ثلاثة ألغام أمام هيئة مكافحة الفساد
ماهر أبو طير
جو 24 : غريبة هي إدارتنا لحياتنا، ففي الوقت الذي نشكو ليل نهار من الفساد وممارساته،التي أدت إلى غياب الثقة بين الدولة والناس، إلا اننا نتصرف بشكل مغاير تماما لكلامنا.
نريد محاربة الفساد، وعندما نكتشف فاسدا يمت لي بصلة قربى مباشرة، مثلا فأننا نثور غضبا لان الكلام عن هذا الفاسد يمس سمعة عائلتي، فيصير الفاسد محصنا،هنا، باعتبار ان هناك ملاذا اجتماعيا لن يسكت على اتهامه بالفساد.
كل فاسد هو بالضرورة من عائلة اخرى، غير العائلة التي تغضب لاجل نجلها، وهكذا نبدع بالكلام عن الفاسد،لكننا نعقد ألسنتنا عن الاسماء، فالكل يريد الفاسد، من خارج عائلته.
مع هذا فأن الكلام عن محاربة الفساد الكبير، لايلغي ممارسة اغلبنا لفساد صغير، من الرشوة الى الواسطة مرورا بالمحسوبية، وحتى تجاهل حقوق الناس ،وسرقة الماء او الكهرباء، او البحث عن مقعد جامعي او وظيفة بالواسطة، وغير ذلك من ممارسات.
لنعترف هنا،ان الفساد اذا كان حكراً على الكبار، فقد بات اغلب البقية يمارسونه ايضا بذرائع مختلفة، من تبرير الحاجة مرورا بالاحساس ان العدالة غائبة، وصولا الى اكتشاف بعضنا ان درب الفساد اكثر متعة وفائدة، واسرع من حيث الجدوى والنتيجة.
مناسبة الكلام ،مانسمعه كل فترة من هجوم على دائرة مكافحة الفساد، والهجوم عليها، متواصل ،منذ ان تأسست، البعض يراها منفرة للاستثمار، والبعض يريد ان يقول انها ضعيفة و مقصّرة، وآخرون يسألونها عن الذي انجزته؟!!.
بعضنا يرى انها شوهت سمعة البلد، باعتباره بلدا للفاسدين، والدوافع تختلط هنا،مابين المصلحة العامة، احيانا، وتصفية الحسابات في احيان اخرى، ومابينهما فأن الهيئة تحت مطارق كثيرين، ممن حسنت نواياهم، واولئك الذين يريدون التخلص من دورها.
نائب متمكنة ومحل احترام وتقدير تقترح تشكيل لجنة ثلاثية لمحاربة الفساد تضم البرلمان وديوان المحاسبة وهيئة مكافحة الفساد، واعتقد بصراحة ان نياتها الحسنة لاتكفي هنا، لتبرير هذا الشكل الجديد غير المنتج.
بقية مقال ماهر ابو طير
المنشور علي الصفحة الاخيرة
لجنة جديدة تعني المزيد من العراقيل والتشابكات، خصوصا، ان لاتداخل فعليا في الصلاحيات والادوار بين هذه المؤسسات،فلكل مؤسسة دورها، فلماذا يتم تذويب بعضها في بعض، ولماذا تصير القصة قصة صلاحيات اساساً؟!.
دور مكافحة الفساد هو الاهم،والهيئة امامها ثلاثة الغام تحد من قدراتها،القوانين،الارادة السياسية ثم الحماية الاجتماعية الانتقائية للفاسدين في بعض الحالات.
النواب والاعيان تعاموا مثلا عن قانون من اين لك هذا،وهو القانون الحقيقي بتعريفاته الاساسية، القادر على فتح ملفات الفساد في البلد، بدلا من انتظار الفاسد حتى يخطئ ،أو يقع في شر اعماله،فكيف ستعمل هيئة مثل مكافحة الفساد،اذا كانت تغطيتها القانونية منقوصة في اأاساس، وغير مكتملة هنا؟!.
كنا نتمنى من النواب اقرار القانون بتعريفه القديم، اي حق توجيه السؤال لكل ثري تثير امواله التساؤلات،وهذا يعني ان اولى الخطوات في محاربة الفساد، تأتي من داخل البرلمان، على صعيد التغطية القانونية ،وليس عبر اللجوء لوصفة لجنة تنسيقية لثلاث مؤسسات، واذابة بعضها ببعضها الاخر، في اعادة انتاج للمشكلة.
اللغم الثاني:الارادة السياسية، وهذه الارادة يجب ان تتوفر بشكل كامل لفتح ملفات كثيرة وحل عقدها واغلاقها،عبر الوصول الى نتائج نهائية، وعدم ترك هذه الملفات على المائدة لالف عام،فيما يتساءل الناس عن سر هذا الملف او ذاك دون نتيجة حصرية!.
ثالث الالغام يتعلق بالحماية الاجتماعية او توفر الملاذ الاجتماعي لاي شخص متهم،والملاذ الاجتماعي هنا يريد ليل نهار محاربة الفساد،لكنه لايعترف بفساد الفاسد اذا كان يمت له مثلا بصلة قربى، والحصانة الاجتماعية تحطم روح القانون وجدواه.
اذا كان كل واحد فينا يريد رأس فاسد من عائلة اخرى،فهذا يعني ان كل كلامنا عن محاربة الفساد مجرد شعار، لان الاصل ألاّ نحمي الفاسد ايا كانت صلتي به، او صلتك به، وتوفير الحماية الاجتماعية للفاسد امر مؤذ لسمعة من يوفرها.
كأننا هنا نتحدث عن فساد،ولا نعترف بأسماء الفاسدين،وهذا سحر عظيم، وكأن الفاسد شبح من خارج البلد، لا من داخله،وفي الاردن فساد، وليس فيه فاسدون!.
حتى يكتمل دور هيئة مكافحة الفساد بشكل جيد، لابد من نزع الالغام الثلاثة من طريقها، فوق تأمينها بالامكانات المالية والفنية والبشرية، وان نرحمها بدلا من اغراقها بآلاف الوشايات التافهة والصغيرة، وهي وشايات يتم قصف الهيئة بها ليل نهار، من جانب كثيرين يريدون الانتقام من فلان او علان، فيبرقون بفاكسات وايميلات مجهولة، وبلا مصدر، في سياق حرق وجوه بعضنا البعض بماء النار، باعتبار ان الاتهام بالفساد اسرع وسيلة لتصفية خصمك، والذي يطلّع على الوشايات الكاذبة يلمس منسوب الكراهية الدفين بين الناس عموما.
نريد من النائب المحترمة ان تعيد انتاج دعوتها واقتراحها بشكل جديد،فلا..نشكك بدوافعها،غير أننا أحببنا ان نعيد تذكيرها بأصل المشكلة، لا شكلها فقط.
الدستور
نريد محاربة الفساد، وعندما نكتشف فاسدا يمت لي بصلة قربى مباشرة، مثلا فأننا نثور غضبا لان الكلام عن هذا الفاسد يمس سمعة عائلتي، فيصير الفاسد محصنا،هنا، باعتبار ان هناك ملاذا اجتماعيا لن يسكت على اتهامه بالفساد.
كل فاسد هو بالضرورة من عائلة اخرى، غير العائلة التي تغضب لاجل نجلها، وهكذا نبدع بالكلام عن الفاسد،لكننا نعقد ألسنتنا عن الاسماء، فالكل يريد الفاسد، من خارج عائلته.
مع هذا فأن الكلام عن محاربة الفساد الكبير، لايلغي ممارسة اغلبنا لفساد صغير، من الرشوة الى الواسطة مرورا بالمحسوبية، وحتى تجاهل حقوق الناس ،وسرقة الماء او الكهرباء، او البحث عن مقعد جامعي او وظيفة بالواسطة، وغير ذلك من ممارسات.
لنعترف هنا،ان الفساد اذا كان حكراً على الكبار، فقد بات اغلب البقية يمارسونه ايضا بذرائع مختلفة، من تبرير الحاجة مرورا بالاحساس ان العدالة غائبة، وصولا الى اكتشاف بعضنا ان درب الفساد اكثر متعة وفائدة، واسرع من حيث الجدوى والنتيجة.
مناسبة الكلام ،مانسمعه كل فترة من هجوم على دائرة مكافحة الفساد، والهجوم عليها، متواصل ،منذ ان تأسست، البعض يراها منفرة للاستثمار، والبعض يريد ان يقول انها ضعيفة و مقصّرة، وآخرون يسألونها عن الذي انجزته؟!!.
بعضنا يرى انها شوهت سمعة البلد، باعتباره بلدا للفاسدين، والدوافع تختلط هنا،مابين المصلحة العامة، احيانا، وتصفية الحسابات في احيان اخرى، ومابينهما فأن الهيئة تحت مطارق كثيرين، ممن حسنت نواياهم، واولئك الذين يريدون التخلص من دورها.
نائب متمكنة ومحل احترام وتقدير تقترح تشكيل لجنة ثلاثية لمحاربة الفساد تضم البرلمان وديوان المحاسبة وهيئة مكافحة الفساد، واعتقد بصراحة ان نياتها الحسنة لاتكفي هنا، لتبرير هذا الشكل الجديد غير المنتج.
بقية مقال ماهر ابو طير
المنشور علي الصفحة الاخيرة
لجنة جديدة تعني المزيد من العراقيل والتشابكات، خصوصا، ان لاتداخل فعليا في الصلاحيات والادوار بين هذه المؤسسات،فلكل مؤسسة دورها، فلماذا يتم تذويب بعضها في بعض، ولماذا تصير القصة قصة صلاحيات اساساً؟!.
دور مكافحة الفساد هو الاهم،والهيئة امامها ثلاثة الغام تحد من قدراتها،القوانين،الارادة السياسية ثم الحماية الاجتماعية الانتقائية للفاسدين في بعض الحالات.
النواب والاعيان تعاموا مثلا عن قانون من اين لك هذا،وهو القانون الحقيقي بتعريفاته الاساسية، القادر على فتح ملفات الفساد في البلد، بدلا من انتظار الفاسد حتى يخطئ ،أو يقع في شر اعماله،فكيف ستعمل هيئة مثل مكافحة الفساد،اذا كانت تغطيتها القانونية منقوصة في اأاساس، وغير مكتملة هنا؟!.
كنا نتمنى من النواب اقرار القانون بتعريفه القديم، اي حق توجيه السؤال لكل ثري تثير امواله التساؤلات،وهذا يعني ان اولى الخطوات في محاربة الفساد، تأتي من داخل البرلمان، على صعيد التغطية القانونية ،وليس عبر اللجوء لوصفة لجنة تنسيقية لثلاث مؤسسات، واذابة بعضها ببعضها الاخر، في اعادة انتاج للمشكلة.
اللغم الثاني:الارادة السياسية، وهذه الارادة يجب ان تتوفر بشكل كامل لفتح ملفات كثيرة وحل عقدها واغلاقها،عبر الوصول الى نتائج نهائية، وعدم ترك هذه الملفات على المائدة لالف عام،فيما يتساءل الناس عن سر هذا الملف او ذاك دون نتيجة حصرية!.
ثالث الالغام يتعلق بالحماية الاجتماعية او توفر الملاذ الاجتماعي لاي شخص متهم،والملاذ الاجتماعي هنا يريد ليل نهار محاربة الفساد،لكنه لايعترف بفساد الفاسد اذا كان يمت له مثلا بصلة قربى، والحصانة الاجتماعية تحطم روح القانون وجدواه.
اذا كان كل واحد فينا يريد رأس فاسد من عائلة اخرى،فهذا يعني ان كل كلامنا عن محاربة الفساد مجرد شعار، لان الاصل ألاّ نحمي الفاسد ايا كانت صلتي به، او صلتك به، وتوفير الحماية الاجتماعية للفاسد امر مؤذ لسمعة من يوفرها.
كأننا هنا نتحدث عن فساد،ولا نعترف بأسماء الفاسدين،وهذا سحر عظيم، وكأن الفاسد شبح من خارج البلد، لا من داخله،وفي الاردن فساد، وليس فيه فاسدون!.
حتى يكتمل دور هيئة مكافحة الفساد بشكل جيد، لابد من نزع الالغام الثلاثة من طريقها، فوق تأمينها بالامكانات المالية والفنية والبشرية، وان نرحمها بدلا من اغراقها بآلاف الوشايات التافهة والصغيرة، وهي وشايات يتم قصف الهيئة بها ليل نهار، من جانب كثيرين يريدون الانتقام من فلان او علان، فيبرقون بفاكسات وايميلات مجهولة، وبلا مصدر، في سياق حرق وجوه بعضنا البعض بماء النار، باعتبار ان الاتهام بالفساد اسرع وسيلة لتصفية خصمك، والذي يطلّع على الوشايات الكاذبة يلمس منسوب الكراهية الدفين بين الناس عموما.
نريد من النائب المحترمة ان تعيد انتاج دعوتها واقتراحها بشكل جديد،فلا..نشكك بدوافعها،غير أننا أحببنا ان نعيد تذكيرها بأصل المشكلة، لا شكلها فقط.
الدستور