أحمد قطيش الأزايدة
لميس أندوني
جو 24 : في الذكرى العشرين لوفاة النائب، ورئيس بلدية مادبا، أحمد قطيش الأزايدة نستذكر نموذجاً لسياسي ومفكر التزم نظرياً وعملياً باحترام والدفاع عن حقوق الإنسان ، لكننا خسرناه مبكراً لمرض لم يمهله و خطف منا من كان يحاول ويجاهد لإزالة أسباب الفرقة وحواجز التمييز بيننا.
لم يكن غريباً، أن تخرج جموع غفيرة لوداع أحمد قطيش الأزايدة، في جنازة مهيبة تمازجت خلالها أجراس الكنائس، مع تكبير الجوامع في مادبا مسقط رأسه؛ تعبيراً عن احترام إسلامي عبر عن تدينه بخلق كريم وعن انتمائه السياسي من دون تعصب فئوي ، فكان نشطاً وصادقاً في رفض الاعتقالات السياسية وتجني الأجهزة على أعضاء الأحزاب السياسية ، وفي حينها، كانت اليسارية منها تحديداً.
الأزايدة كان قيادياً في جماعة الإخوان المسلمين، ونجح كرئيس لبلدية مادبا عمل على خدمة ناسها ، وسعى إلى الحفاظ وتقوية أجواء التلاحم المجتمعي فكسب مسيحيي البلدة قبل مسلميها، مكسراً قيود مخاوف بدأت بالظهور مع فوز الإسلاميين في مجلس النواب في الانتخابات النيابية.
عرفت الأزايدة رئيساً للجنة الحريات في مجلس النواب، فقد لفت الأنظار بجديته في رصد ومتابعة قضايا حقوق الإنسان وعارض القمع بصراحة وبشجاعة، جعلته نائب أمة وليس حزباً بعينه.
كنت أزوره لمقابلته كمراسلة صحافية، وأحياناً كمواطنة، ربطتني بالأزايدة الإنسان، اهتمامات مشتركة، وللحديث عن الوضع وأفق التغييرات السياسية والاجتماعية بعد عودة الحياة النيابية، فوجدته نموذجاً مختلفاً، فلا تعصب في كلامه لكنه كان دائماً مهتما بتفاصيل حالات انتهاكات حقوق الإنسان،
أكتب اليوم عن الأزايدة ليس فقط من باب تكريم حياته، لكن لأننا في أمس الحاجة إلى الرؤية التي تبناها في فترة تعمق فيها الاختلاف بين العلمانيين والإسلاميين، واتسعت شكوك الكثيرين، ليس من المسيحيين فقط، بتوجهات الحركة الإسلامية بعد صعودها السياسي في معظم دول المنطقة،خوفاً من سيطرة نظرة دينية عصبوية ضيقة على سياساتها في حال وصولها إلى السلطة.
أنا لست من المتأثرين بل وأبغض الإسلاموفوبيا،أو الرهاب من الإسلام والمسلمين، وتحدثت وعملت مع آخرين على فضح نواياها من تبرير الحروب ودعم مطلق لإسرائيل ونهب لثروات المنطقة ومقدراتها، فالإسلاموفوبيا من آفات العصر، المصطنعة والمٌصَنعَة ، تم اختلاقها كأداة تعبئة استعمارية لشرعنة الظلم والقتل، في معتقلات غوانتانامو إلى العراق وأفغانستان وفلسطين وغيرها.
لذا لم يكن غريباً أن مجلة النايشن الأمريكية، كرست عدداً خاصا الأسبوع الماضي لتحليل تداعيات الإسلاموفوبيا على المجتمع الأمريكي وقوانينه وفردت صفحاتها لبعض حكايا الغبن والجرائم التي ارتكبت بحجة خطر الإسلام والمسلمين على سلامة أمريكا والعالم، تحت عنوان "الإسلاموفوبيا: تشريح الذعر الأمريكي"، فالإسلاموفوبيا غدت إيديولوجية خطيرة لحرب باردة وساخنة طحنت وستطحن ضحايا كثيرين تحت عجلة ماكينتها الضخمة.
ذلك لا يعني أن قيادات الحركة الإسلامية يستطيعون تجاهل المخاوف في مجتمعاتنا وأن عليهم أن يأخذوا القلق حيالها بجدية، فحتى لو كان هناك تأثير لبروبوغاندا الإسلاموفوبيا، فإن جزءا من الشكوك المجتمعية له علاقة بمخاوف من الخطاب السياسي والاجتماعي التعبوي لبعض الإسلاميين - ساسة وخطباء.
من هنا تزداد أهمية استحضار اتساع الأفق الإنساني الذي امتاز به أحمد قطيش الأزايدة، لأنه نموذج يتحدى الكثير من السياسيين والإسلاميين منهم وحتى العلمانيين لأن العصبوية لا تقتصر على تيار الإسلام السياسي.
أعترف أنني تأثرت وحزنت على وفاة الأزايدة، النائب الديمقراطي، كما وصفه الصديق الناشط سليمان صويص، في مقال رثاء في صفحة حقوق الإنسان التي كان يحررها في جريدة "صوت الشعب"، في حينها، لأن قضايا حقوق الإنسان والحرية تذكرنا بإنسانيتنا التي تضمحل أحياناً تحت تأثير ضيق التعصب للدين أو الفئوي أو العرقي أو الطبقي والسياسي.
كتبت أكثر من مرة ضد شيطنة وإقصاء الإخوان المسلمين، لأنه من غير الممكن أخلاقياً أن ندعو إلى التعددية من دون الالتزام بها، لكن المسؤولية نفسها تقع على قيادة الإخوان المسلمين ، خاصة على خطابهم الجماهيري التعبوي،الذي لا يخلو من إقصائية وعدم قبول بالآخر- وليكن أحمد قطيش الأزايدة هو النموذج وهو التحدي.
العرب اليوم
لم يكن غريباً، أن تخرج جموع غفيرة لوداع أحمد قطيش الأزايدة، في جنازة مهيبة تمازجت خلالها أجراس الكنائس، مع تكبير الجوامع في مادبا مسقط رأسه؛ تعبيراً عن احترام إسلامي عبر عن تدينه بخلق كريم وعن انتمائه السياسي من دون تعصب فئوي ، فكان نشطاً وصادقاً في رفض الاعتقالات السياسية وتجني الأجهزة على أعضاء الأحزاب السياسية ، وفي حينها، كانت اليسارية منها تحديداً.
الأزايدة كان قيادياً في جماعة الإخوان المسلمين، ونجح كرئيس لبلدية مادبا عمل على خدمة ناسها ، وسعى إلى الحفاظ وتقوية أجواء التلاحم المجتمعي فكسب مسيحيي البلدة قبل مسلميها، مكسراً قيود مخاوف بدأت بالظهور مع فوز الإسلاميين في مجلس النواب في الانتخابات النيابية.
عرفت الأزايدة رئيساً للجنة الحريات في مجلس النواب، فقد لفت الأنظار بجديته في رصد ومتابعة قضايا حقوق الإنسان وعارض القمع بصراحة وبشجاعة، جعلته نائب أمة وليس حزباً بعينه.
كنت أزوره لمقابلته كمراسلة صحافية، وأحياناً كمواطنة، ربطتني بالأزايدة الإنسان، اهتمامات مشتركة، وللحديث عن الوضع وأفق التغييرات السياسية والاجتماعية بعد عودة الحياة النيابية، فوجدته نموذجاً مختلفاً، فلا تعصب في كلامه لكنه كان دائماً مهتما بتفاصيل حالات انتهاكات حقوق الإنسان،
أكتب اليوم عن الأزايدة ليس فقط من باب تكريم حياته، لكن لأننا في أمس الحاجة إلى الرؤية التي تبناها في فترة تعمق فيها الاختلاف بين العلمانيين والإسلاميين، واتسعت شكوك الكثيرين، ليس من المسيحيين فقط، بتوجهات الحركة الإسلامية بعد صعودها السياسي في معظم دول المنطقة،خوفاً من سيطرة نظرة دينية عصبوية ضيقة على سياساتها في حال وصولها إلى السلطة.
أنا لست من المتأثرين بل وأبغض الإسلاموفوبيا،أو الرهاب من الإسلام والمسلمين، وتحدثت وعملت مع آخرين على فضح نواياها من تبرير الحروب ودعم مطلق لإسرائيل ونهب لثروات المنطقة ومقدراتها، فالإسلاموفوبيا من آفات العصر، المصطنعة والمٌصَنعَة ، تم اختلاقها كأداة تعبئة استعمارية لشرعنة الظلم والقتل، في معتقلات غوانتانامو إلى العراق وأفغانستان وفلسطين وغيرها.
لذا لم يكن غريباً أن مجلة النايشن الأمريكية، كرست عدداً خاصا الأسبوع الماضي لتحليل تداعيات الإسلاموفوبيا على المجتمع الأمريكي وقوانينه وفردت صفحاتها لبعض حكايا الغبن والجرائم التي ارتكبت بحجة خطر الإسلام والمسلمين على سلامة أمريكا والعالم، تحت عنوان "الإسلاموفوبيا: تشريح الذعر الأمريكي"، فالإسلاموفوبيا غدت إيديولوجية خطيرة لحرب باردة وساخنة طحنت وستطحن ضحايا كثيرين تحت عجلة ماكينتها الضخمة.
ذلك لا يعني أن قيادات الحركة الإسلامية يستطيعون تجاهل المخاوف في مجتمعاتنا وأن عليهم أن يأخذوا القلق حيالها بجدية، فحتى لو كان هناك تأثير لبروبوغاندا الإسلاموفوبيا، فإن جزءا من الشكوك المجتمعية له علاقة بمخاوف من الخطاب السياسي والاجتماعي التعبوي لبعض الإسلاميين - ساسة وخطباء.
من هنا تزداد أهمية استحضار اتساع الأفق الإنساني الذي امتاز به أحمد قطيش الأزايدة، لأنه نموذج يتحدى الكثير من السياسيين والإسلاميين منهم وحتى العلمانيين لأن العصبوية لا تقتصر على تيار الإسلام السياسي.
أعترف أنني تأثرت وحزنت على وفاة الأزايدة، النائب الديمقراطي، كما وصفه الصديق الناشط سليمان صويص، في مقال رثاء في صفحة حقوق الإنسان التي كان يحررها في جريدة "صوت الشعب"، في حينها، لأن قضايا حقوق الإنسان والحرية تذكرنا بإنسانيتنا التي تضمحل أحياناً تحت تأثير ضيق التعصب للدين أو الفئوي أو العرقي أو الطبقي والسياسي.
كتبت أكثر من مرة ضد شيطنة وإقصاء الإخوان المسلمين، لأنه من غير الممكن أخلاقياً أن ندعو إلى التعددية من دون الالتزام بها، لكن المسؤولية نفسها تقع على قيادة الإخوان المسلمين ، خاصة على خطابهم الجماهيري التعبوي،الذي لا يخلو من إقصائية وعدم قبول بالآخر- وليكن أحمد قطيش الأزايدة هو النموذج وهو التحدي.
العرب اليوم