النسور.. ابتعد عن احلام طلبتنا
بدا الأمر وكأن رئيس الوزراء د.عبدالله النسور مستعد لفعل أي شيء يضمن استمراره على كرسّي الرئاسة.. حتى لو اضطره ذلك لايقاد شعلة احتجاجات شعبية قد لا يمرّ الأردن بأعنف..
فالرئيس الذي بدأ فترة ولايته باثبات قدرته على تنفيذ اشتراطات مركزه الجديد، فتعدى على جيوب المواطنين بتحرير أسعار المحروقات ورفع الضرائب وفرض الرسوم، يبدو اليوم حائرا في سبيل اقرار تشريعات يعتقد أنها ستمدد فترة اقامته في الدوار الرابع؛ بين رفع الدعم عن الطحين والشعير أو الغاء استثناءات القبول في الجامعات الرسمية!
اليوم، ألمح النسور خلال لقائه رؤساء جامعات رسمية إلى "ضرورة اعادة النظر بأسس القبول في الجامعات، والانطلاق نحو إلغاء كافة أشكال الكوتات والاستثناءات"، ويبدو ان الرئيس يرغب ان يبتدأ باستثناءات أبناء أعضاء الهيئة التدريسية في الجامعات.
الرئيس حاول خلال ذلك اللقاء التشديد على ان الغاء الاستثناءات هو تطبيق للعدالة والنزاهة، وانه أمر لا بدّ منه، متناسيا ان العدالة لم تكن في يوم بالغاء الاستثناءات ومساواة الجميع ببعضهم، إنما بتوفير وتهيئة الظروف المناسبة لنجاح وتقدم الجميع في كافة أرجاء الوطن، بنفس الدرجة من الاهتمام ودون تمييز بين الخدمات المقدمة لأبناء عمان والطفيلة أو معان.
العدالة تكمن بأن يضمن صاحب الولاية العامة الظروف المهيئة في أفضل مدارس عمان ومناطقها لجميع أبناء المملكة، بما فيهم أولئك الطلبة في الـ342 مدرسة التي لم ينجح فيها أحد، والذين بلا شكّ تتحمل الحكومات مسؤولية فشلهم جميعا باجتياز مرحلة الثانوية العامة.
العدالة الحقيقية تقتضي ان يضمن الرئيس وصول الاستثناء إلى مستحقيه فعلا، وان يضمن تنقيتها من كل أشكال الفساد؛ فلا يُقبل طالب من الأقرباء أو الأنسباء دون وجه حقّ.
لا شك ان الرئيس عبدالله النسور يعلم جيدا ان الاستثناءات جزء أصيل من العدالة، وان استثناءات و"كوتات" القبول في الجامعات حقّ أصيل ومطلق لمستحقيه، ولا يمكنه ان يسلبه قبل ان يضمن لإبن الكرك والطفيلة ومعان والمفرق نفس الظروف التي يعيشها ابناء العاصمة عمان.
من قسّم الشعب الأردني إلى فئة "مستحق للدعم" و "غير مستحق" يعلم ان العدالة لا تكمن بالمساواة، وإلا لكان تقديم دعم المحروقات بناء على الرقم الوطني دون نماذج واجراءات معقدة، لكنه اليوم بدا مضطرا لاشاعة عكس ذلك فقال ان العدالة والنزاهة تقتضي ازالة الاستثناءات.
لا شكّ ان أي تضييق قادم أو محاولة لتبديد أحلام الفقراء لا بدّ ان يكون محسوبا بدقة خاصة وان كان الأمر متعلقا بأحلامهم في مستقبل مشرق لأبنائهم.