jo24_banner
jo24_banner

أنا المدعو ح، م، أ!

حلمي الأسمر
جو 24 : أنا المدعو ح.م.أ أستطيع أن أعرّف نفسي بأنني مواطن صالح، أتمسك بتنفيذ أهداب القانون، وأحرص على أن لا أخالف أي مادة من مواده، ويقتضي هذا طبعا أن أؤدي كل ما يترتب علي من مكوس وضرائب ومخالفات (خاصة مخالفات السير التي لا أعرف عنها شيئا، ويقال لي عند ترخيص السيارة أن عليك كذا وكذا، فأدفعها وأنا أنفي راغم!) وحتى حينما راجعت ضريبة الدخل، لأحصل على براءة ذمة، تبين لي أن ذمتي بريئة، لكن ذمة الحكومة ليست كذلك، حيث كان لي ما يسمى «رديات» والمبلغ كان يزيد عن المئتي دينار، ومع ذلك لم «ألح» في طلبها من ذمة الحكومة، أو الدولة على الأصح، وما اكتفيت به أنني حصلت فقط على شهادة تبرىء ذمتي، مع أن الدولة كانت بحاجة أن أعطيها أنا براءة ذمة، بعد أن تعيد لي ما أستحق من «رديات»!
ما علينا، ولعلي أسرفت في تفصيل طبيعة «انتمائي» للوطن، وحرصي على أداء الواجب تجاهه، كي أثبت أنني مواطن نموذجي، وأنتظر من الطرف الآخر أن يبادلني حبا بحب، او على الأقل حبا بعدم كراهية، وأكتفي حقيقة بـ «مكافاة شر» من الدولة، يعني أرضى من الغنيمة بالإياب، ولا أريد منها أن تحبني، يعني «تعف» عني وتكف شرها، وأنا بألف نعمة..
كل هذا مقدمة لقضيتي التي نكدت علي العيد، وأفسدت مزاجي، فقط لأنني ملتزم بالمواطنة الصالحة، والطرف الآخر لأ، والقصة باختصار، ذهبت للحصول على مباركة دائرة الترخيص وإعطائي رخصة لسيارتي، وبعد أن دفعت اللي فوقي واللي تحتي، مخالفات وتأمين، ومش عارف شو، فوجئت أن سيارتي محجوز عليها للتنفيذ القضائي، وأن معاملة الترخيص لن تتم اليوم، (وهو أمس آخر يوم دوام للترخيص قبل العيد!) لا يمكن أن تتم إلا بعد العيد، حسنا ليست مشكلة، ولكن ما مشكلة التنفيذ؟ وعدت بذاكرتي إلى بداية السنة، وبالتحديد الشهر الأول منها، حيث تعرضت لمشكلة، كان نتيجتها القاء الحجز على سيارتي، وكأي مواطن صالح ومطيع وممتثل، أديت كل ما علي من واجب، وأعطيت ورقة يسمونها «كف طلب» وذهبت بها إلى التنفيذ القضائي في قصر العدل، واستلمت وصلا يفيد بأنني سلمت كف الطلب للتنفيذ، الأمر الذي يوجب رفع الحجز عن السيارة، وقد قيل حينها أن هذا تم فعلا، لآتي بعد سبعة أشهر لأكتشف أن ما كان يجب على الموظف المحترم أن يقوم به، وهو رفع إشارة الحجز، لم يحصل وهي عملية كما أظن لا تستغرق غير «تكة» على جهاز الكمبيوتر!
ومع هذا، ومع كل ما سببته لي الحكومة، ودوائرها، أصدقكم القول، إنني لم أزل على ما أنا عليه من طاعة واستقامة، وامتثال، فأنا مواطن صالح، وسأبقى كذلك، حتى لو لم يعد كل ما حولي غير صالح، من باب أنني يجب أن أبقي على شعلة الأمل متقدة، حتى ولو أحرقتني هذه الشعلة!
الرسالة أعلاه، برسم التنفيذ، غير القضائي، مني إلى من يعنيهم الأمر، وشكرا لكاتبها، الذي وعدته أن أوصلها قبل العيد، وها أنذا أفعل.

الدستور
تابعو الأردن 24 على google news