لماذا هي عنصرية؟
حلمي الأسمر
جو 24 : تصلح قصة المرحوم عبد الله الجاروشة أن تكون فيلما وثائقيا عن الذهنية العنصرية التي تحكم إسرائيل، وتمتد في مفاصل مؤسساتها كلها، ابتداء من القضاء وانتهاء بدار البلدية.
قد يقال هنا إن أحدا لا يحتاج لإثبات هذه الحقيقة الساطعة، فسجل إسرائيل زاخر بالسلوك العنصري، ولا نحتاج لقصة أخرى، تثبت ما تقول، ولكن مع هذا، لقصة عبد الله مغزاها الكبير، الذي يتعين علينا أن نبقيه ماثلا أمام أولئك الذين يتاجرون بعواطف البشر، ويحاولون أن يجعلوا هذا الكيان القاتل، جزءا من منظومة المنطقة العربية، ويتعاملون معه باعتباره كيانا «حضاريا» محترما، وهو نموذج حي لأكثر الصور بشاعة من صور «الإنسان» المتوحش، الذي لا يقيم قيمة لحياة البشر، فقط لأنهم فلسطينيون!
رئيس هيئة أركان جيش العدو بني غانتس، عين أخيرا العميد روني نوما قائدا لهيئة قيادة العمق في الجيش الاسرائيلي، على الرغم أن النيابة العامة للدولة والنيابة العامة العسكرية أقرتا أنه أجاز في 2001 عملية لقتل فلسطيني مخالفا بذلك أوامر إطلاق النار. وسيُرفع نوما الذي أُجيز تعيينه الأسبوع الماضي لرتبة لواء ويعمل أيضا قائدا لمعهد هيئة القيادة ومقر القيادة. الملف الجنائي للقاتل أغلق، رغم أن النيابة العسكرية قالت في قرارها أنه «لم يكن يمكن مسبقا إجازة إطلاق النار كما أُجيز». ولكن لم تتخذ أية خطوات تأديبية على المشاركين في ذلك.
وقعت الحادثة التي تنقلت لأكثر من عقد من الزمان بين أجهزة قضائية مختلفة، وتعود بدايتها إلى تشرين الاول 2001. فعلى أثر قتل رحبعام زئيفي سيطرت قوات من جيش الاحتلال في ذلك الشهر على مواقع على مشارف المدن الفلسطينية. وأقيمت الكتيبة 202 من المظليين بقيادة نوما على مشارف طولكرم. وتولى قيادة أحد المواقع قائد سرية اسمه أوفير وزعم أنه في كل يوم ولمدة اسبوع كان ثمة مواطن فلسطيني يوقف سيارته على نحو «مريب» بالقرب منهم ويتحدث بالهاتف. وفي جميع الأحوال كانت تُطلق النار على الموقع بعد المكالمة الهاتفية.
واستنتج أوفير أن ذلك الفلسطيني يوجه إطلاق النار على الموقع واستقر رأيه على «تحييده». فهاتف قائد الكتيبة نوما وطلب العمل، وأُدلي بعد ذلك بصيغ متناقضة تتعلق بالصورة الدقيقة للأمر العسكري الذي صدر عن نوما.
بقية مقال حلمي الاسمر
المنشور علي الصفحة الاخيرة
فقد زعم أوفير أن الامر العسكري كان تحييد ذلك الرجل حتى لو أدى ذلك إلى قتله. وقال قائد السرية في أول تحقيق معه: «ضغط على روني اسبوعا ونصف الأسبوع تقريبا لاعتقال الشاب. وطلبت إذنا بالقتل من روني. وتحدثنا في ذلك عدة مرات. وحصلت على إذن بعد عدة مرات لم يأذن فيها». وقال أوفير في تحقيق آخر: «طلبت آنذاك تحييده حتى بقتله. فقد كان من الضرورة تحييده».
بعد صدور الإذن بـ «التحييد» وفي الساعة السابعة صباحا، جاء الفلسطيني الى ذلك المكان مرة اخرى مع ابنه. وكان في السيارة ايضا أخته وزوجها وابناهما. وفي أحد المفترقات سدت مركبة مدرعة طريق السيارة التي استدارت ورجعت على أعقابها. وفي هذه المرحلة أمر أوفير قناصين بغطلاق النار فأصيب الفلسطيني برصاصة في ظهره ومات في المستشفى!
وتبين بعد اطلاق النار أن الفلسطيني هو عبد الله الجاروشة، وهو رجل اعمال يسكن مخيم اللاجئين طولكرم، كانت أخته تسكن في البيت المجاور لموقع الجنود. وكان جروشة يأتي كل صباح لزيارة أخته. وفي ذلك اليوم حمل جروشة أخته في السيارة وتحركا نحو قريب آخر. وحينما سدت المركبة المدرعة طريقهم استداروا ليعودوا الى البيت، وفسر الجنود ذلك السلوك بأنه هرب وأطلقوا النار على جروشة فأردوه قتيلا!
استمرت القضية في محاكم الاحتلال نحو عشر سنين، وكانت النتيجة تبرئة القاتل، او قل حفظ القضية، ومن ثم ترفيعه إلى رتبة لواء!
هذه هي إسرائيل، العنصرية، حيث تصبح إراقة الدم الفلسطيني، مدعاة للمكافأة!
الدستور
قد يقال هنا إن أحدا لا يحتاج لإثبات هذه الحقيقة الساطعة، فسجل إسرائيل زاخر بالسلوك العنصري، ولا نحتاج لقصة أخرى، تثبت ما تقول، ولكن مع هذا، لقصة عبد الله مغزاها الكبير، الذي يتعين علينا أن نبقيه ماثلا أمام أولئك الذين يتاجرون بعواطف البشر، ويحاولون أن يجعلوا هذا الكيان القاتل، جزءا من منظومة المنطقة العربية، ويتعاملون معه باعتباره كيانا «حضاريا» محترما، وهو نموذج حي لأكثر الصور بشاعة من صور «الإنسان» المتوحش، الذي لا يقيم قيمة لحياة البشر، فقط لأنهم فلسطينيون!
رئيس هيئة أركان جيش العدو بني غانتس، عين أخيرا العميد روني نوما قائدا لهيئة قيادة العمق في الجيش الاسرائيلي، على الرغم أن النيابة العامة للدولة والنيابة العامة العسكرية أقرتا أنه أجاز في 2001 عملية لقتل فلسطيني مخالفا بذلك أوامر إطلاق النار. وسيُرفع نوما الذي أُجيز تعيينه الأسبوع الماضي لرتبة لواء ويعمل أيضا قائدا لمعهد هيئة القيادة ومقر القيادة. الملف الجنائي للقاتل أغلق، رغم أن النيابة العسكرية قالت في قرارها أنه «لم يكن يمكن مسبقا إجازة إطلاق النار كما أُجيز». ولكن لم تتخذ أية خطوات تأديبية على المشاركين في ذلك.
وقعت الحادثة التي تنقلت لأكثر من عقد من الزمان بين أجهزة قضائية مختلفة، وتعود بدايتها إلى تشرين الاول 2001. فعلى أثر قتل رحبعام زئيفي سيطرت قوات من جيش الاحتلال في ذلك الشهر على مواقع على مشارف المدن الفلسطينية. وأقيمت الكتيبة 202 من المظليين بقيادة نوما على مشارف طولكرم. وتولى قيادة أحد المواقع قائد سرية اسمه أوفير وزعم أنه في كل يوم ولمدة اسبوع كان ثمة مواطن فلسطيني يوقف سيارته على نحو «مريب» بالقرب منهم ويتحدث بالهاتف. وفي جميع الأحوال كانت تُطلق النار على الموقع بعد المكالمة الهاتفية.
واستنتج أوفير أن ذلك الفلسطيني يوجه إطلاق النار على الموقع واستقر رأيه على «تحييده». فهاتف قائد الكتيبة نوما وطلب العمل، وأُدلي بعد ذلك بصيغ متناقضة تتعلق بالصورة الدقيقة للأمر العسكري الذي صدر عن نوما.
بقية مقال حلمي الاسمر
المنشور علي الصفحة الاخيرة
فقد زعم أوفير أن الامر العسكري كان تحييد ذلك الرجل حتى لو أدى ذلك إلى قتله. وقال قائد السرية في أول تحقيق معه: «ضغط على روني اسبوعا ونصف الأسبوع تقريبا لاعتقال الشاب. وطلبت إذنا بالقتل من روني. وتحدثنا في ذلك عدة مرات. وحصلت على إذن بعد عدة مرات لم يأذن فيها». وقال أوفير في تحقيق آخر: «طلبت آنذاك تحييده حتى بقتله. فقد كان من الضرورة تحييده».
بعد صدور الإذن بـ «التحييد» وفي الساعة السابعة صباحا، جاء الفلسطيني الى ذلك المكان مرة اخرى مع ابنه. وكان في السيارة ايضا أخته وزوجها وابناهما. وفي أحد المفترقات سدت مركبة مدرعة طريق السيارة التي استدارت ورجعت على أعقابها. وفي هذه المرحلة أمر أوفير قناصين بغطلاق النار فأصيب الفلسطيني برصاصة في ظهره ومات في المستشفى!
وتبين بعد اطلاق النار أن الفلسطيني هو عبد الله الجاروشة، وهو رجل اعمال يسكن مخيم اللاجئين طولكرم، كانت أخته تسكن في البيت المجاور لموقع الجنود. وكان جروشة يأتي كل صباح لزيارة أخته. وفي ذلك اليوم حمل جروشة أخته في السيارة وتحركا نحو قريب آخر. وحينما سدت المركبة المدرعة طريقهم استداروا ليعودوا الى البيت، وفسر الجنود ذلك السلوك بأنه هرب وأطلقوا النار على جروشة فأردوه قتيلا!
استمرت القضية في محاكم الاحتلال نحو عشر سنين، وكانت النتيجة تبرئة القاتل، او قل حفظ القضية، ومن ثم ترفيعه إلى رتبة لواء!
هذه هي إسرائيل، العنصرية، حيث تصبح إراقة الدم الفلسطيني، مدعاة للمكافأة!
الدستور