jo24_banner
jo24_banner

كمًلت جميلك

ربا زيدان
جو 24 : يؤمن الكثيرون في مصر ومنهم على الاخص ممثلو حركة (كمًل جميلك) المؤيدة لوزير الدفاع عبدالفتاح السيسي، أن كرسي الرئاسة لن يملأه الا المشير، لكنني أميل الى الاعتقاد، كغيري من المصريين الذين مازالوا ينتظرون الافرازات الحقيقية للثورة، بأن السيسي قد( كمًل جميله) وانتهى الأمر، بعد استجابته - لمطالب الشارع - وازاحته للرئيس المنتخب محمد مرسي عقب فشله في اقناع المصريين بقدرته على ادارة مصر ما بعد الثورة.

ورغم أن أعضاء حركة ( كمًل جميلك) الذين يجمعون التواقيع المؤيدة لترشح السيسي يعملون دون توقف على حشد الرأي العام وتشجيع الناس على الاقتراع لصالحه، الا أنني أرى أن على المشير الاكتفاء بما جناه للحظة من مجد وعرفان شعبي، عوضاً عن الاستماع للأصوات التي تحثه على الترشح للرئاسة. فإن كان المشير حقا يريد الخير بمصر، فمن باب أولى أن يبتعد محافظاً على صورته البطولية و مفسحا المجال أمام المصريين لاختيار واحد منهم.

فرغم أن السيسي،والذي غدا بطلاً قومياُ عقب أحداث يوليو الماضي، يملك الكثير من الرصيد الشعبي الذي يدعم موقفه في حال أعلن عن ترشحه رسمياً، الا أنه سيعزز بخوضه سباق لرئاسة، الفكرة السائدة لدى الكثيرين عن ثبات جكم المؤسسة العسكرية دون غيرها وسيمنح المشككين في حكم الاخوان سببا آخر لنبذهم لسنوات طويلة قادمة.

وقد كان بمقدور المتابع للشارع المصري منذ عدة أيام أن يقطع جازماً بفوز السيسي، سواء جاء ذلك عبر استفتاء شعبي أو من خلال صنايق اقتراع، لكن ما فعله اليساري حمدين صباحي، مؤسس التيار الشعبي، باعلانه الترشح للرئاسة، قلب العديد من الموازين على الساحة الداخلية والخارجية. ولعلً أهم ما حققه هذا الاعلان الجرئ هو كسر الهالة شبه الالهية التي أضفاها المجتمع المصري على ( منقذهم) الذي جاء في بزة عسكرية.

كما أن ترشح صباًحي، والذي قدم في المرتبة الثالثة في الانتخابات الرئاسية السابقة، دفع العديد من أطياف المجتمع المصري المدني للتفكير من جديد في خوض غمار المنافسة الرئاسية، كما ضمن ألا تظهر نتائج الانتخابات المزمع اجراؤها في نيسان، نسخةً مكررةً عن سابقاتها التي حملت نسب نجاح تجاوزت 90%، وهذا في حد ذاته انتصار عظيم للشرعية الحقيقية ولصناديق الاقتراع التي دفع المصريون دمائهم للوصول إليها.

لا أعتقد أنه من الحكمة للمشير أن يعلن ترشحه الآن، فليس من مصلحة ( حامي الثورة) كما يطلق عليه البعض، أن يكرًس الحقب السابقة للحكم، فمن ناصر والسادات الى مبارك، بدا وكأن مصر، لا تحتفي الا بعسكري، وهذا ما ثار المصريون لتغييره في الأساس. إن أنبل ما يمكن أن يفعله المشير في الفترة القادمة هو التنحي تماماً عن الساحة السياسية، لتكشف مصر المدنية عن وجهها الجديد، ولتظهر دولة ديمقراطية، لا غلبة فيها لطيف على آخر، ولا تراجع فيها الى الوراء.

ان إعلان صبًاحي، الناصري الفكر والتوجه، ترشحه للرئاسمة من جديد، ليس غريباً عليه، فمؤسس حركة ( كفاية) التي امتازت بتجاوز الخطوط الحمراء وهدم حواجز الخوف منذ ظهورها في العام 2005 ، وحده، قادر على أخذ زمام المبادرة وتجاوز الماضي والمضي في تثبيت العملية الانتخابية حتى النهاية، إن إعلان صباحي الأخير يعد بحد ذاته تكريساً للديمقراطية، وتذكيراً للمصريين بالهدف الحقيقي لثورتهم، فحتى إن لم يصل إلى سدة الحكم، يكون صباحي قد نجح في ايصال رسالته الشعبية الى الجمهور الأوسع، رسالة مفادها: لم ندفع دمائنا لنعود الى عهود الاستبداد، نريد رئيساٌ مدنياً من الشارع وليس من الجيش، وهذا بحد ذاته انجاز يضاف الى رصيده، خصوصاُ إن ظهرت أسماء أخرى بأجندات حقيقية وخطط تنموية واضحة على الساحة الانتخابية.

ولعلّ ما قاله هيكل مؤخراً في آخر برامجه الحوارية يلخص ما يتطلع اليه المصريون المقبلون على مرحلة حاسمة من التغيير " الشعب المصري لا يبحث عن بطل، لكنه يبحث عن أمل".
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير