jo24_banner
jo24_banner

في "الوقت الضائع"!

محمد أبو رمان
جو 24 : تلويح النائب جميل النمري بالاستقالة، مع عشرين من زملائه، من مجلس النواب في حال تمّ تمرير مشروع قانون الانتخاب، الذي أعدته اللجنة القانونية، هذه الأيام، فضلاً عن أنّه موقف مشرّف ومحترم، فهو قبل هذا واجب وطني في محاولة إيقاف هذا القانون الفضيحة والجريمة بحق الوطن والمستقبل وسمعة مؤسسة مجلس النواب وقيمته الدستورية والسياسية.
من الواضح أنّ "الحرس القديم"، الذي عاد واختطف المشهد السياسي، ويريد أن يرسم المرحلة القادمة وفق عقليته التقليدية (منتهية الصلاحية!) سيورد البلاد إلى مرحلة أزمة مفتوحة متفجّرة. فهذا التيار، الذي يقود الحكومة الحالية، (ومعه مجموعة من السياسيين الذين ما يزالون خارج العملية الرسمية، لكنهم فاعلون ومؤثرون بنصائحهم المعروفة) يدفع بنا إلى سيناريو "حافة الهاوية"، مردّدا الفرضيات الخشبية والبائسة التي لم يستطع تطويرها ولا تغييرها خلال العقود الماضية.
لماذا ساعات خطيرة وحاسمة؟.. لأنّنا إذا انتظرنا إلى ما بعد إقرار قانون الانتخاب، ومروره بحلقاته الدستورية، وهو ما يفترض مطبخ القرار أن يتم قبل 26 الشهر الحالي، فإنّنا سنفقد الفرصة، حكومة ومعارضة ومجتمعا مدنيا ومواطنين، للوصول إلى تفاهمات حول القانون وإدارة المرحلة القادمة، ونترك المسار مفتوحا على احتمالات مختلفة، في ظل مؤشرات مقلقة:
أولاً؛ لدينا أزمة اقتصادية ومالية، وقرارات صعبة تم اتخاذها، ومزيد منها على الطريق، وهو مسار يتطلب تصليب الجبهة الداخلية وحمايتها، وبناء تفاهمات وتوافقات، وانفتاحا وحوارا. وما شهدته الجمعة الماضية من ارتفاع غير مسبوق في سقف الهتافات ما هو إلاّ رسالة مقلقة على عمق الفجوة بين القوى السياسية المختلفة والدولة، وأحسب أنّه ليس من مصلحة أحد أن يرتفع منسوب التوتر والشعارات أو أن نجد أنفسنا مع شهر رمضان أمام تطور خطير في حجم الحراك وحرارته.
ثانياً؛ من الواضح من ردود الفعل الأولية أنّ حجم المقاطعة لهذا القانون سيكون كبيرا جدا، وستتشكل جبهة كالكرة المتدحرجة، لتشمل قوى سياسية عديدة، بألوان مختلفة، وعندها سنعود لسيناريو 2010، وربما أسوأ، وإلى العقلية الرسمية نفسها التي بقيت تنتظر إلى أن "وقعت الفأس بالرأس"!
ثالثاً؛ إذا ما تمّ إقرار قانون الانتخاب الحالي، وأغلقت الأبواب أمام محاولات الوصول إلى تفاهمات وتوافقات، فإنّ البديل من الحوار أمام الجميع هو اختبار قوى ومكاسرة في الشارع، وهذه اللعبة خطرة، وإذا تم سابقا التلاعب بملف الانتماءات الاجتماعية، فإنّ استخدام اللعبة نفسها اليوم أخطر بكثير، بخاصة أنّ الهواجس المتبادلة والقلق والشعور بالتهميش والتجاهل أصبح حالة تستغرق الجميع، وهو ما يمكن ملاحظته من خلال انتشار نطاق الخطابات المتبادلة؛ ففي مقابل من يتحدثون عن الهوية الوطنية ودسترة قرار فك الارتباط وعن الحرمان الاجتماعي، صعد خطاب يتحدث عن المواطنة المتساوية وعن قلق القطاع الخاص من استهدافه وشيطنته، مقابل الإسراف في نفقات الحكومات!
رابعاً؛ إذا كان بعض المسؤولين ينظر فقط إلى "معادلة الخارج"، بعد أن وصلت تطمينات بأنّ الإدارة الأميركية لن تضغط على الأردن في موضوع الإصلاح السياسي! فإنّ المراقب لما يدور هناك يكتشف أنّ الصورة بدأت تتغيّر في الإعلام ومراكز التفكير ولدى مسؤولين في الإدارة الأميركية والكونغرس، وهو ما سيؤثر على المساعدات والعلاقة مع الولايات المتحدة، في حال برزت عملية المقاطعة بوصفها تشكيكا في مصداقية الإصلاح وجديّته في الإعلام الغربي!
الوقت تأخر كثيرا، تجاوزنا "ربع الساعة الأخير" إلى "الوقت الضائع"، وما نأمله أن يكون داخل دوائر القرار من يفكّر خارج صندوق "الحرس القديم" الذي يدفع باتجاه قانون "شبه الصوت الواحد"!
الغد
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير