jo24_banner
jo24_banner

أسماء مقدسة

ماهر أبو طير
جو 24 : كل التفجيرات وجرائم القتل الفردي والجماعي، في العالم العربي، يتم ربطها بأسماء يصح وصفها بأسماء مقدَّسة، أو بشكل أدق لها علاقة بالدين والمقدسات.
لا تعرف لماذا يتم هذا الربط بين القتل وتلك الأسماء، والمراد قوله هنا، إن القتل يرتبط بالدين ورموزه، والكل يتبارى بربط افعاله القبيحة بأسماء ذات قيمة وازنة، وهي اسماء بالتأكيد ليس لها علاقة بهذه التوظيفات الدموية؟!.
مع هؤلاء يأتي فريق أمني عربي وإقليمي وغربي، ينتج التنظيمات وعمليات القتل، ويقوم بربطها ونسبتها الى ذات الأسماء، والكل يوظف هذه الأسماء وارثها في جرائم مشينة.
لو عادت هذه الأسماء ونطقت لتبرأت مما يجري، فماهي علاقتها أصلا، بكل هذا الذي يجري من مخاز وفضائح وجرائم لا تليق اساسا بالبشر؟!.
عشرات عمليات التفجير والقتل تم ربطها بأسماء معينة، فتسمع ان مجموعة عائشة او فاطمة قامت بالانتقام من النظام الفلاني، واحيانا تسمع عن مجموعة جند الله، أو أنصار القدس، أو مجموعة أبي بكر أو علي بن أبي طالب، والأسماء لها بداية وليس لها نهاية،والكل يوظف اسماء طاهرة، في صراعات دموية لايرضاها هؤلاء لو عادوا الى الحياة.
علينا أن نلاحظ دوما أن كل جريمة قتل او تفجير يتم ربطها برمز ديني، والقصد النهائي، تشويه الدين وتقديم صورة له، تقول إنه لا ينتج إلا القتلة.
التوظيفات من جهة أخرى، لا تقف عند التنظيمات ومجموعات القتل والاقتتال الحقيقية، او التي انتجتها مؤسسات امنية، لكنها ظاهرة عند عامة الناس، فتقرأ في الشارع، من يُعنْون محله التجاري باسم «دواجن التقوى»، وآخر يعنون محله باسم «المدينة المنورة للعطور».
ثالث يسمي محله باسم «مخبز الفتح»، ورابع يضع يافطة تقول هنا «مطعم المؤمنين»، وهذا امر نلاحظه في كل مكان في العالم العربي، وخلف اليافطات بشر بلا اخلاق!!
الذين يوظفون الاسماء ذات الدلالات المقدسة، في الدم والقتل، والذين يوظفون الاسماء ذات الدلالات، في عملهم التجاري الذي قد لايخلو من غش او خطأ او ربا، قد لا يختلفون عن بعضهم البعض في حالات كثيرة.


الكل يريد أن يستثمر على طريقته، وان يوظف الراحل في ضريحه خدمة لجرائمه او لتجارته، دون قبول منه، ودون استئذانه، ودون مشاركته حتى في الربح السياسي او الاقتصادي.
المفارقة اننا كلما وظفنا أسماء اكثر، كلما انكشفت عورتنا اكثر، فمع كل هذه الرموز التي يتم توظيفها في الحروب الأهلية ، والرموز التي يتم توظيفها تجاريا، تنحدر الأخلاق والمعايير، فتصير حالة فصام عز نظيرها.
«مجموعة عائشة» تقتل الأطفال، ومجموعة «علي بن ابي طالب» تفجر المساجد، وصاحب «دواجن التقوى» يبيعك دجاجا مريضا، فيما «مخبز رمضان» لا يرحمك بأسعار حلوياته في رمضان!!
هي ذهنية انتهازية تهرب بنا الى الماضي، للتستر على قبائح الحاضر، وقد كان الاولى ان نصارح انفسنا، فيصير اسم المجموعة التي تقتل «مجموعة ابي جهل»، ويصير اسم المخبز «أبو لهب وشركاه للخبز ومشتقاته».
ما من أمَّة تُهين موروثها بذريعة تكريم ذلك الموروث مثلنا، ولو عادت مئات الأسماء الى قيد الحياة لرفعت قضية جماعية تطالب بتعويض عمَّا لحقها من تشويه سمعة، على يد من يدَّعون الوصل بهذه الاسماء، أو على يد من اخترع هذه المجموعات وربطها بهذه الأسماء، أو على يد التجار ايضا.
من «حفصة للعمليات الخاصة»، وصولا الى «ألبان مكة»، مرورا بكل الأسماء، لا تملك الا أن تأسف أمام تلك الاستباحات.

الرأي
تابعو الأردن 24 على google news