السقوط الحر ..
كيف وصلنا الى هنا؟ كيف تبدلت المواقف والمبادئ بهذه السرعة؟ كيف تستحيل الصداقات المتينة (..) بهذه البساطة الى خصومة دائمة لا تزول اثارها ابدا؟ ما قصة هذه الاقنعة التي سرعان ما تستبدل ويستعاض عنها بوجوه من الشمع المصمت الجاف، لا يحرجها شئ البتة، ولا تستحي من كتابة اقبح الكلم واشده تضليلا وتشويها للحقائق والوقائع؟
احد الكتاب استهجن "استغلال حالة المرونة التي تبديها أجهزة الدولة المختلفة في التعاطي مع الاضرابات التي تتسبب -على حد تقديره- بخلق حالة الفوضى في كبريات الشركات الأردنية"، هذا الكلام ربما مهد الطريق لتبني موقف حكومي اعرب عنه رئيس الوزراء عبدالله النسور في لقائه الاخير مع رؤساء تحرير الصحف اليومية بقوله "ان الحكومة تنوي منع الاعتصامات امام الوزارات والمؤسسات الحكومية"..
الصحيح ان بعض الكتاب في دفاعهم عن (..) لنقل الباطل مثلا، مستعدون لتأليب السلطة على الناس جميعا، مستعدون للقبول بالتنازل عن كامل الحقوق المدنية والسياسية التي كفلها الدستور للافراد والجماعات وذكرت بنصوص واضحة في الاتفاقيات والمعاهدات، مستعدون لكل شئ.. اي شئ..
في المحصلة النهائية وكنتيجة لتمكن السلطة وشعورها العميق بالقوة ونشوة النصر، الموظف المدني في بلادنا اليوم ممنوع من الكلام والاعتصام (كما يريد صاحبنا)، من الكتابة والقراءة، عليه ان ينفذ التعليمات والاوامر بصمت ودون تعليقات واشارات وايماءات فكلها مرصودة ومحسوبة في تقرير المدير (..) الذي قد يتسبب في الخسران العظيم. ومهما حاول الموظف الحكومي المحافظة على وظيفته فلا مفر من خسارته لنفسه وكرامته وانسانيته.. فهل هذا ما يريدون؟