jo24_banner
jo24_banner

لا احترام للفنانين

لميس أندوني
جو 24 : لست متأكدة كيف يمكن تحليل الإهمال الرسمي للفنانين ، ليس لإبداعاتهم فقط بل لحقوقهم كمواطنين، ربما لأن هناك إهمالا شاملا لحياة المواطن الذي لا يٌنظَر له كمواطن أصلاً – لا في الحقوق ولا حتى في الواجبات.

لا نستطيع قبول مقولة أن الفن ترف؛ أولاً لأنه جزء من حياة الإنسان منذ مرحلته البدائية، فأشكال التعبير الفنية هي جزء من رواية الشعوب والأوطان، عدا أنها، في أبسط وأرقى أشكالها سواء، حاجة نفسانية وروحية للإنسان من طفولته إلى كهولته.
ثانياً لأن المقولة فيها شيء من الزيف، إذ أن الحكومة لم تعط أولوية للخبز على حساب الفن، بل الحال يشهد على مرحلة من صعوبة متزايدة للطبقات الوسطى والفقيرة في توفير الحياة الكريمة بفضل سياسة رفع الأسعار والغلاء الذي يزداد شراسة.

الفنانون ليسوا استثناء، فقد وصل الأمر أن بعض الفنانين القدامى لم يجد ما يغطي نفقات فحوصاته الطبية اللازمة، ومنهم من لا يجد نفقات علاجه.

الفنانون، ونحن نتكلم عن من هم في مجال التمثيل والإخراج والإنتاج المسرحي والسينمائي، وجدوا أن فرص العمل أمامهم تضيق، فيما ملوا الوعود الرسمية لإيفائهم حقوقهم المستحقة وأولها شمولهم بالتأمين الصحي تحت مظلة وزارتي الثقافة والتعليم.

لجأ الفنانون كغيرهم من الأردنيين، إلى الاعتصام في مركز نقابة الفنانين في جبل اللويبدة، و يؤمهم يوميا خاصة في ساعات المساء المؤازرون من مواطنين ونقابيين وسياسيين ونشطاء - في حين هناك صمت رسمي كامل يوحي بعدم الاحترام ، والذي هو في لب المشكلة أصلاً.

فإذا كانت الجهات الرسمية لا تحترم الفن والفنانين، وهذا بذاته نقص حضاري، فعلى الأقل لتهتم في قطاع الفن كمشروع استثماري، وتركيا أصبحت مثالاً للاستثمار الناجح في تسويق إنتاجها التلفزيوني ، على الخصوص، فيما يصارع فنانونا في إيجاد فرصة عمل وتمويل لأقل المشاريع تكلفة.

وقد أثبتت أعمال كثيرة منها مسلسل 'الاجتياح'، الذي حصل على جائزة الإيمي الأمريكية، وهي الجائزة الأهم للأعمال التلفزيونية، وفيلم 'الكابتن رائد'، الذي حاز على تقدير عالمي، أنها أعمال تتميز في النوعية من حيث المستوى والتقنية والإبداع الفني، عدا عن تاريخ طويل لأعمال مهمة وممثلين كبار، مثل جميل عواد والمرحوم غسان مشيني وفيصل الزعبي وعبير عيسى وغنام غنام ومارجو آصلان وجولييت عواد - والقائمة تطول.

عدا أن الكثير من الفنانين الاردنيين، في كافة المجالات، يتم الاستعانة بخبراتهم في دول المنطقة، للتدريب وإدارة ورشات عمل، غير الذين ِشاركوا ويشاركون في أعمال عربية ضخمة وشهيرة، لكننا نبخسهم حقهم من التقدير ومن حقهم في إيجاد فرص العمل، فما قال لي فنان، 'أريد أن أعمل والفن حرفتي'.

نقابة الفنانين، لم تكتف بالشكوى بل قدمت دراسة جدوى، تبين، ليس فقط ما تحتاجه من دعم رسمي للإنتاج، لكن أيضاً المردود المالي المتوقع من تسويق الأعمال الأردنية، وأهميتها كقطاع اقتصادي منتج — لكن لا تجاوب.

بعض الفنانين استغرب مثلاً كيف يجرى الإعداد لفتح تلفزيون لوزارة الثقافة، بدلاً من الاهتمام بالتلفزيون الأردني وتقويته بما يسمح له باستعادة دوره السابق بإنتاج البرامج والمسلسلات، وهناك نصوص كثيرة جاهزة، وكأن التلفزيون الأردني لم يعد مؤسسة وطنية مهمة، وقد رفدت أهم المحطات العربية بكفاءات لم تجد في الأردن فرصة لإبداعها وتطورها.

في حوزة الفنانين اقتراحات عملية كثيرة، لكن ما من مجيب، فالاحترام ليس من سمة الحكومات عندنا .العرب اليوم
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير