق محتملة، إذا انفجرت الاوضاع امنيا، واغلب سكان هذه المناطق اما فقراء سيفرون الى اقرب نقطة هادئة، وبعضهم ثري وقادر ايضا على عبور الصحراء بسياراته الى اقرب منطقة اردنية، وهم يعرفون مسبقا أن بوابة النجاة هي الاردن فقط، في ظل اعتبارات سياسية ومذهبية وجغرافية، قد لا نؤيد أغلبها لكنها قائمة فعليا، حين يتحول الاردن الى حاضنة للسنة العربية الهاربة من سورية والعراق على حد سواء.
من مصلحة الأردن إذن أن يقنع بغداد المركزية بمعالجة ملفي تمرد المواطنين من جهة، والقاعدة من جهة اخرى بطريقة لا تعيد تسييل هذه الاخطار والمشاكل الى دول الجوار، ومن الواجب الاستعداد اردنيا لهذه المرحلة على صعيد وضع التصورات، بخاصة أن السقف الأعلى للتوقعات يتحدث عن موجات هجرة بعشرات الاف العراقيين الى الاردن برا وعبر الصحراء.
ما الذي سيفعله الاردن لحظتها؟! هل سيغلق حدوده، وهل يقدر على ذلك؟! أم أنه سيقيم مخيمات جديدة للاشقاء العراقيين على طريقة السوريين؟! أم سيسمح لهم بالدخول الى المدن؟ أم سيقيم مخيمات دخولا في ارض العراق وتجربة الاردن مع السوريين مفيدة في هذا الصدد للتعلم منها قدر الإمكان؟!.
القصة ليست اثارة المخاوف ولا المبالغة، لكننا نتحدث عن وضع محتمل، وهذا احتمال ترتفع احيانا اسهمه وتنخفض مرات أخرى، ولعل سعي الأردن عبر اتصالاته مع بغداد من اجل معالجة سياسية عاقلة، وامنية محدودة خير من التفرج وانتظار نتائج هذا الملف الصعب على الاردن الذي يفيض بمن فيه، ويترنح تحت وطأة الاثقال والهموم السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية لمواطنيه قبل الاخوة والاشقاء!!.
مجرد رأي قابل للنقاش.
(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news