أسمع كلامك اصدق!
أكد رئيس الوزراء الدكتور فايز الطراونة أن "هنالك مزيدا من الفاسدين في طريقهم إلى القضاء، عقابا لهم على ما اقترفت أيديهم، وردعا لغيرهم من أصحاب النفوس المريضة". وأضاف في كلمته التي القاها في مؤتمر "دور سلطات العدالة الوطنية في تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد إننا "نؤمن بأن مكافحة الفساد ومحاربة الفاسدين واجتثاثهم وتقديمهم إلى العدالة، جزء مهم من عملية الاصلاح الشاملة في الأردن".
“الان فهمتكم،" عبارة قالها احدهم قبل رحيله عن السلطة. ما اعجبني بهذا المقام هو القدرة العالية لدولة رئيس الوزراء على الفهم وإن جاءت متأخرة كثيرا، فهو يستوعب أن محاربة الفساد واجتثاث الفاسدين هي جزء مهم من عملية الاصلاح. وبالفعل فإن محاربة الفساد هي ابرز مطالب الشارع، وكل المسيرات تطالب بزج الفاسدين خلف القضبان على ان يحاكموا محاكمة مدنية عالية.
ولكن ما لم يتمكن دولة الرئيس من استيعابه أن محاربة الفساد واجتثاثه من جذورة هو نتيجة لاصلاح سياسي شامل وحقيقي وهو أمر لا يقوى عليه ولا يرغب به رئيس الوزراء. فالقول أن عددا من الفاسدين في طريقهم الى القضاء سمعناه من رؤساء حكومات سابقين أكثر بأسا وأكثر جدية، ومع ذلك لم نرى فاسدا واحدا- وهم كثر يعرفهم ابناء الاردن واحدا تلو الآخر- خلف القضبان. يا دولة الرئيس زج كبار الفاسدين خلف القضبان يتطلب ارادة سياسية لم تتوفر عند حكومات سابقة، وهنا نتساءل ببراءة فيما إذا كان دولة الرئيس يعني ما قال أو لنقل إن كان استوعب ما قال؟
ربما يقصد الرئيس صغار الفاسدين، يعني على شاكلة موظف اختلس مبلغ صغير على أهمية وضع حد لهذه الظاهرة إن كانت موجودة، لكن هل يجرؤ الرئيس تحويل الفاسدين الكبار للمحكمة؟! لا نريد ان نتفائل كثيرا لأن الرئيس غير قادر، وهو معروف عنه بأنه yes man ما يعني ان الرئيس يتراجع عند أول هاتف.
وحتى نزيد دولة الرئيس من الشعر بيتا، نقول له أن وضع الفاسدين خلف القضبان يتطلب تمكين الشعب الاردني والمضي بالاصلاح السياسي غير ان حكومته قامت بتعطيل الأمرين معا، والأمران لايستقيمان، ولا يعقل أن يتمكن هو بمفردة ان يقوم بهذه المهمة الوطنية لأن الدولة باختصار لا تمتلك الارادة السياسية، ولا ينقصنا يا دولة الرئيس بطولات دونكيشوتيه في وقت يشعر الشارع به بالاحباط.