jo24_banner
jo24_banner

أبناء الحجايا بين مستنقعات الأسيد ومخالب الفقر " صور"

أبناء الحجايا بين مستنقعات الأسيد ومخالب الفقر  صور
جو 24 :

تامر خرمه- لليوم الثالث والأربعين على التوالي، يواصل أهالي منطقة الحسا اعتصامهم المفتوح الذي امتدّ إلى قرية الوادي الأبيض في محافظة الكرك، حيث يعتصم أبناء عشيرة الحجايا لمطالبة الدولة بتوظيفهم، وحمايتهم من المكاره البيئيّة التي تهدّد أمنهم الصحّي، نتيجة محاصرة القرية بمنجميّ فوسفات ومصنع للأسمدة والكيماويّات.

قرية وادي الأبيض لا تعاني فقط نتائج الفاقة والبطالة كما يقول الأهالي، بل إن الهواء المشبع بالمواد الكيماويّة ومستنقعات الأسيد التي تحاصر القرية تهدّد كلّ أشكال الحياة في تلك المنطقة، التي كانت يوماً ما منطقة زراعيّة آمنة من وحشيّة الاستثمار وجشع رأس المال.

"لا ننال سوى على نفاياتهم".. يقول أهالي القرية مستهجنين تعريضهم للمخاطر الصحيّة الناجمة عن المخلّفات الكيماويّة، دون أن يتسنّى لأبناء القرية حتّى العمل في تلك المصانع التي تحاصرهم.

وكان مصنع الأسمدة والكيماويّات، الذي تحرسه قوّات الدرك، قد قرّر مؤخّراً فصل نحو 25 عاملاً من أبناء قرية وادي الأبيض بذريعة إعادة الهيكلة، لتقضم البطالة غالبية شباب القرية الرازحة بين مطرقة الفقر وسندان التلوّث البيئي.

ولا يخفي الأهالي غضبهم وهم يحدثونك عن المعاناة التي عليهم تحمّلها بسبب تواجد هذه المصانع على بعد ثلاثة كيلومترات فقط من منازلهم، ويعبّرون عن مطالبهم بعبارات مقتضبة من قبيل: "إذا ما كان علينا تنفّس مخلّفاتهم الكيميائيّة فمن حقّنا على الأقل أن نعمل في هذه المصانع والمناجم التي نعاني بسببها".

ويؤكّد الأهالي أنّه رغم وجود منجميّ للفوسفات ومصنع للأسمدة والكيماويّات حول قريتهم، بالإضافة إلى المصانع العديدة التي لا تبعد سوى بضعة كيلومترات عن مساكنهم، إلاّ أن الغالبيّة العظمى من شباب القرية مازالوا يعانون البطالة منذ سنوات.

"إذا تحمّلت المكوث حيث أسكن لمدّة خمس دقائق فقط إعدك بأن نزيل خيمة الاعتصام" يقول أحد المحتجّين لمتصرّف لواء القطرانة أكرم المجالي، الذي طلب حضور وفد من المعتصمين للاستماع إلى مطالبهم.

اللّافت أنّه نظراً للظروف الماديّة القاسية التي يعانيها أهالي وادي الأبيض، فإن ممثلي المحتجّين لم يكونوا قادرين على الوصول إلى متصرفيّة القطرانة، لولا أن قام مدير الأشغال في المنطقة بإيصالهم بسيّارة تابعة للمديريّة، كما يؤكّد وفد المعتصمين الذي استقبله المتصرف أكرم المجالي في مكتبه.

المجالي حاول خلال ذلك اللقاء إقناع الوفد بإزالة خيمة الاعتصام مقابل وعد بتوظيف أبناء القرية في شركة الفوسفات بعد إجراء إعادة الهيكلة، في حين أعرب الوفد عن رفضه للربط بين مطالبهم وخطّة إعادة هيكلة الفوسفات التي ستفضي إلى الإلقاء بالعديد من العاملين في المناجم إلى رصيف البطالة.

وأكّد وفد المعتصمين أنّهم يقبلون بأي عمل في أي مصنع أو شركة أو بلديّة مقابل أي أجر يقيهم ضنك العيش وشبح البطالة، مشدّدين على أن خيمة الاعتصام ستبقى مشيّدة حتّى تحقيق مطالبهم.

المجالي لم ينجح أيضاً في إقناع الوفد بإعطائه أسماء المعتصمين لتوظيفهم فور توفّر شواغر، حيث أعرب الوفد عن تشكّكه وعدم ثقته بالرسميّين نتيجة تجارب سابقة.

ورغم أن متصرف القطرانة أكّد خلال اللقاء أن المتصرفية هي جهة تنمويّة وليست أمنيّة فقط، إلاّ أن الوفد رفض الإفادة بأسماء المعتصمين، مكتفياً بتسمية "ضابط ارتباط" لتزويد المتصرفية بأسماء العاطلين عن العمل عند بدء الإجراءات الملموسة لتوظيفهم، في حين اشترط المتصرف ألاّ تشتمل الأسماء على أي متقاعد أو مواطن يتلقى معونة من وزارة التنمية الاجتماعيّة، وهو ما وافق عليه وفد المعتصمين.

Jo24 كان حاضرة خلال ذلك اللقاء الذي ارتكز على مسألتين، مطالبة المعتصمين بإزالة خيمتهم مقابل وعد بتوظيفهم مستقبلاً، ومطالبتهم كذلك بتزويد المتصرفية بأسماء المعتصمين، إلاّ أن وفد المعتصمين رفض كلا الأمرين، مشيراً إلى القمع البوليسي الذي تعرّض له أبناء الحجايا في وقت سابق عندما اعتصموا لذات الأسباب التي دفعتهم للاعتصام مجدّداً.

ولدى عودة Jo24 من متصرفية القطرانة إلى خيمة الاعتصام، رافقنا عدد من المعتصمين في جولة بين مستنقعات الأسيد التي تحاصر قريتهم، وكان اللافت في تلك الجولة هو مشهد أنابيب المياه التي تزوّد مصنع الأسمدة بمياه البئر الارتوازي في قرية وادي الأبيض، فمن جهة هيمن الجدب على كافّة الأراضي التي كانت مزارع في يوم ما، ومن جهة أخرى فإن مياه القرية الجوفيّة قد تصبح مشبعة بالأسيد الذي يتنفّسه أهالي القرية.

وفي طريق العودة إلى العاصمة عمّان، على بعد بضعة كيلومترات من لواء القطرانة، انتصبت لافتة تحذيريّة تؤكّد وجود "نفايات خطرة"، غير تلك النفايات التي تقتصر على الأسيد وغيره من المخلّفات الكيميائيّة، ولا ندري ما هي حقيقة السموم المدفونة هناك.

وكان وفد من اتحاد الشباب الديمقراطي الأردني قد زار المعتصمين في وادي الأبيض، مؤكّداً تضامنه ودعمه الكامل لمطالبهم المشروعة.

كما أكّد وفد الاتّحاد أن معاناة أهالي المناطق المهمّشة ناجم عن تصفية مؤسّسات الدولة وتغوّل القطاع الخاص، الذي عرّض أبناء الحجايا للسموم وحرمهم من حقّهم في العمل، إثر انسحاب الدولة من دورها الاجتماعي لصالح هذا القطاع.

وبدورهم استهجن أبناء الحجايا هذا الوضع الذي تمظهر بقيام قوّات الدرك بحماية الشركات الخاصّة وقمع المواطنين كلّما طالبوا بحقوقهم، مؤكدين أن على الدولة الالتزام بواجباتها تجاه المواطن وحماية أمنه الصحّي والاقتصادي.



..

..

..

..

..

..

..

..

..

..

..

..

..

..

..

..

..

..

..

..

..

..

..

..

..

..

..

..

..

..

..

..

..

..

..


.

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير