خدمات الانترنت بين ضعف الرقابة الحكومية وجشع الشركات
أحمد الحراسيس - قد لا يعلم المواطن البسيط انه أحد ضحايا عمليات النصب الكثيرة التي يتعرض لها الأردنيون بشكل يوميّ أو شبه يومي، وربما يحتاج لاكتشاف عملية الاحتيال تلك لصدفة ربانية، أو مختصّ بهذا الملف أو ذاك.
وبعيدا عن الاحتيال والمحتالين، فإن أحد أوجه استنزاف جيب المواطن البسيط تكون بالاعلانات الوهمية التي تعرضها محال تجارية مختلفة، وقد يتعدى الأمر ذلك، فتجد شركات كبرى تستنزف تلك الجيوب المهترئة أصلا بعقود إما مضللة أو يصعب على المواطن العادي التحقق من الالتزام بها، وتبدو بعض شركات الاتصال كذلك، بخاصة فيما يتعلق باشتراكات خدمة "الانترنت".
المشهد متكرر مع كثير من مشتركي خدمة الانترنت في الأردن، ويبدأ بالتوجه إلى الشركة المزودة، والتي تستقبل العميل أيّما استقبال لحين "تورّطه" بتوقيع العقد. ويبدأ بعدها "العميل" بالمعاناة الاضافية؛ فالاشتراك "الباهظ" يبدو أقل من الجودة المتفق عليها! وذلك ما حدث مع أحد مشتركي الخدمة من "أمنية" والذي رفض الصمت أو التنازل عن حقه المنصوص عليه في عقده مع الشركة.
تفاصيل الواقعة "المتكررة" تعود إلى نحو عام مضى، عندما توجه صاحب الشكوى إلى شركة أمنية للاشتراك معهم بخدمة الانترنت الذي اتفقوا على ان تكون سرعته "3-ميغا" إلا ان ذلك البند ظلّ حبرا على الورق فقط ولم تلتزم به الشركة، وكان العميل يدفع بدل اشتراك "3-ميغا" ولا يحصل على أكثر من "1-ميغا" أحيانا قليلة وغالبا "0.5 -ميغا"، وهو ما دفعه حينها للتقدم بشكوى رسمية لدى خدمة العملاء في الشركة نفسها، لكن لم يتم الاستجابة "الشكلية" لها إلا بعد نحو ستة أشهر، حيث تذرّعت الشركة بحجج لم تقنع صاحبنا ولم يتم حل المشكلة كما يجب.
ولعلمه ان مؤسسة رسمية معنية بحماية المشترك من تغول وتمادي تلك الشركة ومثيلاتها، توجّه صاحب الشكوى إلى هيئة تنظيم قطاع الاتصالات طالبا حمايته من تعدي الشركة على حقه، وراسل مدير الهيئة، م. محمد الطعاني والذي استجاب للشكوى وطلب من الشركة تصويب وضع المشتكي، لكن يبدو ان الشركة استجابت لأمر الطعاني ظاهريا فأصلحت الخلل وصوّبت الوضع لمدة أسبوع واحد فقط، قبل ان يعود الحال لما كان عليه سابقا وأسوء، فقد انخفضت السرعة من 3-ميغا إلى 0.1 ميغا أحيانا أو 0.3 ميغا غالبا، وهو ما دفع العميل لتكرار شكواه أمام هيئة تنظيم قطاع الاتصالات والتي لم تبدي تجاوبا في هذه المرة.
المشتكي، وهو خبير في مجال الاتصالات والشبكات وشركات الانترنت، أوضح خلال حديثه لـJo24، ان مجموع أرباح شركات الاتصال جراء تلك التجاوزات التي يعانيها معظم الأردنيون البسطاء قد تصل في مجموعها إلى 200 مليون دينار، معتبرا ذلك بمثابة التعدي على جيوب المواطنين الفقراء الذين تفرض عليهم تطورات الحياة الاشتراك بخدمة الانترنت لقضاء أعمالهم.
وأوضح، ان واحد من الأساليب التي تتبعها بعض شركات الانترنت في بلادنا العربية، هو تقسيم العملاء إلى شرائح، احداها مخصصة للمواطن البسيط وتكون الأكبر، وكمثال توضيحي، قال: "الشركة تربط نحو 20 ألف مشترك "من المواطنين العاديين" على باندويث محدود، في حين تربط نحو 100 مشترك "مميز" على باندويث اخر، وترتبط سرعة الانترنت الواصلة للمشترك العادي بمدى استخدام الـ20 ألف مواطن للانترنت، في حين لن تتأثر السرعة لدى المواطنين المميزين لأن المساحة المعطاة لهم أصلا مناسبة لحصول كل ذي حق على حقه".
شركات عديدة أخرى، حالها قد لا يختلف عن حال "أمنية"، وهو ما دعا المشتكي للتأكيد في نهاية حديثه عن متابعته الجادة لشكواه لدى هيئة تنظيم قطاع الاتصالات ومديرها الطعاني، المطالب بانصاف المواطن وارضائه كما ينصف الشركات..