أثر التعديل الدستوري على القوانين المؤقتة؟؟
د. نوفان العجارمة
جو 24 : لقد طرح العديد من رجال الفكر والقانون سؤالا مهماً بشأن مصير القوانين المؤقتة في ظل تعديل نص المادة (94) من الدستور و التي أضافت حكماً مهماً يتعلق بمدة سريان هذه القوانين، حيث اشترطت وجوب إقرار هذه القوانين من قبل مجلس النواب خلال دورتين عاديتين متتاليتين من تاريخ إحالتها للمجلس ، فإذا انقضت هذه المدة وجب على مجلس الوزراء، وبموافقة الملك أن يعلن بطلان نفاذها فوراً.
أن أعمال قواعد التفسير، وبشكل يتوافق وإرادة المشرع ، يجعلنا نصل إلى نتيجة مفادها بان حكم هذه المدة ينسحب على القوانين المؤقتة التي تسن بعد تاريخ 1/10/2011 ، ولا يشمل حكم هذه المادة القوانين المؤقتة المعمول بها قبل نفاذ التعديل الدستوري( والتي يصل عددها إلى 75 قانون) ، وللأسباب و المبررات التالية:
1. أن المشرع الدستوري عامل القانون المؤقت معاملة القانون العادي من حيث قواعد النفاذ ، حيث يسري مفعول القوانين المؤقتة بالصورة التي يسري فيها مفعول القوانين بمقتضى حكم المادة (93) من هذا الدستور.
2. أن المشرع الدستوري وبموجب التعديل الدستوري لسنة 2011 وضع حكماً انتقالياً مفاده (( بقاء جميع القوانين والأنظمة وسائر الأعمال التشريعية المعمول بها في المملكة الأردنية الهاشمية عند نفاذ هذا الدستور نافذة إلى أن تلغى أو تعدل بتشريع يصدر بمقتضاه وذلك خلال مدة أقصاها ثلاث سنوات)) وقد تم تضمين هذا الحكم في المادة (128) من الدستور.
3. أن كلمة (القوانين) وعبارة (الإعمال التشريعية) الواردة في المادة (128) من الدستور تشمل دون شك القوانين المؤقتة .
4. أن الضابط الذي وضعه المشرع الدستوري في المادة (128) لغايات الاستفادة من الحكم الانتقالي هو أن تكون (القوانين والأنظمة وسائر الأعمال التشريعية) معمول بها في المملكة الأردنية الهاشمية عند نفاذ حكم التعديل الدستوري، وقد نفذ حكم التعديل الدستوري بتاريخ 1/10/2011. وقد كانت القوانين المؤقتة( والبالغة 75 قانون) معمول بها عند نفاذ التعديل الدستوري، ومن ثم فإنها تستفيد من الحكم الانتقالي والبالغ (3) سنوات.
5. أن الحكم الواردة في المادة (94) و القاضي وجوب إقرار القوانين المؤقتة من قبل مجلس النواب خلال دورتين عاديتين متتاليتين من تاريخ إحالتها إليه ، وإلا أعلن بطلان نفاذها ، يشمل القوانين المؤقتة التي تسن بعد تاريخ 1/10/2011 فقط ، و لا يشمل القوانين السابقة، إعمالا لقاعدة الأثر الفوري والمباشر للقاعدة القانونية ، فسريان القانون الجديد في الزمان له وجهان: وجه سلبي هو انعدام أثره الرجعي بحيث لا يملك المساس في المراكز القانونية التي نشأت في ظل القانون القديم. ووجه ايجابي أو أثره المباشر على المراكز القانونية السابق تكوينها والتي لم تكن بعد قد انقضت عند نفاذه إذا جاء معدلا لكيفية تكوين هذه المراكز، وحيث إن النص الدستوري لم يتضمن تعديلا يتعلق بالقوانين المؤقتة السابقة على صدور التعديل الدستوري، فيسري اثر هذا التعديل اعتبارا من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.
6. أن القيد الجديد الذي جاءت بها المادة (94) من الدستور- وهو وجوب إقرار القانون من قبل مجلس النواب خلال دورتين عاديتين متتاليتين- ينسجم و مضمون تلك المادة، لان الحالات التي تجيز إصدار قوانين مؤقتة نادرة الحدوث، وأصبح من السهل وضع قيد زمني لإقرار هذه القوانين تحت طائلة البطلان، ولا يمكن أن سحب هذا الحكم على القوانين المؤقت المتراكمة التي صدرت في ظل المادة (94) قبل التعديل .
7. وأخيرا، نقول أن النصوص الدستورية يجب أن تفسر بالنظر إليها باعتبارها وحدة واحدة يكمل بعضها بعضاً ، بحيث لا يفسر أي نص منها بمعزل عن النصوص الأخرى ، بل يجب أن يكون تفسيره متسانداً معها بفهم مدلوله بما يقيم بينها التوافق والنأي بها عن التعارض، فالأصل في النصوص الدستورية أنها تعمل في إطار وحدة عضوية تجعل من أحكامها نسيجا متآلفا مؤداه أن يكون لكل نص منها مضمون محدد يستقل به عن غيره من النصوص استقلالاً لا يعزلها عن بعضها البعض ، وإنما يقيم منها في مجموعها ذلك البنيان الذي يعكس ما ارتأته الإرادة الشعبية أقوم لدعم مصالحها في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، ولا يجوز بالتالي أن تفسر النصوص الدستورية بما يبتعد بها عن الغاية النهائية المقصودة منها ولا أن ينظر إليها بوصفها هائمة في الفراغ ، أو باعتبارها قيما مثالية منفصلة عن محيطها الاجتماعي. لذلك لا يجوز لنا أن نفرد حكماً خاصاً للمادة (94) من الدستور وبشكل يعزلها عن حكم المادة (128) من ذات الدستور .
المحامي الدكتور نوفان العجارمة
أستاذ القانون الإداري و الدستوري المشارك
كلية الحقوق – الجامعة الأردنية
Nofan.a@ju.edu.jo
أن أعمال قواعد التفسير، وبشكل يتوافق وإرادة المشرع ، يجعلنا نصل إلى نتيجة مفادها بان حكم هذه المدة ينسحب على القوانين المؤقتة التي تسن بعد تاريخ 1/10/2011 ، ولا يشمل حكم هذه المادة القوانين المؤقتة المعمول بها قبل نفاذ التعديل الدستوري( والتي يصل عددها إلى 75 قانون) ، وللأسباب و المبررات التالية:
1. أن المشرع الدستوري عامل القانون المؤقت معاملة القانون العادي من حيث قواعد النفاذ ، حيث يسري مفعول القوانين المؤقتة بالصورة التي يسري فيها مفعول القوانين بمقتضى حكم المادة (93) من هذا الدستور.
2. أن المشرع الدستوري وبموجب التعديل الدستوري لسنة 2011 وضع حكماً انتقالياً مفاده (( بقاء جميع القوانين والأنظمة وسائر الأعمال التشريعية المعمول بها في المملكة الأردنية الهاشمية عند نفاذ هذا الدستور نافذة إلى أن تلغى أو تعدل بتشريع يصدر بمقتضاه وذلك خلال مدة أقصاها ثلاث سنوات)) وقد تم تضمين هذا الحكم في المادة (128) من الدستور.
3. أن كلمة (القوانين) وعبارة (الإعمال التشريعية) الواردة في المادة (128) من الدستور تشمل دون شك القوانين المؤقتة .
4. أن الضابط الذي وضعه المشرع الدستوري في المادة (128) لغايات الاستفادة من الحكم الانتقالي هو أن تكون (القوانين والأنظمة وسائر الأعمال التشريعية) معمول بها في المملكة الأردنية الهاشمية عند نفاذ حكم التعديل الدستوري، وقد نفذ حكم التعديل الدستوري بتاريخ 1/10/2011. وقد كانت القوانين المؤقتة( والبالغة 75 قانون) معمول بها عند نفاذ التعديل الدستوري، ومن ثم فإنها تستفيد من الحكم الانتقالي والبالغ (3) سنوات.
5. أن الحكم الواردة في المادة (94) و القاضي وجوب إقرار القوانين المؤقتة من قبل مجلس النواب خلال دورتين عاديتين متتاليتين من تاريخ إحالتها إليه ، وإلا أعلن بطلان نفاذها ، يشمل القوانين المؤقتة التي تسن بعد تاريخ 1/10/2011 فقط ، و لا يشمل القوانين السابقة، إعمالا لقاعدة الأثر الفوري والمباشر للقاعدة القانونية ، فسريان القانون الجديد في الزمان له وجهان: وجه سلبي هو انعدام أثره الرجعي بحيث لا يملك المساس في المراكز القانونية التي نشأت في ظل القانون القديم. ووجه ايجابي أو أثره المباشر على المراكز القانونية السابق تكوينها والتي لم تكن بعد قد انقضت عند نفاذه إذا جاء معدلا لكيفية تكوين هذه المراكز، وحيث إن النص الدستوري لم يتضمن تعديلا يتعلق بالقوانين المؤقتة السابقة على صدور التعديل الدستوري، فيسري اثر هذا التعديل اعتبارا من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.
6. أن القيد الجديد الذي جاءت بها المادة (94) من الدستور- وهو وجوب إقرار القانون من قبل مجلس النواب خلال دورتين عاديتين متتاليتين- ينسجم و مضمون تلك المادة، لان الحالات التي تجيز إصدار قوانين مؤقتة نادرة الحدوث، وأصبح من السهل وضع قيد زمني لإقرار هذه القوانين تحت طائلة البطلان، ولا يمكن أن سحب هذا الحكم على القوانين المؤقت المتراكمة التي صدرت في ظل المادة (94) قبل التعديل .
7. وأخيرا، نقول أن النصوص الدستورية يجب أن تفسر بالنظر إليها باعتبارها وحدة واحدة يكمل بعضها بعضاً ، بحيث لا يفسر أي نص منها بمعزل عن النصوص الأخرى ، بل يجب أن يكون تفسيره متسانداً معها بفهم مدلوله بما يقيم بينها التوافق والنأي بها عن التعارض، فالأصل في النصوص الدستورية أنها تعمل في إطار وحدة عضوية تجعل من أحكامها نسيجا متآلفا مؤداه أن يكون لكل نص منها مضمون محدد يستقل به عن غيره من النصوص استقلالاً لا يعزلها عن بعضها البعض ، وإنما يقيم منها في مجموعها ذلك البنيان الذي يعكس ما ارتأته الإرادة الشعبية أقوم لدعم مصالحها في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، ولا يجوز بالتالي أن تفسر النصوص الدستورية بما يبتعد بها عن الغاية النهائية المقصودة منها ولا أن ينظر إليها بوصفها هائمة في الفراغ ، أو باعتبارها قيما مثالية منفصلة عن محيطها الاجتماعي. لذلك لا يجوز لنا أن نفرد حكماً خاصاً للمادة (94) من الدستور وبشكل يعزلها عن حكم المادة (128) من ذات الدستور .
المحامي الدكتور نوفان العجارمة
أستاذ القانون الإداري و الدستوري المشارك
كلية الحقوق – الجامعة الأردنية
Nofan.a@ju.edu.jo