شارع الوكالات بين قرارات الأمانة وكلفة الصيانة
منار حافظ - لا شكّ أن حسن الإدارة والتخطيط للمشاريع تجنّب صاحبها كثيرا من التكاليف، أو على الأقل لا توقعه في الخسائر.. ذلك أمر معلوم؛ فهو من مبادئ الإدارة التي يدرسها الدارسون ويعيها العاملون في المواقع الإدارية.
ويبدو شارع الوكالات في عمان مثالا على حالة سوء الإدارة والتخطيط التي تعيشها الجهة المشرفة عليه، وهي أمانة عمان؛ فالشارع الذي تم إنشاؤه ليحاكي بمظهره شوارع أوروبا ويضم فيه المحال التي تبيع الماركات العالمية، لم يعد كذلك؛ فأمين عمان عقل بلتاجي قرر جرف كل "الانترلوك" الذي يغطي الشارع والذي كلّف خزينة الأمانة نحو 220 ألف دينار وفق المعلومات الواردة، وصبّ "إسفلت" على جزء من تلك المساحة لتسير عليه المركبات ومن ثمّ إعادة فرش باقي المساحة "بالانترلوك"، ما يعني أن تلك الخزينة المنهكة أصلا ستتحمل ربما 220 ألف أخرى وربما أكثر.
صحيح أن فتح الشارع أمام حركة المركبات كان مطلبا للتجار في ذلك الشارع، لكن حقيقة مطلبهم جاءت نتيجة حالة الانحلال الأخلاقي التي يعيشها الشارع والذي رأى التجار أن فتحه أمام حركة المركبات سيقلل من وجود المراهقين الذين يفتعلون المشاكل، وتلك الحالة يمكن إنهاؤها برقابة أمنية وتطبيق حازم للقانون على المتحرشين. وحتى لو كان الأمين يرى ان فتح الشارع أمام حركة المركبات هو الأفضل فكان بإمكانه فعل ذلك دون أن يكلف خزينة الأمانة كل تلك المبالغ ويكتفي بتحديد مسار المركبات على "الانترلوك" نفسه، تماما كما في "شارع الرينبو" بجبل عمان أو شوارع أوروبا التي يسافر إليها ضمن برامج "المحاكاة" الكثيرة التي توقعها الأمانة.
خزينة متهالكة.. 200 ألف تلقى هنا و 100 مليون تضيع هناك.. وعمان في جنوبها وشرقها تئن من نقص الخدمات الأساسية وتسلّخ شوارعها وتكسّر أرصفتها والأمين لا يهتم ولا يبالي.. ويرى ظاهر مطالب التجار أولى من غيرهم، وربما ذلك لانتمائه لطبقة أخرى غير تلك الموجودة في شرق وجنوب العاصمة البائسة، أو لسوء التخطيط والادارة التي لا تميز في الأولويات بين الضرورات والمكملات.
ورغم تأكيدات مدير المدينة في أمانة عمان، م. فوزي مسعد، بأن ما تمت ازالته من الشارع -الذي تنتهي صيانته مطلع الشهر القادم- سيستخدم في مشاريع أخرى، وأن كلفة "الإزالة" بلغت ألفي دينار لاستخدام الأمانة الجرافات في العملية، إلا أن السؤال الأكثر إلحاحا والذي لا نجد له جوابا مقنعا هو: ألم تكن الدراسات السابقة قد أوضحت عدم أهمية شق شارع للسيارات؟ لماذا الآن أصبحت هذه الصيانة المفاجئة ضرورة؟ وهل هي أولوية؟!