قبل أن ينطق الصمت!!
سالم الفلاحات
جو 24 : يخوض الخائضون كثيراً بحق وباطل، ونفع وضر، ويخلطون الحقيقة بالخيال والمعلومة بالظن والصدق بالكذب ويلعبون في الميدان وحدهم، والوحيد في الميدان شجاع مغرور وليس أمامه ما تقاس عليه قدراته. لا يكذب ادعاء الغَطْس والعوم إلا الماء العذب، ولا يكشف زيف الذهب كالنار شيئاً.
في الغالب الحكماءُ مُقِلون في الحديث؛ ولذا فكلماتهم حِكَمٌ تسير مسرى الأمثال والحكم، يصيغون القصة كلها بكلمة أو بكلمتين، لكنها تقطع قَوّل كل خطيب، وتظهر كل بضاعة على حقيقتها.
· يصمت هؤلاء طويلاً طويلاً حتى يملهم الصمت وَتظُنُّهم بُكْماً.
· إذا تمادى البعض ودلّس على الناس مرات ومرات ولم يجد من يوقفه عند حده، ليضع سيفه الخشبي في غمده، صدَّق نفسه وهو يعلم حقيقة ما يقول، وكان للناس من حوله فتنة إيما فتنة.
·أرأيتم ما أعظمها جريمة حين يبلغ الرجل درجة الكذب وتحري الكذب، وإن كان ما هو أقل منها تدمر المجتمع الصغير والكبير حين قال طبيب النفوس محمد صلى الله عليه وسلم: ما حَدّث رجل قوماً بحديث لم تبلغه عقولهم إلا كان فتنة عليهم.. أو كما قال عليه الصلاة والسلام: فما بالك بالكاذب؟
· امتلأ الجو ضجيجاً وتضاعف وتضخّم حيث خلا الميدان (لحميدان) يصول بلسانه ويجول، فيسكت الجاهل لأنه لا يملك المعلومة ويستبعد كذب المفوه النحرير، ويمسك العقلاء عن الحديث مع امتلاكهم ناصية الكلمة والحجة حرصاً على الماء من الخبث وعلى الأجواء من التلوث، اجتهاداً منهم ومبالغة في حفظ دم الحقيقة حتى لا تكون ضحية لسوء الفهم.
· لكنَّ لقيمَةِ الصمت حدوداً ومحددات وشروطاً ومقومات، فمن استنفذها كلها واستمر في الصمت فهو إلى خلق الشيطنة أقرب وإلى الشراكة في الجرم ألزم، سيما وتقرعه من يمين وشمال دواعي الاستيقاظ التي تردد «ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنّه آثم قلبه»، آثم قلبه فقد وصل الألم العصب الحساس ولم يبق متسع لفعالية المسكنات الخادعة.
· يباح لأبي حنيفة أنْ يمد رجله أمام البعض على جميل خلقه وعظيم صبره ورجاحة عقله عندما كانت الإشارة بالعين من طرف خفي والإشارة بإصبع اليد ثم باليد كلها لم تعد نافعة ولا كافية ولا معبّرة.
· من يتهم نفسه بالعقل ويوهم الناس بامتلاك الحقيقة وأخواتها يجب أن يتأكد أنّ في الحي رجالاً وفي القَعْدة (صُخورا).
· الطواحين الثقيلة تدور إن اشتد الريح.. فينكشف زيف قوتها وثباتها واستعصائها على الدوران بعد الوصول للحالة الحرجة من قوة الريح وقد وصلت..
·بئس الطعام (الموسى) وما أصعب الصبر عليه، فًبلْعُه ولفظه سواء ففي كلا الحالتين خسارة فإما أن يجرح الحلق وما فوقه ويشقها، وإما أن يمزق المعدة ويسطح الجوف..
بئس أهل عَرْصةٍ وبئس قومٍ أوصلوا بعضهم إلى استحلال أكل لحم الخنزير لكسر الجوع واستحلال شرب الخمر الحرام أم الخبائث لإطفاء نار العطش اضطراراً، والإثم كل الإثم لمن يكون هو السّبب تمادياً أو غفلة وإهمالاً.
لله دَركِ أيتها الأقلام الشفافة كم كتبتِ طهراً وصدقاً وإخلاصاً على السطور وبينها وتحتها فكأنما كتبت في الهواء في ليلة حالكة.
لله درك أيتها الألسن لقد أعلنتِ بكل لغة وهمست هَمْساً يكفي كل من كان له في عقله قلب يَقْظ صادق حَي ولمن كان له في قلبه عقل يحكم.
لكن من كان له عقل بلا قلب، ومن كان له قلب بلا عقل فهو من عوالم أخرى غير عالم البشر الكرام.
بقلم حَيِي، وبلسانٍ عَيِي يكتب البعض ويظنون أن هذا هو الهدي الذي تعلمناه في المدرسة المَرْضِيَّة.
السبيل
في الغالب الحكماءُ مُقِلون في الحديث؛ ولذا فكلماتهم حِكَمٌ تسير مسرى الأمثال والحكم، يصيغون القصة كلها بكلمة أو بكلمتين، لكنها تقطع قَوّل كل خطيب، وتظهر كل بضاعة على حقيقتها.
· يصمت هؤلاء طويلاً طويلاً حتى يملهم الصمت وَتظُنُّهم بُكْماً.
· إذا تمادى البعض ودلّس على الناس مرات ومرات ولم يجد من يوقفه عند حده، ليضع سيفه الخشبي في غمده، صدَّق نفسه وهو يعلم حقيقة ما يقول، وكان للناس من حوله فتنة إيما فتنة.
·أرأيتم ما أعظمها جريمة حين يبلغ الرجل درجة الكذب وتحري الكذب، وإن كان ما هو أقل منها تدمر المجتمع الصغير والكبير حين قال طبيب النفوس محمد صلى الله عليه وسلم: ما حَدّث رجل قوماً بحديث لم تبلغه عقولهم إلا كان فتنة عليهم.. أو كما قال عليه الصلاة والسلام: فما بالك بالكاذب؟
· امتلأ الجو ضجيجاً وتضاعف وتضخّم حيث خلا الميدان (لحميدان) يصول بلسانه ويجول، فيسكت الجاهل لأنه لا يملك المعلومة ويستبعد كذب المفوه النحرير، ويمسك العقلاء عن الحديث مع امتلاكهم ناصية الكلمة والحجة حرصاً على الماء من الخبث وعلى الأجواء من التلوث، اجتهاداً منهم ومبالغة في حفظ دم الحقيقة حتى لا تكون ضحية لسوء الفهم.
· لكنَّ لقيمَةِ الصمت حدوداً ومحددات وشروطاً ومقومات، فمن استنفذها كلها واستمر في الصمت فهو إلى خلق الشيطنة أقرب وإلى الشراكة في الجرم ألزم، سيما وتقرعه من يمين وشمال دواعي الاستيقاظ التي تردد «ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنّه آثم قلبه»، آثم قلبه فقد وصل الألم العصب الحساس ولم يبق متسع لفعالية المسكنات الخادعة.
· يباح لأبي حنيفة أنْ يمد رجله أمام البعض على جميل خلقه وعظيم صبره ورجاحة عقله عندما كانت الإشارة بالعين من طرف خفي والإشارة بإصبع اليد ثم باليد كلها لم تعد نافعة ولا كافية ولا معبّرة.
· من يتهم نفسه بالعقل ويوهم الناس بامتلاك الحقيقة وأخواتها يجب أن يتأكد أنّ في الحي رجالاً وفي القَعْدة (صُخورا).
· الطواحين الثقيلة تدور إن اشتد الريح.. فينكشف زيف قوتها وثباتها واستعصائها على الدوران بعد الوصول للحالة الحرجة من قوة الريح وقد وصلت..
·بئس الطعام (الموسى) وما أصعب الصبر عليه، فًبلْعُه ولفظه سواء ففي كلا الحالتين خسارة فإما أن يجرح الحلق وما فوقه ويشقها، وإما أن يمزق المعدة ويسطح الجوف..
بئس أهل عَرْصةٍ وبئس قومٍ أوصلوا بعضهم إلى استحلال أكل لحم الخنزير لكسر الجوع واستحلال شرب الخمر الحرام أم الخبائث لإطفاء نار العطش اضطراراً، والإثم كل الإثم لمن يكون هو السّبب تمادياً أو غفلة وإهمالاً.
لله دَركِ أيتها الأقلام الشفافة كم كتبتِ طهراً وصدقاً وإخلاصاً على السطور وبينها وتحتها فكأنما كتبت في الهواء في ليلة حالكة.
لله درك أيتها الألسن لقد أعلنتِ بكل لغة وهمست هَمْساً يكفي كل من كان له في عقله قلب يَقْظ صادق حَي ولمن كان له في قلبه عقل يحكم.
لكن من كان له عقل بلا قلب، ومن كان له قلب بلا عقل فهو من عوالم أخرى غير عالم البشر الكرام.
بقلم حَيِي، وبلسانٍ عَيِي يكتب البعض ويظنون أن هذا هو الهدي الذي تعلمناه في المدرسة المَرْضِيَّة.
السبيل