jo24_banner
jo24_banner

إرهاب القانون أم قانون الإرهاب؟

سالم الفلاحات
جو 24 : في زمن الردة المدعومة قولاً ومالاً وعملاً ومؤامرات دولية وإقليمية عن القيم الفاضلة وعن دروب الرقي البشري ومنهج الديمقراطية والحريات العامة، الذي تنعم به معظم شعوب العالم اليوم حتى في مجاهيل افريقيا الا ماندر.
في زمن الردة عن الإصلاح والاستقامة ومكافحة الفساد وبناء الاوطان وإسعاد الإنْسان، لا يُستغرب أن تتفتق الذهنيات العرفية لتتحوصل وتنسج حول نفسها شرانق الحماية من الوعي القادم والحساب العادل على ما ارتكبت من جرائم بحق الشعوب المقهورة المغيبة.
نعم قد تحارب الدولة نفسها وتحارب الأمة استقرارها وتخدم عدوها، وقد يعتبر البعض الانتحار رجولة ويُقْدم عليه.
· إنّ الضعيف الخائف المرتجف هو الذي يوجه اللكمات – تحت الحزام – وإلى الأماكن الممنوعة عرفاً عالمياً عاماً حتى في حال النزاع والخلاف.
· الضعيف هو الذي يؤذي بلا وعي ويضرب خبط عشواء حتى وإن كان متغلباً، فهو يخشى من نهوض (المبطوح أرضاً) فيتخذ كل الوسائل غير المشروعة حماية لمستقبله، فلا غرابة إن قرر فرعون قتل جميع المواليد الذكور لئلا يأتيه «موسى» الذي سيقتله، وهل نفع فرعون هذا الإجراء الاستئصالي شيئاً؟
وهكذا استخدم فرعون التضليل والإغراء والإغواء والترهيب والوعد والوعيد والسحر وكل شيء ليكسب الجولة ويؤمّن لنفسه الحماية والاستمرار، وما علم أن أعظم من استعان بهم وأغراهم كانوا هم المصيبة عليه، وافتضاح أمره فقالوا «لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض»، ثم غرق فرعون وهو في عنفوان نشوة الانتصار يتابع الفارين بأرواحهم يحشرهم بين السيف والبحر أو بين الموت والاستسلام، أو بين القتل والقتل ولكن النتيجة «وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون» ثم بقي عبرة لمن يعتبر.
هل هذه القوانين الغريبة ستمنع الإرهاب أم أنها ستستدرجه وتصنعه وتستنبته؟
هل أصبح بلد الأمن والأمان - الأردن - كما يقول مروجو قانون الإرهاب هو جنوب اليمن أو جبال الأفغان أو صحراء العراق أو الصومال أو...
صحيح أن الاستثمار في الإرهاب من كل الأطراف في العادة وبخاصة الدول، يدر المال السريع والثروة وربما الجاه، ولكنه مال السحت الزائل والجاه المؤقت المندثر.
كيفَ يعَرّفُ الإرهابُ حتى الآن في العالم؟ وهل هذا المصطلح منضبط أم هو كتعبير الغول والعنقاء والشيطان والمخلوقات الافتراضية الوهمية؟
· في زمن انفلات الثوابت وغياب الضوابط الراشدة، يمكن أنْ يكون المجرم وطنياً فهلوياً، ويمكن أن يوصف الوطني الصادق بالإرهابي، ويمكن أن يعتبر اقلاق السارق المعتدي المفسد(قبل إكمال جريمته) جريمة كبرى تسمى إرهاباً يعاقب عليها القانون.
ويمكن أن يكون التشخيص أو النصيحة أو التحذير إرهاباً.
يمكن إلصاق هذا (الليبل) بدقة وإحكام على أي فعل أو قول أو جسم لا يعجب المستبدين، كما يمكن إلصاق ماركة مزورة على أي منتج رديء، وقد يصدقها البعض لبعض الوقت ثم ينكشف أمرها.
ربما لا يصح لك أن تستغرب استدراج قوانين خطيرة إلى أرضنا وشعبنا خلال أسابيع تنجز وتأخذ الصفة القطعية (كقانون منع الإرهاب)، بينما تراوح قوانين البناء والتقدم والإنتاج والاستقرار ومن أين لك هذا سنوات في الإدراج، وقد لا ترى النور على الإطلاق.
أيهُّما أولى بالرعاية والسرعة والإنجاز والاستعجال قانون الإرهاب أم قانون لمكافحة الفساد والاسبتداد، الذي لا تخطئه عين في كل مكان وفي كل مجال، الذي أرهق العباد وارتهن البلاد بمليارات لا حد لها ولا توقف لزيادتها في كل عام وهو الإرهاب بعينه.
الفساد والمفسدون الذين ابتلعوا مقدرات الوطن رأْى العين ولم تصل إليهم يد الوطن والعدالة، وهم يسرحون ويمرحون لعجزٍ في الإرادة وقصورٍ في التشريعات، ولأسباب أخرى أم اختراع قانون للإرهاب؟
هل يشكو الأردنيون من الإرهاب أم يشكون من الفساد وما الذي يؤرقهم فِعْلاً؟
وأيهما الأعظم إرهاباً والأولى بالمحاصرة – إرهاب الأفراد أم إرهاب الدول المتمثل بالدول الصغرى والكبرى التي تستعبد الشعوب والدول الصغيرة، الإرهاب الذي يدمر مدناً بأكملها على رؤوس سكانها ولا يدينه أحد، والذي يصنع الأسلحة النووية ويمتلكها منذ عقود ولا يحتج عليه أحد كالعدو الصهيوني مثلاً..
مصطلح الإرهاب في الحملات الصليبية صناعة غربية جديدة بامتياز وهو البديل عن مصطلح الحرب المقدسة ضد الشرق وهو الذي أصبح مفضوحاً ولا يمكن ترويجه الآن.
إنهم يصنعون الإرهاب ويدربّون من يقوم بهذه المهمات ويزودونهم بالوسائل التي تُمكّنهم من ممارسة الإرهاب، ويحرصون على إلصاق الإرهاب بدين واحد فقط وبشعوب بعينها، وإن كانوا هم الإرهاب بعينه.
إنهم يمارسون إرهاب التجويع والديون والتبعية، والإعلام الكاذب، وإرهاب التسليح أو حرمان التسليح، إرهاب الفكر، إرهاب نهب ثروات الشعوب الضعيفة، إرهاب استغلال حاجات الفقراء والدول الفقيرة لاستعباد جيوشها للقيام نيابة عنهم بحروب قذرة في أماكن مختلفة في العالم، إرهاب دعم الأنظمة الدكتاتورية.
إنّه إرهابي في عرفهم من ينشد بناء دول ديمقراطية في بلاده فالديمقراطية والحرية في بلادنا إرهاب وفي بلدانهم هي الآلهة المقدسة التي لا يرضون عنها بديلاً.
إرهابي من يسعى لنهضة أمته واستقلالها وامتلاك قراراتها السيادية، إرهابي من ينشد الفضيلة والطهر.
الإرهاب بمعنى القتل خارج القانون مدان.
والإرهاب بمعنى الترويع مدان.
الإرهاب بمعنى أخذ مال الغير بالقوة وقطع الطريق مدان ولا يدافع عنه أحد.
لكن الخطورة في تحديد معناه وخلطه بالمقاومة والحرية واختراعه واستقدامه وتهيئة البيئة له.
كتب وسيكتب الكثيرون عن هذا(القانون) وفَنّده العديد من رجال القانون والسياسة، أدين مشروعه في الداخل والخارج من منظمات حقوق الإْنسان وستدينه، رفضه الأردنيون وسيرفضونه لكن لقد أسمعت لو نَاديت حَيّاً.. و»جوزك وإن راد الله».
ومع كل هذا سيزداد الحديث الرسمي عن الإنجازات المستمرة في مجال الإصلاح والحريات العامة وبناء الديمقراطية، مع أن أسنانها تسقط وأطرافها تتجمد بل هي في الأموات عملياً وإن كانت لم تدفن بعد، ستسمع جعجعة ولن ترى طحناً، ترى أهو قانون إرهاب أم إرهاب القانون؟


(السبيل)
تابعو الأردن 24 على google news