jo24_banner
jo24_banner

ليلة السكاكين

ماهر أبو طير
جو 24 : امضينا اسبوعا في تركيا، ومابين اسطنبول وانقرة، كانت لقاءات كثيرة مع شخصيات تركية سياسية ونيابية واعلامية بعضها يؤيد حزب العدالة الذي يتزعمه اردوغان، واخرون انشقوا عن حزب العدالة، ومابينهما كانت الانتخابات المحلية الاخطر في تاريخ تركيا.

كل التوقعات كانت تتحدث عن سقوط مروع لحزب العدالة ولاردوغان، اثر قضايا الفساد التي تم تفجيرها في وجه الرجل، وفضيحة التنصت الاخيرة، التي كشفت احتمال التدخل عسكريا في سورية، وخصوم اردوغان لم يتركوا وسيلة الا واستعملوها لاسقاط حزب العدالة في الانتخابات المحلية، التي تسبق الانتخابات الرئاسية في اب المقبل، وتسبق الانتخابات البرلمانية العام القادم.

من النائب السابق محمد شاهين، الذي كان يرأس لجنة الصداقة الاردنية التركية الذي سمعناه باهتمام بالغ وصولا الى ادريس يال النائب الحالي الذي انشق عن حزب العدالة الذي اتسم بالعصبية والتوتر وهو يشرح عداوته لاردوغان، ثم نائب تركي من جذر عربي احتد غضبا وابى اهانة اردوغان عبر وصفه بالدكتاتور رافضا ايضا مقارنته بأي زعيم عربي، كانت الخلاصات هامة للغاية.

قوس كبير من الحلفاء الذين تكتلوا ضد اردوغان بما في ذلك حركة الخدمة التي يترأسها فتح الله غولن والتي لها مئات الاف الانصار، وكانت كل الاعين تترقب يوم الانتخاب، باعتباره سيكون حاسما لمستقبل اردوغان الشخصي وحزبه ايضا.

تنزلت الصاعقة على رأس المعارضة التركية فالشعب التركي لم يمنح حزب العدالة نسبة ثمانية وثلاثين بالمئة كما في انتخابات الفين وتسعة بل عمد الى صب مزيد من الاصوات لصالح مرشحي حزب العدالة اي المرشحين الاسلاميين فقفزت النسبة الى مشارف الخمسين، فوق اقتحام حزب العدالة لمعاقل تاريخية كانت محسوبة لحزب الشعب الجمهوري ولغيره من احزاب.

هذا يعني ان اردوغان لم يسقط، ولربما يتم تفسير ذلك بكون الاتراك يشعرون بمظلومية الرجل، او ان هناك اختراقات في مؤسسة المخابرات كما يتردد تسعى للاطاحة به وسط الكلام عن وجود خمسة اجنحة تتصارع في المخابرات التركية وفقا لمنطوق مسؤول ملف العلاقة في الحكومة في حركة الخدمة كما سمعنا معه مباشرة.

الارجح ان تركيا الان، ستدخل مرحلة حساسة جدا، فخصوم حزب العدالة لديهم امتداد في المؤسسة الامنية والعسكرية، والمخاوف من تفجير الصراع وحرفه من سلميته الى جانب اخر يبقى واردا، وهذا يهدد استقرار تركيا، خلال الشهور الاربعة المقبلة.

ليلة اعلان النتائج تصح تسميتها بليلة السكاكين، فأردوغان يخطب ويهدد باخراج خصومه من جحورهم، وخصومه يخطبون ويتهددون وكنا ساعتها في ساحة تقسيم الشهيرة نرقب تدفق مدرعات الامن والجيش خوفا من المظاهرات.

في متحف فتح القسطنطينية، نتابع بشغف بالغ مشاهد مرسومة بشكل باهر حول معركة فتح القسطنطينية، اذ فتح المسلمون المدينة، والمؤكد هنا ان «ليلة السكاكين» التي اعلن فيها اردوغان سحق خصومه بهذه الطريقة، لاتختلف كثيرا عن فتح القسطنطينية، اذ جاءت بعد معارك بالغة في تركيا، ووسط شحن سياسي غير مسبوق، ولاتخفى اصابع الخارج في هذه المعركة الكبيرة.

يمكن وصف اردوغان بعد فوز حزبه بسلطان جديد، من سلاطين الدولة العثمانية، وهو يتحدث صراحة عن انصار الاسلاميين في فلسطين ومصر وغيرهما من دول عربية واسلامية، والمؤلم هنا حقا، ان يحدث التصادم بين حزب العدالة وحركة الخدمة التي تعد حركة اسلامية مستنيرة لها مئات المدارس والجامعات والمعاهد والمستشفيات، وأفق الصدام بينهما يشتد هذه الايام.

من هنا وحتى شهر اب المقبل، تدخل تركيا المرحلة الاخطر لان اردوغان وحزبه يريدون تطهير تركيا وفقا لمنطوقهم من كل خصومهم، فيما الخصوم لن يسكتوا، وهذه اللعبة، كمن يرقص على النار، والمهم ان تسلم ذات تركيا كبلد مسلم، ان لايستبدل الخارج حربه ضدها، بصراع داخلي يؤدي الى ذات النتيجة، على يد ابنائها.

الخلاصة:مادام حزب العدالة وزعيمه اردوغان خياراً للشعب التركي، فعلى الاخرين احترام هذا الخيار.

mtair@addustour.com.jo


(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news