بعد توزيعهم لشحنة اسماك متعفنة .."مافيات" تجارة اللحوم يظنون انهم فوق القانون!
كتب المحرر الاقتصادي - لا يقتصر الفساد في الاردن على سرقة المال العام ونهب مقدراته فحسب حيث للفساد اوجه عدة من شانها ضرب بنية المجتمع وتهشيم المنظومة القيمية والاخلاقية فيه .
الامن الغذائي لطالما كان السبب في اقالة ومقاضاة مسؤولين كبار في الدول المتقدمة التي تحترم مواطنها وتعتبر المساس به من المحرمات، اما في بلدنا فالصورة مختلفة تماما ، فكل الاخطاء مغفورة ومهما عظمت التجاوزات والتعديات على المال العام وعلى سلامة الناس فقلب نظامنا رؤوف رحيم (..) ، وحسنة قليلة ربما تمنع "بلاوي كثيرة " فلا مساءلة و لا محاسبة ولا هم يحزنون .
شركات كبرى لاستيراد اللحوم والمواشي سيطر عليها الجشع والطمع فها هي وسعيا لتعظيم المكاسب المادية ومضاعفة الارباح - لا يكفيهم ما هم فيه من نعيم - تستورد - مع شركات اخرى - شحنة ضخمة من الاسماك الاسبانية الفاسدة وتقرر توزيعها في الاسواق، وهي تعرف تماما ان الشحنة متعفنة يملؤها الدود وقامت عن سبق اصرار وترصد بتوزيعها في الاسواق والمولات . هذا الصلف والاستقواء واستسهال الاضرار بالناس دون اي رادع اخلاقي او ديني لا يحدث الا اذا كانت هذه الشركة وغيرها من رجال الاعمال على يقين بانها قادرة على احتواء ارتدادات كشف الموضوع ووقف الملاحقة قانونيا واعلاميا على الاقل ، وهذا عادة ما يحدث للاسف . ولكن ربما حانت الساعة التي يجب ان يفهموا فيها ان الاردن ليست مرتعا للسراق والفسدة وقطاع الطرق وصائدي الجوائز وتجار السحت والمال الحرام .
قضايا غذائية عديدة ابطالها اصحاب رؤوس أموال ضخمة وصل نفوذهم الى درجة انهم باتوا يتصرفون وكأنهم فوق القانون ، وانهم قادرون على قلب الحقائق وقلوب الرجال وشراء الذمم والمرور من اي ازمة بكل يسر وسهولة "يخرجون منها "كالشعرة من العجين" هذا ما يقولونه في مجالسهم المغلقة .
شحنة السمك الاسباني التي دخلت المملكة مؤخرا ثبت ان عدة شركات وعلى رأسها كبرى شركات استيراد اللحوم قامت بإدخالها الى البلد رغم رسوبها مخبريا.
وعلى غرار عمل العصابات والمافيات تمت المساومة على الشحنة بين اطراف مسؤولة وتلك الشركات بحيث طلب منها تحويل تلك الشحنات الى "سردين" وبيعه بالسوق المحلي الا ان تلك الشركات ابت الا ان تدخل الشحنة وتوزعها بالاسواق وهذا ما تم. هذا ليس مشهدا دراميا في فيلم هندي بطولة اميتاب بتشان هي قصة حقيقية حدثت بالاردن وابطالها رجال اعمال كبار وهؤلاء مستعدون لقتل الناس جميعا من اجل الربح المادي ..
وتمتلك الشركة المستوردة المشار اليها طرق واساليب التفافية تمكنها من جني المزيد من ارباحها غير عابئة بصحة المواطن من خلال ادخال الشحنة ومن ثم بيعها للمولات الكبرى التي بدورها تقوم باطلاق عروض خاصة لبيع تلك المنتجات بسرعة وبعيدا عن الرقابة فيقبل عليها المواطن اقبالا شديدا وبالتالي تنفذ من الاسواق بسرعة كبيرة وهذا عادة ما يحدث في الاوضاع الطبيعية بينما عندما تشتد الرقابة لسبب او لاخر تنتهج بعض المولات طريقة تعتبر اكثر دهاء حيث تقوم ببيع الكميات المعروضة من السلع لتجار الاسواق الشعبية الذين يقومون بتصريفها بسرعة فيما تبقى معارض كبرى الشركات المستوردة بعيدة عن الشبهات ولا تطالها المسؤولية وهذا ما حصل مع شحنة الاسماك الاسبانية الاخيرة.
مؤسسة الغذاء والدواء والتي تفاجأت بوجود تلك الشحنات في الاسواق المحلية وقامت بالتحرك فور علمها بالامر وباشرت بسحب تلك الكميات من الاسواق.
4 طن من الاسماك الفاسدة والتي تم اكتشاف "ديدان وعفن" بها في اربد و800 ك في الكرك و200 ك وسط العاصمة عمان ومادبا، تم مصادرتها جميعا من قبل كوادر المؤسسة العامة للغذاء والدواء فيما تبين ان باقي الكمية المستوردة والتي تزيد عن ٢٠٠ طن اما ان المواطن استهلكها او انها تعرض في اماكن شعبية لم تتمكن كوادر المؤسسة من الوصول اليها بعد .
التحقيقات الاولية كشفت ان الخلل لم يكن بطريقة العرض الا انه تم تحويل البائعين جميعا الى المدعي العام فيما نفد المستوردون من القضية (..) .
كيف دخلت الشحنة الى اراضي المملكة ؟ كيف تم تسويقها بعيدا عن الرقابة ؟ ولماذا قبل المستوردون تحمل كلفة الاتلاف ومن ثم الاتفاق مع المولات والتجار لبيع الكميات ؟ اسئلة على الحكومة والمؤسسات المعنية الاجابة عليها.
والسؤال الاهم موجه لاصحاب تلك الشركات "المافيات" : "الا يكفيكم ما جنيتموه من ارباح باحتكار الاسواق كل هذه السنوات . اما كفاكم متاجرة بأرواح الناس وصحتهم أم ان الشجع والطمع المدعوم من جهات مسؤولة اعمى قلوبكم؟!"
أما المواطن الأردني فلا حول له ولا قوة .. حكومتنا للاسف تتستر على هؤلاء وترفض تزويد الاعلام بوثائق تثبت تورطهم بقضايا خطيرة من هذا النوع ليضطر الاعلام للترميز وعدم استخدام اسماء الشركات واصحابها . دولتنا مطالبة اليوم بكشف هؤلاء (..) وملاحقتهم ومحاسبتهم والا سيثبت لنا تورط الجميع وتآمرهم على الناس وعلى الدولة حاضرها ومستقبلها والاجيال القادمة...