أمانيّ السوريين بالعودة لا تتحقق إلا بالغفا...
كتبت ملاك العكور - "أنا الدمشقي لو شرّحتمُ جَسَـدي... لســــال منـــه عنـاقيـــدٌ و تــفـــاحُ
و لو فتحتـــم شـراينــي بــمديتــكم..سمعتم في دمي أصواتَ مَن راحـوا
مآذن الشــام تبـكــي إذ تـعـانقنــــي..و للمـــآذن كـــ الأشــجــــار أرواحُ"
صراع من أجل البقاء، أفراح تجهض من رحم المأساة، ضحكات حجبت خلفها الكثير من الألم..
إنهم السوريون.. فمع دخول النزاع في بلادهم عامه الرابع، و مع بداية العدوان الاسرائيلي على غزة، وتصاعد الأزمات في العراق، تسلل الخوف إلى اللاجئين السوريين في المخيمات، خوف من أن يكون العالم قد نسي مأساتهم ومعاناتهم.
هم الذين تجرعوا مرارة اللجوء على مدار أربع سنوات وقاوموه بالصمود، هم الذين وجدوا أنفسهم أمام خصم جديد أشد شراسة، أخذ ما أخذ من أبنائهم، و استهلك ما استهلك من بناتهم، و حفر تجاعيد على وجوههم ليهرموا قبل أوانهم.
قدرهم أن تُدكّ بيوتهم ليلجأوا إلى خيام لا تقي من برد الشتاء ولا من لهيب الصيف، يعيشون بترقب صامت لمصير تتقاذفه ويلات الحرب.
يتساءل الطفل فيهم كيف يكتب على أكياس المساعدات "حقوق إنسان" ويرمى الإنسان في عُرض الصحراء، صراخه الذي خرق عنان السماء، و زعزع أركان خيمته مطالباً أن يعامل كإنسان غير منقوص الحق.
أمانيّهم بالعودة إلى أروقة الشام وأزقتها العامرة بالياسمين لا تتحقق إلا بالغفا، فها هو العيد يطل عليهم مرة أخرى ليجدهم قابعين في خيامهم لم يتغير سوى أن أعمارهم زادت وحقن البؤس شره في وجوهم.
فرحتهم بالعيد سلبها ضيم العيش، وقلة ذات اليد، فما عادت نكهة العيد هي ذاتها التي اعتادوا عليها في أحضان بلادهم بدءاً من تلبية تكبيرات العيد مروراً بتبادل التهاني التي تذيب اي خلافات وقعت، وصخب الاطفال يطلبون العيديات، رائحة الكعك تملأ الحارات..
اين هم من كل ذلك اليوم، اليوم عيدهم يحلّ كلما رزقوا بشربة ماء نظيفة او لقمة تسد رمقهم، عيدهم عندما ينضم إليهم لاجئ آخر يأتي حاملا معه شيئا من رائحة البلاد، واحد آخر يؤنس وحشتهم، يشحذهم بشىء من الامل بعود قريبة..