jo24_banner
jo24_banner

"طاقة فرج"!

محمد أبو رمان
جو 24 : تم اعتقاله أكثر من مرّة. دفع أهله –محدودو الدخل- رشاوى وأموالاً طائلة لضباط الأمن والشرطة في سورية للإفراج عنه وتهريبه إلى الأردن. وصل إلى مطار الملكة علياء الدولي قبل أيام، ضمن طائرة تضم عشرات السوريين، وانتظر أغلبهم أكثر من 48 ساعة في ظروف صعبة، في البوابة رقم 7، بدون السماح لهم بدخول الأردن، وكان القرار بإعادة أغلبهم إلى سورية!
وقع عليه الخبر كالصاعقة! فمعنى ذلك أنّه لن يسلَم إلى التعذيب والجحيم، وربما القتل، بعد أن خسر أهله أغلب ما يملكون من مال دفعوه لزبانية النظام. وبعد جهود طويلة ووساطات عديدة من قبل سياسيين أردنيين مع المسؤولين، تمّ الاتفاق على استبعاد خياري الأردن وسورية، واختيار دولة أخرى!
هذه حالة من آلاف السوريين، كثير منهم جاء هرباً، لكن قراراً رسمياً اتخُذ بعدم إدخال السوريين إلى الأردن، كما كانت الحال في البداية، مع ارتفاع وتيرة جرائم النظام وحرب الإبادة التي يشنها هناك على الأشقاء. ويبرر مسؤولون ذلك بالقول: "لو وافقنا على عبور السوريين، فسنواجه يومياً آلاف اللاجئين، وسنكون نحن أمام كارثة اقتصادية وإنسانية"!
هي معضلة فعلاً أن نوازن بين واجبنا الأخلاقي والإنساني والديني والقومي من جهة، تجاه من يلجأون إلى الأردن من نار النظام هناك، وبين الظروف المحلية الصعبة، من بطالة وفقر وأزمة مالية خانقة، عجز ومديونية، ومحدودية الموارد المائية أصلاً، وقلة المصادر المالية التي تساعد على تأمين ظروف مناسبة لهؤلاء الأشقاء!
الخيار، في ظني، لا بد أن يكون انتصاراً للجانب الأول في المعادلة، فهذه قيمة الأردن تاريخياً وحضارياً وإنسانياً. هو دائماً الملجأ؛ عندما هرب الأشقاء من مجازر حماة في الثمانينيات، ثم مئات الآلاف من العراقيين بعد حرب الخليج 1991، وكان الأردن يعاني من أزمة اقتصادية صعبة جداً حينها، وكذلك بعد حرب العراق 2003، وفي أغلب الحالات كان الأردن خيار المستضعفين والهاربين بعائلاتهم وأسرهم.
من حق الدولة أن تأخذ بعض الإجراءات الاحترازية وأن تضع بعض الشروط، وأن ترصد حركة الهروب، لكن على ألاّ نغلق الباب في وجه من جاء إلينا يطلب السلامة لنفسه وعائلته، فمثل هؤلاء ستكون عاقبتهم إذا عادوا كبيرة لدى أمن النظام الدموي هناك.
من الضروري أن تكون هنالك خلية أزمة تعمل، بصورة دائمة، وألا تقتصر على بعض الرسميين، فيكون فيها قانونيون وخبراء سياسيون وحقوقيون، وتدرس بصورة معمّقة ومكثّفة ملف اللاجئين والضيوف السوريين، وخيارات التعاطي معه، مع استبعاد موضوع الترحيل إلى سورية، بخاصة للناشطين، لأنّنا نحكم عليهم بذلك بالتعذيب والإعدام.
المهم أن نكون "طاقة فرج" للأشقاء، لا أن نزيد معاناتهم، فأغلب السفارات العربية والغربية أغلقت أبوابها في العاصمة دمشق، وطردت الدبلوماسيين السوريين، والوضع في لبنان لم يعد آمناً لأغلبهم، فهم مضطرون لأن يكون الأردن محطة انتقالية لهم، لمراجعة السفارات المختلفة في عمان، للسفر إلى دولها، وهو ما يتطلب وضع خطة للتعامل مع هذه الحالة، تأخذ في الاعتبار الجوانب الإنسانية والقانونية بدرجة رئيسة، بل أعتقد أن على الأردن أن يعقد اجتماعاً هنا في عمان، يضم مسؤولين أمميين وعرباً ومرتبطين بالمنظمات الدولية، ويضعهم في صورة الوضع المأساوي للاجئين، ويطالبهم بالمساعدة على اتخاذ الخطوات اللازمة للحد من معاناتهم.
هذه المعاناة محدودة، وسينتهي النظام قريباً هناك، كل المؤشرات واضحة على ذلك، وسيعود الملايين إلى وطنهم الكبير، فلنكن خلال هذه الفترة أرض رحمة وأخوة، كما كنا دائماً، ولا ننكث في آخر اليوم غزلنا.
الغد
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير