jo24_banner
jo24_banner

غياب الحركة النقدية عن الساحة الغنائية

غياب الحركة النقدية عن الساحة الغنائية
جو 24 :

كثيرة هي لقاءات الفنانين والموسيقيين وبالتحديد المغنيين على أثير الإذاعات و شاشات الفضائيات، يتحدث أغلبهم عن حال (موسيقانا وأغانينا) في الوقت الراهن وعن الهوية والنقد وأهميته في حياتنا الفنية الماضي والمستقبل.


في البداية تشعر بكثير من الأمل وما أن يبدأ بالغناء أو الحديث عن الثقافة الأردنية حتى تصيبك الصدمة.


من الواضح أن حياتنا الفنية ما زالت تفتقر إلى الكثير من النضج والنمو على أساس علمي بعيد عن الارتجال والإدعاء والاستعراض، فالمفهوم الحديث للفنون يؤكّد أن تطورها يتبع منهج علمي متسق، يعمل على شحذ الموهبة، وبلورة الخيال وغير ذلك من العناصر التي يعتقد كثيرون في الأردن أنها لا تمت إلى العلم الإنساني بصلة، وقد أدّى هذا الاعتقاد إلى فتح الباب على مصراعيه للمدعين والمنتفعين كي يقتحموا مجالات الفن المتعددة وأهمها الغناء ويزاحموا فيها الأصلاء الذين رؤوا في الفن رسالة وحياة متكاملة كرّسوا لها وجودهم وجهدهم. ونظراً لخلو ميدان أغنيتنا الأردنية من الضوابط العلمية والمعايير الموضوعية التي تفرق بين الإدعاء والأصالة، فقد وجد المدعون في الغناء تجارة رابحة، ومنهم من يحمل مؤهلات علمية في الموسيقى، مثل هؤلاء انتشروا بأصوات ضعيفة لعدم وجود النقد العلمي الواعي الذي يكشف حقيقية أصواتهم وأدائهم .


ومادام هذا حال النقد الفني، فإننا نلتمس العذر للجمهور إذا ما أقبل على الأعمال الفنية الهابطة ظناً منه أنها النماذج الفعلية لما يكون عليه الفن.


وكما يقول علماء الجمال والتربية أن الفن تربية وتعوّد، ومن هنا كانت المعاناة القاسية التي يمر بها الفنّان الحقيقي حتى يصل بعمله الفني إلى أكبر قطاع ممكن من الجمهور، وأحياناً تتحول معاناته إلى مأساة عندما يفشل تماماً في الوصول إلى الجمهور نتيجة لاختناق المجال والساحة بالأعمال التي تدعي نمطاً معيناً وهي بعيدة كل البعد عنه. ولا شك أن جزءاً كبيراً من مأساة الفنان الجاد والحقيقي في الأردن يرجع إلى غياب الحركة النقدية، وغياب هذه الحركة لا يتمثل فقط الافتقار إلى الدراسات النقدية العلمية والمتابعة الصحفية والإعلامية لما يقدم بالفعل أو لما يمكن أن يقدم من أعمال فنية، بل يتمثل في غياب أبجديات النقد الفني التي تسعى إلى وضع التعريفات والمصطلحات المتبلورة.


وفي لجة هذا البحر المتلاطم فليس من الغرابة أن نرى ناقداً يستخدم تعريفات ومصطلحات في غير موضعها، ومن الطبيعي أن يستمر مثل هذا الناقد المدعي في تشويه معلومات جمهوره الذي يستمع إليه أو يقرأ له دون أي شك طالما أن أجهزة الإعلام والصحافة قد اعترفت به ناقداً بحكم العمل أو المهل.


ولكن هذا لا يعني أن حياتنا الفنية قد خلت تماماً من النقد الواعي والموضوعي، وأيضاً من الأصوات الجميلة والمواهب المبشرة بالخير، التي نتمنى أن تحظى بالدعم الحقيقي الصادق النابع من حب هذا الوطن والغيرة على حضارته وفكره وموروثه الغني لإيصال هذه الطاقات الى الجمهور.الراي

تابعو الأردن 24 على google news