هل هو دم أم ماء؟!
محمد أبو رمان
جو 24 : تعكس النكتة التي أطلقها النجم الأردني محمد القباني حجم الأسى في صدور الفنانين، عندما يتساءل فيما إذا كانت وثائق "ويكيليكس" تتضمن اعترافا لمسؤول أردني بوجود قرار بقتل الفن الأردني. وهو بالفعل شعور يعتمر قلوب أغلب أصدقائنا وزملائنا الفنانين الذين صمتوا كثيراً على حقوقهم المغتصبة من الدولة والحكومات المتعاقبة، وتأخروا عقوداً طويلة عن ضرورة الوقوف والاعتصام وقرع جدران الخزّان، ليقولوا للمسؤولين الرسميين إنّكم ارتكبتم -وما تزالون- جريمة كبيرة بحق الفن الأردني خلال العقود الماضية؛ فقد قُتل الفنان الأردني بدم بارد، وبلا شعور بنوع من أنواع المسؤولية.
خيمة اعتصام الفنانين كانت مهمة معنوياً للفنانين أنفسهم، ليشعروا بحجم الحب والوفاء والعرفان الذي تحمله صدور الجميع لهم، وبتأييدنا وتعاطفنا الكامل مع حقهم، ليس فقط في تأمين صحي أو رعاية لمطالبهم الأساسية، بل ومع دور حقيقي من الدولة -الجاهلة بوظيفتها ورسالتها- في حماية الفنان وتوفير سبل الإبداع له؛ فهو مصدر قوة الدولة الناعمة، وهو الرسالة الأكثر قوة وسطوة من الجيوش، وهو الإعلامي الحقيقي الذي يتجاوز تأثيره المقالة والخبر ونشرة الأخبار، لأنّه يبني مفاهيم وقيماً، ويجذّر صوراً، ويعبر إلى جميع شرائح المجتمع بظل خفيف، فيخلق رأياً عاماً من دون أن يكون فجّاً أو مباشراً!
ما حدث خلال الأعوام الماضية كان كفيلاً بإيقاظ ضمائر المسؤولين النائمة للتذكير بمعاناة الفنانين. إذ تدهورت أوضاع كثير منهم المالية، ولم يعودوا قادرين على تأمين علاجهم الصحي، وما يزال هنالك فنانون آخرون أمتعوا المشاهدين العرب أعواماً طويلة بأدوارهم وإبداعاتهم، يعانون إلى اليوم أحوالاً مالية وصحية واجتماعية سيئة، على عين الدولة وسمعها!
حتى الشركة الوحيدة التي يديرها طلال العواملة، ونجحت خلال الأعوام الماضية في مساعدة الفنانين على الخروج من حالة البطالة والحصار السياسي الذي حدث بعد حرب الخليج 1991، وما يزال أثره إلى اليوم، ما تزال إمكانات الشركة معطلة، ما شكّل الضربة التاريخية الثانية لمحاولات النهوض بالدراما والفن الأردنيين من جديد!
رغم كل ذلك؛ لا نجد من يحرّك ساكناً من المسؤولين، وكأنّ الدم الذي يجري في عروق كبار الساسة لدينا مزيف أو مجرد ماء!
ما نأمله من الزميل حسين الخطيب نقيب الفنانين، ألا يقبل بالوعود التي يسمعها من المسؤولين، ولا حتى من رئيس الوزراء نفسه، لإنهاء الاعتصام؛ إذ المطلوب اليوم أن تكون هذه الخيمة نقطة تحول حقيقية. فبدلا من أن يفكر المسؤولون أنفسهم بأهمية هذه القطاعات، ويقارنوا الحال بالدراما التركية والسورية والمصرية ودورها الفاعل في قوة الدول الناعمة، ينتهكون كرامة هذه الفئة منذ عقود!
الغد
خيمة اعتصام الفنانين كانت مهمة معنوياً للفنانين أنفسهم، ليشعروا بحجم الحب والوفاء والعرفان الذي تحمله صدور الجميع لهم، وبتأييدنا وتعاطفنا الكامل مع حقهم، ليس فقط في تأمين صحي أو رعاية لمطالبهم الأساسية، بل ومع دور حقيقي من الدولة -الجاهلة بوظيفتها ورسالتها- في حماية الفنان وتوفير سبل الإبداع له؛ فهو مصدر قوة الدولة الناعمة، وهو الرسالة الأكثر قوة وسطوة من الجيوش، وهو الإعلامي الحقيقي الذي يتجاوز تأثيره المقالة والخبر ونشرة الأخبار، لأنّه يبني مفاهيم وقيماً، ويجذّر صوراً، ويعبر إلى جميع شرائح المجتمع بظل خفيف، فيخلق رأياً عاماً من دون أن يكون فجّاً أو مباشراً!
ما حدث خلال الأعوام الماضية كان كفيلاً بإيقاظ ضمائر المسؤولين النائمة للتذكير بمعاناة الفنانين. إذ تدهورت أوضاع كثير منهم المالية، ولم يعودوا قادرين على تأمين علاجهم الصحي، وما يزال هنالك فنانون آخرون أمتعوا المشاهدين العرب أعواماً طويلة بأدوارهم وإبداعاتهم، يعانون إلى اليوم أحوالاً مالية وصحية واجتماعية سيئة، على عين الدولة وسمعها!
حتى الشركة الوحيدة التي يديرها طلال العواملة، ونجحت خلال الأعوام الماضية في مساعدة الفنانين على الخروج من حالة البطالة والحصار السياسي الذي حدث بعد حرب الخليج 1991، وما يزال أثره إلى اليوم، ما تزال إمكانات الشركة معطلة، ما شكّل الضربة التاريخية الثانية لمحاولات النهوض بالدراما والفن الأردنيين من جديد!
رغم كل ذلك؛ لا نجد من يحرّك ساكناً من المسؤولين، وكأنّ الدم الذي يجري في عروق كبار الساسة لدينا مزيف أو مجرد ماء!
ما نأمله من الزميل حسين الخطيب نقيب الفنانين، ألا يقبل بالوعود التي يسمعها من المسؤولين، ولا حتى من رئيس الوزراء نفسه، لإنهاء الاعتصام؛ إذ المطلوب اليوم أن تكون هذه الخيمة نقطة تحول حقيقية. فبدلا من أن يفكر المسؤولون أنفسهم بأهمية هذه القطاعات، ويقارنوا الحال بالدراما التركية والسورية والمصرية ودورها الفاعل في قوة الدول الناعمة، ينتهكون كرامة هذه الفئة منذ عقود!
الغد