"أم أحمد"
محمد أبو رمان
جو 24 : "أم أحمد"، كما تحب أن يطلق عليها، هي نجلاء علي محمود، زوجة الرئيس المصري محمد مرسي. أثارت شخصيتها نقاشاً موازياً تماماً، وبالدرجة نفسها من الأهمية، لشخصية الرئيس الجديد؛ فليس هو فقط من "قلب" نموذج الحكم العربي خلال أيام قليلة، حتى زوجته بصورتها وهيئتها أصبحت عنواناً لمرحلة جديدة!
الجديد في شخصية "أم أحمد" أنّها جاءت مغايرة تماماً للنمط الذي ساد لزوجات الرؤساء السابقين في مصر؛ سوزان مبارك وجيهان السادات. فهي امرأة في العقد الرابع، ترتدي العباءة الإسلامية وغطاء الرأس، لم تنه الدراسة الجامعية، لها خمسة أولاد، ربّة منزل، متواضعة، بسيطة، غير متكلفة، مع ذلك اجتهدت على ثقافتها في الولايات المتحدة، وعملت مترجمة فورية خلال تواجدها مع زوجها هناك.
الصدمة الشديدة ليست فقط في هذه الشخصية غير المألوفة في الطبقات السياسية والمخملية، بل حتى في تصريحاتها التي تشي برؤيتها لدورها في المرحلة القادمة، وللتغيير الذي يمكن أن يحدث على حياتها، بعد أن أصبح زوجها رئيساً منتخباً لمصر!
المفاجأة الأولى كانت بإعلانها أنّها تفضّل مناداتها بـ"أم أحمد" أو "خادمة الوطن"، ورفضها لقب "سيدة مصر الأولى"، الذي كرّس دوراً سياسياً وإعلامياً مبالغاً فيه لزوجات الحكام العرب، في طريقه إلى الأفول، بعد أن أصبح شيئاً من التراث في السياسة المصرية الجديدة.
ليس ذلك فقط؛ بل أعلنت زوجة الرئيس أنّها لن تتدخل في الشؤون السياسية، كما فعلت جيهان السادات، ولا في كل شيء، كما فعلت سوزان مبارك، وأنّها ستحافظ على دورها كـ"ربة منزل"، وتترك شؤون الحكم لزوجها. وفي إصرار على تكريس هذا النموذج الجديد، اعترفت أنّها تفضّل البقاء في منزلها على أن تذهب إلى القصر الجمهوري. فور إعلان نتائج انتخابات الإعادة، قامت "أم أحمد" بزيارة إلى عائلة أحد شهداء الثورة في محافظة الشرقية، لتبعث برسالة مزدوجة، في شقها الأول الالتزام بخط الثورة، والثاني بخط البساطة والطيبة والناس.
خصوم نموذج "أم أحمد" يتحدثون بلغة واهية مخجلة، أغلبهم من النخبة المخملية من الشباب الذي لا يعرف من القاهرة إلا "غيتوات الأغنياء"، أو من العلمانيين الحاقدين على أي رمزية إسلامية، أو من لا يزالون مسلوبين لنمط الحكم السابق المتعالي، الذي ينظر "من فوق" إلى الشعب!
ربما يأتي، غداً، "نموذج" آخر ليبرالي، لزوجة الرئيس القادم، ذات ثقافة علمانية.. لكن المهم أنّها لن تعيد عقارب الساعة إلى وراء، فقصة سيدة مصر الأولى، والزوجة الحديدية، والأدوار السياسية والفساد المالي والاقتصادي، والأقارب والأصهار والأبناء.. هذه جميعها أصبحت فصلاً من التاريخ بعد أن أجهزت عليه "أم أحمد"!
جلال أمين، المفكر المصري المعروف، وصف كلا من محمد مرسي وأحمد شفيق بالخيارات المفاجئة، غير المفضّلة، بخاصة أنّ الرئيس الجديد يمتاز بالبساطة، وبدرجة أقل من التسييس من شخصيات مثل عبدالمنعم أبو الفتوح، أو حتى خيرت الشاطر، المرشح الرئيس للإخوان. لكن، في المقابل، قد تكون هذه البساطة والطيبة هي ما يحتاجه الناس اليوم بعد عقود من الحكم الفاسد والمتعالي والمستبد، ومن حكام يعيشون في أبراج عاجية بينما الناس تبحث عن الطعام في سلاّت القمامة!
"عائلة مرسي" أحدثت انقلاباً تاريخياً وثقافياً وفكرياً، فرئيس يأتي إلى السلطة من السجن، وما يزال يسكن في بيت بالأجرة، متواضع، يتحدث بلغة الشارع، ويراهن على الحكم النظيف، والانحياز للطبقة العامة، مدني، وصل عبر الصندوق ويغادر من خلاله.. سواء نجح أم فشل، فإنّ من ذاق عرف، والشعوب التي تشاهد اليوم هذا النموذج الجديد لن تقبل بحال من الأحوال بأي نموذج آخر."الغد"
الجديد في شخصية "أم أحمد" أنّها جاءت مغايرة تماماً للنمط الذي ساد لزوجات الرؤساء السابقين في مصر؛ سوزان مبارك وجيهان السادات. فهي امرأة في العقد الرابع، ترتدي العباءة الإسلامية وغطاء الرأس، لم تنه الدراسة الجامعية، لها خمسة أولاد، ربّة منزل، متواضعة، بسيطة، غير متكلفة، مع ذلك اجتهدت على ثقافتها في الولايات المتحدة، وعملت مترجمة فورية خلال تواجدها مع زوجها هناك.
الصدمة الشديدة ليست فقط في هذه الشخصية غير المألوفة في الطبقات السياسية والمخملية، بل حتى في تصريحاتها التي تشي برؤيتها لدورها في المرحلة القادمة، وللتغيير الذي يمكن أن يحدث على حياتها، بعد أن أصبح زوجها رئيساً منتخباً لمصر!
المفاجأة الأولى كانت بإعلانها أنّها تفضّل مناداتها بـ"أم أحمد" أو "خادمة الوطن"، ورفضها لقب "سيدة مصر الأولى"، الذي كرّس دوراً سياسياً وإعلامياً مبالغاً فيه لزوجات الحكام العرب، في طريقه إلى الأفول، بعد أن أصبح شيئاً من التراث في السياسة المصرية الجديدة.
ليس ذلك فقط؛ بل أعلنت زوجة الرئيس أنّها لن تتدخل في الشؤون السياسية، كما فعلت جيهان السادات، ولا في كل شيء، كما فعلت سوزان مبارك، وأنّها ستحافظ على دورها كـ"ربة منزل"، وتترك شؤون الحكم لزوجها. وفي إصرار على تكريس هذا النموذج الجديد، اعترفت أنّها تفضّل البقاء في منزلها على أن تذهب إلى القصر الجمهوري. فور إعلان نتائج انتخابات الإعادة، قامت "أم أحمد" بزيارة إلى عائلة أحد شهداء الثورة في محافظة الشرقية، لتبعث برسالة مزدوجة، في شقها الأول الالتزام بخط الثورة، والثاني بخط البساطة والطيبة والناس.
خصوم نموذج "أم أحمد" يتحدثون بلغة واهية مخجلة، أغلبهم من النخبة المخملية من الشباب الذي لا يعرف من القاهرة إلا "غيتوات الأغنياء"، أو من العلمانيين الحاقدين على أي رمزية إسلامية، أو من لا يزالون مسلوبين لنمط الحكم السابق المتعالي، الذي ينظر "من فوق" إلى الشعب!
ربما يأتي، غداً، "نموذج" آخر ليبرالي، لزوجة الرئيس القادم، ذات ثقافة علمانية.. لكن المهم أنّها لن تعيد عقارب الساعة إلى وراء، فقصة سيدة مصر الأولى، والزوجة الحديدية، والأدوار السياسية والفساد المالي والاقتصادي، والأقارب والأصهار والأبناء.. هذه جميعها أصبحت فصلاً من التاريخ بعد أن أجهزت عليه "أم أحمد"!
جلال أمين، المفكر المصري المعروف، وصف كلا من محمد مرسي وأحمد شفيق بالخيارات المفاجئة، غير المفضّلة، بخاصة أنّ الرئيس الجديد يمتاز بالبساطة، وبدرجة أقل من التسييس من شخصيات مثل عبدالمنعم أبو الفتوح، أو حتى خيرت الشاطر، المرشح الرئيس للإخوان. لكن، في المقابل، قد تكون هذه البساطة والطيبة هي ما يحتاجه الناس اليوم بعد عقود من الحكم الفاسد والمتعالي والمستبد، ومن حكام يعيشون في أبراج عاجية بينما الناس تبحث عن الطعام في سلاّت القمامة!
"عائلة مرسي" أحدثت انقلاباً تاريخياً وثقافياً وفكرياً، فرئيس يأتي إلى السلطة من السجن، وما يزال يسكن في بيت بالأجرة، متواضع، يتحدث بلغة الشارع، ويراهن على الحكم النظيف، والانحياز للطبقة العامة، مدني، وصل عبر الصندوق ويغادر من خلاله.. سواء نجح أم فشل، فإنّ من ذاق عرف، والشعوب التي تشاهد اليوم هذا النموذج الجديد لن تقبل بحال من الأحوال بأي نموذج آخر."الغد"