jo24_banner
jo24_banner

تحقيق خاص بـ Jo24: رائحة البخور الأسود

تحقيق خاص بـ Jo24: رائحة البخور الأسود
جو 24 :

منار حافظ - بالسحر الإلكتروني استعانوا فجمعوا حقائب حروفهم التي تحمل الكثير من السم وألقوا بها على سطور مواقع التواصل الإجتماعي.

ينتشرون كما أي آفة مجتمعية رويدا رويدا يلقون غموضهم وشرهم في مصيدة الشبكة العنكبوتية، لتكون فريسة لبعض الراغبين أو تفترس أولئك الفضوليين.

 

وآخرون اختاروا طرقا تقليدية ليمارسوا السحر والشعوذة بمساعدة ضعاف النفوس، الذين تعلقوا بشباك الوهم بحثا عن مصالح دنيوية بخسة دفعتهم إلى أي وسيلة لتحقيق السعادة حتى لو أدى ذلك لتعاسة الآخرين.

مشعوذ ذو أطوار غريبة يبلغ من العمر عتيا لم يمنعه سنه الذي تجاوز السبعين عن وقف "هرطقاته" والإبتعاد عن أذية البشر، وُجد بحوزته 120 كتابا من الحجب، وجلود حيوانات وبخورات مختلفة وأعشاب متنوعة لأجل إتمام عمله على أكمل وجه.


بين يدي الأمن هو الآن بعد أن تم إلقاء القبض عليه في غرفة مخصصة للسحر والشعوذة داخل محافظة الكرك، ومثله كثيرون وفق ما أشارت له الإحصائيات.

 

إحصائية الأمن العام


تؤكد إحدى الإحصائيات الأمنية الموثقة التي حصلت Jo24 عليها وتتعلق بقضايا تعاملت معها إدارة البحث الجنائي بأن هناك 12 حالة تم التعامل معها حول السحر والشعوذة تم إيداع 9 منها إلى القضاء وواحدة ما زالت قيد التحقيق.


وتفيد ذات الإحصائية بأن 11 حالة تم التعامل معها منذ بداية العام 2014 تتعلق بالسحر والشعوذة وأحيل منها 10 إلى القضاء وبقيت واحدة قيد التحقيق.

 

روايات الشهود:


أحدهم روى حادثة النصب والإحتيال التي تعرض لها من قبل مشعوذ عبر فيسبوك، ويؤكد أنه تعرض لتنويم مغناطيسي تمكن خلاله المشعوذ من الحصول على أرقام بطاقات الإئتمان الخاصة به.

 

ولجأت الشابة الثلاثينية (م. ع) للمشعوذين طلبا للزواج بعد أن نصحتها إحدى صديقاتها بذلك كونها وصلت لسن متأخر دون شريك للحياة.

 

 تقول الشابة أنها اضطرت بعد إلحاح ممن حولها للجوء إلى دجال وصفوه بأنه مميز وله قدرة على حل مشكلتها.

 

 وتعبر (م.ع) عن أسفها للجوء إلى هذه الأساليب التي اعتبرتها مضلة كونها لم تمنحها أي حل سوى مزيد من البؤس والإحباط.

 

وآخر استذكر تلك الحادثة التي تعرض لها صاحب أرض في جرش حيث تم إيهامه من قبل مشعوذين ودجالين بوجود ذهب في أرضه واحتالوا عليه بآلاف الدنانير بعد وعود كاذبة منهم باستخراج الكنوز، ليكتشف متأخرا أن أمواله أصبحت كنزا لمن يسمونهم بالعرافين.

 

الرأي القضائي والقانوني

 
تنص المادة 471 من قانون العقوبات الأردني على معاقبة كل من يتعاطى بقصد الربح ، مناجاة الأرواح او التنويم المغناطيسي أو التنجيم أو قراءة الكف أو قراءة ورق اللعب، وكل ما له علاقة بعلم الغيب وتصادر الألبسة والنقود والأشياء المستعملة بالعقوبة التكديرية.

ويعاقب المكرر بالحبس حتى ستة أشهر وبالغرامة حتى عشرين ديناراً ، ويمكن إبعاده إذا كان أجنبياً.

وبحسب القانون فإن العقوبة التكديرية وفق المادة 23 تتراوح مدة الحبس فيها بين أربع وعشرين ساعة إلى أسبوع ، وتنفذ بالمحكوم عليهم في أماكن غير الأماكن المخصصة للمحكوم عليهم بعقوبات جنائية أو جنحية ما أمكن.وتتراوح الغرامة التكديرية بين خمسة دنانير وثلاثين دينارا وفق المادة 24.

فيما أوضحت مصادر قضائية بأن مدة حبس المشعوذ الذي يتعامل بالتنجيم ويدعي مناجاة الأرواح أقل من مدة حبس المشعوذ المحتال، باعتبار أن الأخير يتقاضى مبالغ مالية أكبر.

 

الراقي الشرعي يتحدث:



ويفصّل راق شرعي " معالج بالقرآن الكريم" رفض ذكر اسمه مفهوم السحر وعلاماته، منوها في ذات الوقت إلى ضرورة عدم تعليق كل ما يجري في حياتنا على شماعة "السحر".

وأكد الراقي خلال حديثه لـ Jo24 بأن الساحر لا يمكنه علاج أحدهم، لافتا إلى أن العلاج يكون بالقرآن وحده، واستند إلى وجود تأثير للسحر على أرض الواقع بالآية الكريمة : " وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ". (102 من سورة البقرة)

ويقول : "تأثير السحر يكون موجها في المقام الأول إلى المراد سحره فقط، ولكن في بعض الحالات يكون التأثير من القوة بمكان بحيث يتأثر المسحور والناظر إليه.

والسحر الذي يحدث تأثيره في المسحور وحده نسميه لازما ، أما إذا أثر في المسحور ومن ينظر إليه أو من يقيم معه فإنه يكون متعديا.

وأما السحر المركب ( المعقد ) ففي بعض الحالات تصل القسوة بالساحر لدرجة أن يسحر الجن الذي سيقوم بإحداث الضرر ، وفي هذه الحالة يسمى السحر مركبا لأنه عمل مرتين ، مرة للجن ومرة للإنس".


ويستذكر الراقي حالتين تمكن من علاجهما، الأولى :" ذهبت ذات يوم لرقية أحد الأسر وذلك لأنهم اشتكوا من كثرة المشاكل بينهم لأتفه الأسباب، فبدأت بالرقية الشرعية فتفاجأت بصراخ ذاك الشاب الذي يبلغ من العمر ١٦ عاما فقمت بقراءة القرآن الكريم عليه فتبين بعد ذلك أنه ملبوس بشيطان وسبب ذلك أنه كان يقوم بقراءة كتب خاصة بتعلم السحر وبفضل الله قمت بعلاجه ، لذا فنحذر من قراءة تلك الكتب لأنها تحتوي على طلب الحضور للشياطين".

وأما القصة الثانية :" طلب مني أحد الأشخاص أن أذهب معه لأقوم برقيته فانطلقنا لبيته وبدأت بالرقية لكنه لم تظهر عليه أي علامة من علامات المسحور ، وفجأة بدأت زوجته بالصراخ وترفض وجودي في البيت وتنادي بأعلى صوتها أخرج من بيتنا فقام الزوج وأتى بها فقرأنا عليها آيات السحر وتبين أنها مسحورة من خلال العلامات التي ظهرت عليها وكان سحرها في المعدة فقمت بإعطائها شربة خاصة بالسحر لا يساوي ثمنها دينارا واحدا وهي مكونة من مجموعة من الأعشاب مثل تليانسون والسنمكة وغيرها".


تفسير علم النفس


وأما عن تفسير علم النفس فيبين أخصائي الطب النفسي د. محمد الحباشنة أن السحر في حال اعتبرناه من العلوم فإنه علم قديم تراجع مع الوقت مثل التنجيم ولم يتبق منه شيء في زمننا الحالي.

ويوضح الحباشنة لـ Jo24 بأن الناس تعيش في مرحلة ضعف اقتصادي وسياسي واجتماعي يدفعها للدفاع عن نفسها بالخروج من الفعل إلى اللافعل بإلقاء المسؤولية على قوى غيبية.

وتابع: " تعتبر هذه الأداة من أضعف الأدوات الدفاعية النفسية عند الإنسان المتماسك بدليل أن فتاوى تلبس الجن والسحر لم تبرز بوضوح إلا في مرحلة الضعف خلال فترة الحكم العباسية ولم تكن ظاهرة في زمن الفتوحات والتقدم الإسلامي".

وحذر الحباشنة من المشعوذين واصفا كل مشعوذ بأنه نصاب حتى ولو لم يحصد مالا وذلك لكونه يبحث عن مكانة اجتماعية وشهرة له.

ونصح بالإبتعاد عن التعامل مع المشعوذين والدجالين والسحرة ففي التواصل معهم عدم احترام للعقل وإلارادة الإنسانية في زمن التطور العلمي، حيث على الأمم أن تبذل الجهد للتقدم ولو كان بطيئا على عكس الأمم الضعيفة التي تعتقتد باللجوء إلى اللمسات السحرية لحل معضلاتها.

واستنكر الحباشنة تصديق المشعوذين الذين لو ملكوا ما يدعونه لاستطاعوا سرقة أموال البنوك وجمعها لديهم عوضا عن استخدام هذه المهنة ليقتاتوا منها.

 

نصائح أمنية:


ويبين مصدر أمني أنه في حال إلقاء القبض على أي مشعوذ فإنه يحول إلى القضاء ثم يتم توقيعه على تعهد بعدم الرجوع إلى أعماله السابقة.

ونوه ذات المصدر إلى ضرورة أن يلتفت الناس لخطورة التعامل مع المشعوذين والدجالين والسحرة ومن يمتهنون "العرافة والتنجيم" لأنهم يجمعون أموالا على حساب من يصدقونهم ويتبعون أساليبهم المخادعة باستخدام أجواء الإثارة والغموض الكاذبة لجذبهم.

 

رأي علم الإجتماع:

ويفسر رئيس قسم علم الإجتماع في الجامعة الأردنية والخبير في علم الإجتماع أ.د. مجد الدين خمش ظاهرة اللجوء للسحر والشعوذة، بأن الإنسان بطبعه يحب السيطرة على الأمور والأحداث والإطلاع المعرفي المسبق.

وأوضح خمش أن الإنسان لأجل الحصول على العلم ليتمكن من السيطرة طور ثقافته الإجتماعية والتكنولوجية والفلسفية، إلا أن بعض الأشخاص ظلوا يلجأون للسحر والشعوذة والعرافة ظنا منهم أنهم بذلك يحصلون على الطمأنينة.

وأضاف : " كان للمشعوذين في الزمن القديم مكانة اجتماعية دفعت الناس للجوء إليهم إلا أن التوجه لهم في الوقت الحالي بسبب ضعفهم وجهلهم حيث تنتشر هذه الظاهرة في القرى والبيئات الشعبية وتقل في الطبقات ذات الجاه والمال إلا أن توجه الغني للمشعوذين يكون واضحا كونه غير متوقع".

ويعتقد خمش أن البيئات الشعبية تلجأ لحل مشكلتها عند المشعوذين كونهم قد لا يمتلكون علاقات تمكنهم من التوجه إلى المختص المناسب، حيث يشعرون بالراحة بداية ثم عند عدم حل أمورهم يحبطون مجددا.

وأكد خمش أن فئة الشباب (ذكورا وإناثا) قد يتوجهون إلى الفتاحين من باب حب الإستطلاع وتجربة فتح الفنجان وليس يقينا منهم بأن ذلك سيجدي نفعا.


ومن اللافت المستهجن أن يلجأ البعض لتعلم سر الشعوذة عبر عدد من القنوات التلفزيونية والمواقع الإلكترونية حيث تنشر كتب بتعاويذ غريبة تدعو للحيلة والكذب والخداع، ولو عادوا لعقولهم لوجدوا أن تعلم منافع أخرى مفيدة للبشرية أفضل لهم.

 

رأي الدين

وتوضح د. ساجدة أبو فارس المختصة بالعلم الشرعي أن هناك فرقا بين السحر والشعوذة؛ فالشعوذة هي لعب بالخيال وإيهام للناس بأنهم يمتلكون المعرفة، بينما السحر مصدره الشياطين ولذلك فإن الإسلام يعاقب الساحر بالقتل بدليل ما جاء في الآية القرآنية الكريمة: " َاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ".

وأضافت: "الساحر لا ينفع ولا يضر ولكن الله يجري أسباب الضرر على يده امتحانا للناس فيظن ضعيف الإيمان أنه يضر وينفع، فالسحرة ليسوا بحكماء ولا علماء ولا أصحاب منهج واضح."

ونصحت أبو فارس بعدم التوجه إلى المشعوذين والسحرة لحل مشاكلهم فمن يفعل ذلك هم ضعاف النفوس وهدفهم إيجاد شماعة لتعليق أخطائهم وفشلهم عليها.


وختمت بالقول: لو كان ما يقوله السحرة والمشعوذون حقيقة لمنحهم ذلك الإستقرار النفسي وجلب للآخرين السعادة واتخذها الكل مهنة، إلا أن العكس هو ما يحدث فيكون هؤلاء ومن يلجأون لهم الأكثر شقاوة، وآن للشباب أن يملؤوا نفوسهم بالنور وليس بالظلمة فالسحر ظلمة ولا يمكن أن تسلك طريق الظلمة للهداية والنور".


ويظل موضوع السحر والشعوذة هو ذاك الأمر القديم المتجدد الذي ما يلبث أن يختفي أثر ذكره حتى يعود بالأذهان لعديد من قصص احتيال وأذية الآخرين على كافة الصعد والمستويات دون أي وازع ديني أو رادع أخلاقي.


تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير