هل يخلط مرسي "أوراقنا"؟
محمد أبو رمان
جو 24 : لا نحتاج إلى ذكاء لإدراك أنّ المزاج الرسمي الأردني كان يفضّل –وربما يراهن- على نجاح أحمد شفيق في انتخابات الرئاسة المصرية، بما يحمله ذلك من دلالات على صعيد انحسار موجة "الربيع العربي"، والعلاقة مع الشقيقة مصر، وكذلك "إخواننا" محلياً. إلاّ أنّ ذلك لا يعني -بالضرورة- موقفاً عدائياً أردنياً من الرئيس الجديد، بل والحكومة التي سيشكلها؛ إذ علينا أن ندرك أنّ المعادلة هنا مختلفة كثيراً عن التعامل مع فوز "حماس" في الانتخابات التشريعية الفلسطينية في العام 2006، وحكومتها التي لم تقابل حينها بارتياح أردني!
في الشارع الأردني، المشهد بدا مختلفاً.. أغلب القوى السياسية، حتى المناهضة للإخوان، شعرت بالارتياح لفوز مرسي، لتقطع الطريق على عودة النظام السابق وما تحمله من دلالات، فيما اكتفى الإخوان الأردنيون، الذين لم يستطيعوا مداراة مشاعر النشوة بالنصر التاريخي، والفرح الغامر، بحفل استقبال في المركز العام، وبتحضير وفد كبير لزيارة مصر لتهنئة الإخوان بهذا الإنجاز التاريخي المفصلي، بعد ما يزيد على ثمانية عقود من تأسيس الجماعة هناك، قضى قادتها أغلبها بين الزنازين وأعواد المشانق والمطاردات.. إلخ.
الصدى المحلي لفوز مرسي جاء مصحوباً لدى أغلب المراقبين بالتساؤل الرئيس حول ما إذا كان سيؤدي ذلك إلى إعادة خلط الأوراق في المعادلة الداخلية، بعد تفكك فرضية انتهاء الربيع العربي، مع تفكك فرضية بقاء النظام السوري أيضاً، وهشاشة فرضية تراجع الحراك؛ وهي القراءة التي بنى عليها "مطبخ القرار" الاستدارة، بالعودة إلى الحرس القديم وحكومة الطراونة وإحياء قانون الصوت الواحد في الانتخابات.
الأعين متّجهة خلال الساعات القادمة إلى حدثين أساسيين: الأول، هو استكمال الحلقات الدستورية لقانون الانتخاب بتوشيحه بالإرادة الملكية؛ والثاني، هو اجتماع شورى الإخوان الطارئ (يوم الخميس) بخصوص موقف الجماعة من الانتخابات القادمة. وربما الصوت المعارض لقانون الانتخاب الذي ارتفع خلال الأيام القليلة الماضية، واتسعت رقعته السياسية، قد يعني شيئاً لدى الدوائر العليا من القرار، إذا قرأت ذلك بتمعّن لمنح الدولة والمعارضة خيطاً من ضوء قبل الحسم بالمسار الحالي، وقبل إغلاق الباب نهائياً على المعارضة والقوى السياسية المختلفة.
في المقابل، فإنّ إبقاء مجلس شورى الجماعة الباب "موارباً"، وعدم إغلاقه على قرار المشاركة في اجتماع الخميس، سيساعد الطرفين، هم والدولة، على إعادة قراءة المرحلة القادمة بصورة موضوعية، والاستدراك نحو إبقاء فسحة من الأمل لإنقاذ الانتخابات من سيناريو العام 2010.
بالضرورة، فوز مرسي ليس العامل الحاسم في وضع التوقيع الأخير على قانون الانتخاب، ومصير الانتخابات القادمة، وملف التعامل مع الحراك؛ لكن العلاقة مع مصر مسألة مهمة جداً في ترسيم السياسات العامة للدولة. وإذا اتفقنا على حقيقة رئيسة وهي أنّ نجاح الانتخابات القادمة من مصلحة كل من الدولة والمعارضة، وتحديداً الإخوان، فإنّ الوصول إلى "وصفة" مسألة "تفاوض"، فهل بالفعل وصلنا إلى قناعة بعدم وجود أفق لمسار توافقي بعد مفاوضات معمّقة وشاقة، أم أنّنا ما نزال في طور التكهن والرسائل المتبادلة غير المباشرة، عبر الإعلام والوسطاء السياسيين، والأفكار المسبقة المعلّبة المحكومة بفجوة عدم الثقة بين الدولة والمعارضة بسبب تراكمات المرحلة السابقة؟!
قد يبدو سيناريو "خيط من ضوء" افتراضياً في اللحظة المتأخرة الحالية، لكنّنا نحاول أن نتفاءل بوقع إيجابي لنجاح الانتخابات الرئاسية المصرية على مسارنا الإصلاحي المتعثّر!"الغد"
في الشارع الأردني، المشهد بدا مختلفاً.. أغلب القوى السياسية، حتى المناهضة للإخوان، شعرت بالارتياح لفوز مرسي، لتقطع الطريق على عودة النظام السابق وما تحمله من دلالات، فيما اكتفى الإخوان الأردنيون، الذين لم يستطيعوا مداراة مشاعر النشوة بالنصر التاريخي، والفرح الغامر، بحفل استقبال في المركز العام، وبتحضير وفد كبير لزيارة مصر لتهنئة الإخوان بهذا الإنجاز التاريخي المفصلي، بعد ما يزيد على ثمانية عقود من تأسيس الجماعة هناك، قضى قادتها أغلبها بين الزنازين وأعواد المشانق والمطاردات.. إلخ.
الصدى المحلي لفوز مرسي جاء مصحوباً لدى أغلب المراقبين بالتساؤل الرئيس حول ما إذا كان سيؤدي ذلك إلى إعادة خلط الأوراق في المعادلة الداخلية، بعد تفكك فرضية انتهاء الربيع العربي، مع تفكك فرضية بقاء النظام السوري أيضاً، وهشاشة فرضية تراجع الحراك؛ وهي القراءة التي بنى عليها "مطبخ القرار" الاستدارة، بالعودة إلى الحرس القديم وحكومة الطراونة وإحياء قانون الصوت الواحد في الانتخابات.
الأعين متّجهة خلال الساعات القادمة إلى حدثين أساسيين: الأول، هو استكمال الحلقات الدستورية لقانون الانتخاب بتوشيحه بالإرادة الملكية؛ والثاني، هو اجتماع شورى الإخوان الطارئ (يوم الخميس) بخصوص موقف الجماعة من الانتخابات القادمة. وربما الصوت المعارض لقانون الانتخاب الذي ارتفع خلال الأيام القليلة الماضية، واتسعت رقعته السياسية، قد يعني شيئاً لدى الدوائر العليا من القرار، إذا قرأت ذلك بتمعّن لمنح الدولة والمعارضة خيطاً من ضوء قبل الحسم بالمسار الحالي، وقبل إغلاق الباب نهائياً على المعارضة والقوى السياسية المختلفة.
في المقابل، فإنّ إبقاء مجلس شورى الجماعة الباب "موارباً"، وعدم إغلاقه على قرار المشاركة في اجتماع الخميس، سيساعد الطرفين، هم والدولة، على إعادة قراءة المرحلة القادمة بصورة موضوعية، والاستدراك نحو إبقاء فسحة من الأمل لإنقاذ الانتخابات من سيناريو العام 2010.
بالضرورة، فوز مرسي ليس العامل الحاسم في وضع التوقيع الأخير على قانون الانتخاب، ومصير الانتخابات القادمة، وملف التعامل مع الحراك؛ لكن العلاقة مع مصر مسألة مهمة جداً في ترسيم السياسات العامة للدولة. وإذا اتفقنا على حقيقة رئيسة وهي أنّ نجاح الانتخابات القادمة من مصلحة كل من الدولة والمعارضة، وتحديداً الإخوان، فإنّ الوصول إلى "وصفة" مسألة "تفاوض"، فهل بالفعل وصلنا إلى قناعة بعدم وجود أفق لمسار توافقي بعد مفاوضات معمّقة وشاقة، أم أنّنا ما نزال في طور التكهن والرسائل المتبادلة غير المباشرة، عبر الإعلام والوسطاء السياسيين، والأفكار المسبقة المعلّبة المحكومة بفجوة عدم الثقة بين الدولة والمعارضة بسبب تراكمات المرحلة السابقة؟!
قد يبدو سيناريو "خيط من ضوء" افتراضياً في اللحظة المتأخرة الحالية، لكنّنا نحاول أن نتفاءل بوقع إيجابي لنجاح الانتخابات الرئاسية المصرية على مسارنا الإصلاحي المتعثّر!"الغد"