البلطجة عنوان المرحلة
لميس أندوني
جو 24 : لن أتوقف مطولاً عند الانحطاط الأخلاقي الذي شاهده كل الأردنيين في مجلس النواب، فهو بلا شك اعتداء غادر ومدبر يثير القرف والاشمئزاز، لكن الأخطر هو ما تنذره البلطجة داخل البرلمان عن دخولنا في مرحلة جديدة من القمع ضد ، والاستهتار، ليس فقط بالمعارضة بل وبالمصلحة الوطنية والشعبية الأوسع على سواء.
من الواضح أن الحكومة مصممة على فرض قانونها الانتخابي بأية وسيلة كانت، فإن لم ينفع الترغيب لجأت إلى الترهيب؛ فكل الخيارات مفتوحة ولا يوجد رادع أو وازع وطني أو أخلاقي يقف في وجه الهدف الأكبر من تمرير قانون انتخابي يقضي على أي وجود - ولو رمزي - لمعارضة سياسية داخل مجلس النواب القادم أو حتى خارجه.
الصادم في المشهد هو الثقة الزائدة وغير المبررة لقوى الشد العكسي باستكانة الشعب الأردني، وبالتالي إحساسها بأنها تستطيع بكل سهولة أن ترفع الأسعار وزيادة شقاء المواطن والسعي المفضوح إلى مصادرة إرادته الحالية والمستقبلية، من دون أن تخاف من، أو حتى أن يمر في بالها، الخطر على استقرار البلاد وحتى النظام نفسه.
الحكومة تتصرف وكأنها على كوكب آخر بعيد سنوات ضوئية عن واقع الأردن ومظاهر التململ والتمرد، وحتى التفتيت والانفلات الأمني الذي أدى ويؤدي يوميا إلى مظاهرات واعتصامات، وإلى انتشار العنف المجتمعي بكافة أشكاله من اشتباكات عشائرية وطلابية إلى جرائم سرقة وقتل تهز الوجدان، في ما تبدو الحكومة في عالم افتراضي معزول لا يسمع ولا يرى.
في السابق كنا نعتقد أن الحكومات مغيّبة بفعل التقارير المغلوطة أو غير الدقيقة التي تصلها أو من بعض المقربين المنافقين أو من الأجهزة، فتحجب عنها الرؤية وإن لا تعفيها من المسؤولية والتقصير، لكن رؤية ما يجري في البلاد ، حتى في مناطق نائية وقرى مغمورة، أصبحت واضحة ، بالتفصيل والصوت والصورة، في وسائل الإعلام وعلى صفحات الشبكة العنكبوتية.
لكن يبدو أن الحكومات تتوهم أنها إذا تجاهلت الصور وأفلام الفيديو والشعارات ، فإنها جميعاً تصبح غير مرئية وغير مسموعة، بل وغير موجودة.
المشكلة أن لا أحد يستطيع ، مهما بلغت قوته، التعتيم على الواقع. فذاك العصر قد ولى.
وما لا تريد الحكومات الاعتراف به، يشاهده المواطن ويخزنه في عقله ووجدانه، وتكون هنا بداية الطريق إلى انفجار الغضب بشكل منظم أو سيادة الفوضى.
من الواضح أن الحكومة تُصدق أن الحراك الشعبي لا يمثل إلا القلة، وفي هذا قصر نظر سياسي على أقل تقدير، فحتى لو اختلف بعضهم، ولنفرض جدلاً اختلف الكثيرون، مع بعض شعارات الحراك أو أجزاء منه فالغالبية العظمى تؤيد فكرة الإصلاح والتغيير، بما تعنيه من احترام للحريات والتعددية و حق مساءلة الحكومات، عدا أن الأغلبية تأثرت بغلاء المعيشة، لأن نسبة قليلة جداً هي من حيث الثراء الوفير وبالتالي مُحَصَنة من ارتفاع الأسعار.
من الواضح أيضاً أن الرسالة من وراء تدبير الاعتداء على النائب جميل النمري هي أنه لن يكون هناك مرونة واحتمال لأي نوع من المعارضة، بالأخص لقانون الانتخاب، وبالتالي فإننا جميعا مستهدفون، فإذا كانت البلطجة هي ردة الفعل على ما يمارسه النمري من حقه كمواطن ونائب منتخب بوسائل سلمية ومشروعة، بما في ذلك حقه في التلويح بالاستقالة الاعتراضية من مجلس النواب، فما مصير الباقين؟
كل ذنب النمري أنه أعلن أنه لن يشارك في مهزلة تشريع تَغَول الحكومات وتزييف إرادة الشعب، فَتم إرسال البلطجي لضربه، محاولة لمنعه من الكلام أو حتى دخول مجلس النواب. إذ إنه محظور على النمري أن يقوم بدوره كنائب، لأن دور النائب أضحى محصوراً بتلقي التعليمات، لأن المواطن غير مرئي وغير موجود.
في المحصلة فإننا جميعاً غير مرئيين، لأننا مجرد أدوات وأرقام يجرى وضعها على الرف أو تكسيرها إذا لم تقم بدورها الوحيد المسموح به وهو الخنوع أو إخضاع المتمرد بيننا.
العرب اليوم
من الواضح أن الحكومة مصممة على فرض قانونها الانتخابي بأية وسيلة كانت، فإن لم ينفع الترغيب لجأت إلى الترهيب؛ فكل الخيارات مفتوحة ولا يوجد رادع أو وازع وطني أو أخلاقي يقف في وجه الهدف الأكبر من تمرير قانون انتخابي يقضي على أي وجود - ولو رمزي - لمعارضة سياسية داخل مجلس النواب القادم أو حتى خارجه.
الصادم في المشهد هو الثقة الزائدة وغير المبررة لقوى الشد العكسي باستكانة الشعب الأردني، وبالتالي إحساسها بأنها تستطيع بكل سهولة أن ترفع الأسعار وزيادة شقاء المواطن والسعي المفضوح إلى مصادرة إرادته الحالية والمستقبلية، من دون أن تخاف من، أو حتى أن يمر في بالها، الخطر على استقرار البلاد وحتى النظام نفسه.
الحكومة تتصرف وكأنها على كوكب آخر بعيد سنوات ضوئية عن واقع الأردن ومظاهر التململ والتمرد، وحتى التفتيت والانفلات الأمني الذي أدى ويؤدي يوميا إلى مظاهرات واعتصامات، وإلى انتشار العنف المجتمعي بكافة أشكاله من اشتباكات عشائرية وطلابية إلى جرائم سرقة وقتل تهز الوجدان، في ما تبدو الحكومة في عالم افتراضي معزول لا يسمع ولا يرى.
في السابق كنا نعتقد أن الحكومات مغيّبة بفعل التقارير المغلوطة أو غير الدقيقة التي تصلها أو من بعض المقربين المنافقين أو من الأجهزة، فتحجب عنها الرؤية وإن لا تعفيها من المسؤولية والتقصير، لكن رؤية ما يجري في البلاد ، حتى في مناطق نائية وقرى مغمورة، أصبحت واضحة ، بالتفصيل والصوت والصورة، في وسائل الإعلام وعلى صفحات الشبكة العنكبوتية.
لكن يبدو أن الحكومات تتوهم أنها إذا تجاهلت الصور وأفلام الفيديو والشعارات ، فإنها جميعاً تصبح غير مرئية وغير مسموعة، بل وغير موجودة.
المشكلة أن لا أحد يستطيع ، مهما بلغت قوته، التعتيم على الواقع. فذاك العصر قد ولى.
وما لا تريد الحكومات الاعتراف به، يشاهده المواطن ويخزنه في عقله ووجدانه، وتكون هنا بداية الطريق إلى انفجار الغضب بشكل منظم أو سيادة الفوضى.
من الواضح أن الحكومة تُصدق أن الحراك الشعبي لا يمثل إلا القلة، وفي هذا قصر نظر سياسي على أقل تقدير، فحتى لو اختلف بعضهم، ولنفرض جدلاً اختلف الكثيرون، مع بعض شعارات الحراك أو أجزاء منه فالغالبية العظمى تؤيد فكرة الإصلاح والتغيير، بما تعنيه من احترام للحريات والتعددية و حق مساءلة الحكومات، عدا أن الأغلبية تأثرت بغلاء المعيشة، لأن نسبة قليلة جداً هي من حيث الثراء الوفير وبالتالي مُحَصَنة من ارتفاع الأسعار.
من الواضح أيضاً أن الرسالة من وراء تدبير الاعتداء على النائب جميل النمري هي أنه لن يكون هناك مرونة واحتمال لأي نوع من المعارضة، بالأخص لقانون الانتخاب، وبالتالي فإننا جميعا مستهدفون، فإذا كانت البلطجة هي ردة الفعل على ما يمارسه النمري من حقه كمواطن ونائب منتخب بوسائل سلمية ومشروعة، بما في ذلك حقه في التلويح بالاستقالة الاعتراضية من مجلس النواب، فما مصير الباقين؟
كل ذنب النمري أنه أعلن أنه لن يشارك في مهزلة تشريع تَغَول الحكومات وتزييف إرادة الشعب، فَتم إرسال البلطجي لضربه، محاولة لمنعه من الكلام أو حتى دخول مجلس النواب. إذ إنه محظور على النمري أن يقوم بدوره كنائب، لأن دور النائب أضحى محصوراً بتلقي التعليمات، لأن المواطن غير مرئي وغير موجود.
في المحصلة فإننا جميعاً غير مرئيين، لأننا مجرد أدوات وأرقام يجرى وضعها على الرف أو تكسيرها إذا لم تقم بدورها الوحيد المسموح به وهو الخنوع أو إخضاع المتمرد بيننا.
العرب اليوم