الإصلاح التربويِ مدخل للتنمية والإصلاح الوطني الشامل
د. فيصل الغويين
جو 24 : هناك قناعة متزايدة لدى المتخصصين وصناع القرار والرأي العام الأردني أن النظام التعليمي في المملكة قد فشل فشلا واضحا على المستوى النوعي، وبالتحديد على مستوى كفاءة المخرجات التعليمية في المستويات كافة تقريبا، بل إن البعض يرى بان مخرجات النظام التعليمي تتراجع إلى الوراء عاما بعد عام، وان الفجوة تزيد تباعا أيضا في قدرة ذلك النظام على إنتاج أجيال متمكنة ومنتجة، وقادرة على مواجهة تحديات الحاضر والمستقبل.
ولعل الدراسات والتقارير المسحية المحلية التي يمكن أن تساهم في إيضاح حقيقة تخلف مخرجات النظام التعليمي الأردني علميا ومهنيا قليلة وضعيفة في منهجيتها العلمية؛ لذا فان الاستفادة من التقارير والدراسات، التي تصدرها المؤسسات الدولية المعنية بتصنيف الدول، بحسب معايير الكفاءة والجودة، إنما تجري على غير صعيد، إضافة إلى المؤسسات المعنية بالاختبارات الدولية التي تقدم تقويما سنويا لمستويات الطلبة في بعض الدول المشاركة في مثل تلك الاختبارات، ومنها الأردن.
إن الشواهد كثيرة على ضعف مخرجات التعليم العام وخاصة في العلوم والرياضيات، فنتائج اختبارات الرياضيات والعلوم الدولية، تظهر تراجعا مستمرا فيها. وهذا يعني أن نظامنا التعليمي لا يزال غير قادر على تمكين الطلاب من أهم المعارف والمهارات المطلوبة للنجاح، في التخصصات العلمية التي يحتاج إليها الاقتصاد الحديث، مقارنة بالدول التي نجحت في العقود الأخيرة في بناء اقتصاد مزدهر، يقوم على التكنولوجيا والبحث العلمي والصناعات الدقيقة والمجالات المتقدمة.
وتؤكد المؤشرات المحلية ضعف مستويات خريجي المرحلة الثانوية، وهو ما نلمسه في الجامعات أو في مؤسسات قطاعات العمل جميعها، حيث التأكيد على ضعف مستوى المخرجات في معايير علمية وسلوكية مهمة للنجاح والتفوق.
ليس ذلك فحسب بل حينما نقرا ما يكتب في الصحف، أو نستمع إلى ما يطرح في اللقاءات التلفازية، فانك ترى الحديث ينساب بمرارة عن واقع النظام التعليمي، وهو حديث ينتهي – على الأغلب- إلى التأكيد على أن هذا النظام عاجز عن إنتاج جيل من الشباب المؤهل علميا وثقافيا ومعرفيا، جيل قادر على مواجهة تحديات العولمة، متمكن من المنافسة في سوق العمل الوطني والخارجي.
إن هذا الاتفاق على عجز النظام التعليمي لا تتبعه – عادة- نقاشات جادة من خلال طرح الأسئلة الجوهرية، بهدف تشخيص مواطن الخلل، أو تحديد أسباب تعثر مشاريع إصلاح التعليم أو تطويره، وإيضاح أسباب وقوف الجهات المسؤولة عن التعليم مكتوفة الأيدي في مواجهته، وعجزها عن إطلاق نظام تعليمي حديث متطور.
إن قضية إصلاح التعليم تحتاج إلى رؤية شاملة، وإرادة حاسمة، وإدارة ذات كفاءة عالية، وتفاعل ودعم من المجتمع، حتى نستطيع أن نختصر الطريق ، من خلال رفع كفاءة النظام التعليمي في وقت قصير، والتركيز على نوعية المخرجات المطلوبة، أكثر من الجدال حول العمليات والوسائل والتفاصيل التي غرق بعضنا في جنباتها، حتى لم نعد نتبين طبيعة رسالة النظام التعليمي التي نعمل من اجلها، ولا هوية الأهداف التي نسعى إلى تحقيقها، ولا سمو المهام التي يحملها أهل التربية والتعليم، أو حتى المدة الزمنية التي نحتاج إليها لانجاز هذه المهام العظيمة.
إن أي برنامج إصلاح وطني لمنظومة التعليم العام، وأي سياسات تعليمية جديدة، يجب أن تعتمد على عدد من الأسس والمقومات، من أهمها:
1- إن تطوير وإصلاح التعليم عملية هادئة ومنظمة ومتدرجة، ولا ينبغي إحداثها بصورة مفاجئة، ومن الضروري أن يمهد لعملية الإصلاح بين المخططين والمنفذين والمستفيدين، إلا أن ذلك يجب ألا يعيق أهمية سرعة الحركة في تغيير سبل الإدارة المركزية على مستوى الوزارة، والمديريات ، والمدارس، وتحديث أساليبها، وتطوير وتعديل مسؤولياتها.
2- إن المدرسة هي وحدة التعليم والتطوير والإصلاح الأساسية، والمعلم هو خليتها الحية، وإدارتها هي جهازها العصبي. ولا بد أن تتاح للمدرسة من الصلاحيات الإدارية والفنية ما يؤهلها للقيام بالمهمة الموكلة إليها، وتحقيق أهدافها.
3- إن المعلم هو أساس العملية التعليمية التعلمية، وان أي تطوير لا بد وان ينبع من خلاله ، وان يعتمد على حسن اختيار وإعداد المعلم، حيث انه هو صانع التطوير الأول، وهو وسيلته. ولا بد من إعادة النظر في أوضاعه الاجتماعية والمادية، والعمل على رفع مكانته الأدبية في المجتمع.
4- تشكيل فرق علمية ولجان متخصصة، من اجل تشخيص كفاءة النظام التعليمي، ومدى قدرته على إنتاج جيل من المؤهلين لمواجهة تحديات الحاضر والمستقبل، جيل يملك من المعارف والمهارات والقدرات العقلية والسلوك الحضاري والالتزام القيمي، ما يجعله قادرا على الإنتاج والإضافة والنجاح، وقادرا في الوقت نفسه على التعلم مدى الحياة.
5- لعل من الجدير بالاهتمام ونحن نقرا بعض ملامح واقعنا التعليمي في المملكة، ونحاول الوقوف على بعض الرؤى المستقبلية فيه، ووضع قواعد أساسية لتأسيس نظام تعليمي متوازن وناجح، أن نقف على بعض تجارب الدول الأخرى، التي حققت نجاحات ملموسة في هذا الإطار، في أوروبا واليابان والصين وكوريا الجنوبية وسنغافورة وغيرها من الأنظمة التعليمية المتقدمة، التي أصبحت مثار افتخار دولها، ونماء اقتصادها ورفاهية شعوبها.
6- ولا بد من الوصول إلى اكبر مشاركة في وضع الخطط التعليمية الوطنية، بحيث تشمل ممثلين عن القطاع الخاص، ومنظمات المجتمع المدني، والمثقفين، والخبراء بالصفة الشخصية، ومراكز البحوث، إضافة إلى ممثلين عن الطلبة وأولياء الأمور، والفئات الاجتماعية المختلفة على مستوى المجتمعات المحلية.
ويتطلب التطوير في هذا المجال قيادة تربوية قادرة على عملية التجديد، وإفساح قدر واسع من الحرية والمشاركة، وتوسيع سلطات الإدارة المحلية، ولن يتحقق ذلك إلا ببناء قدرات القوى البشرية بالتدريب والتأهيل والتمكين، ببناء معرفي يتضمن روح العمل المشترك، والقدرة على ربط التعليم بالمجتمع، وتعميق مفاهيم الديمقراطية والمواطنة.
7- إن الحديث عن أي خطة إستراتيجية لقطاع مثل التعليم، يجب أن يتم في إطار مؤسسي، مالي وإداري، يضمن لها النجاح، والبناء على المبادرات والبرامج التي تم تنفيذها، والتي هي في إطار التنفيذ حاليا. كما أن خطط التنفيذ وبرامج العمل لا بد أن تكون لها اطر زمنية محددة، وخطط واضحة للتمويل، ونظم صارمة للمتابعة والتقييم، وتحديد المسؤوليات والمحاسبة. مع التأكيد على ضرورة الاهتمام بالبعد التنظيمي والمؤسسي في الإصلاح والتطوير، سواء على مستوى الوزارة وإداراتها، أو على مستوى العلاقة بين الوزارة والمديريات، أو على مستوى المدرسة وعلاقاتها مع كل الجهات.ِ
ولعل الدراسات والتقارير المسحية المحلية التي يمكن أن تساهم في إيضاح حقيقة تخلف مخرجات النظام التعليمي الأردني علميا ومهنيا قليلة وضعيفة في منهجيتها العلمية؛ لذا فان الاستفادة من التقارير والدراسات، التي تصدرها المؤسسات الدولية المعنية بتصنيف الدول، بحسب معايير الكفاءة والجودة، إنما تجري على غير صعيد، إضافة إلى المؤسسات المعنية بالاختبارات الدولية التي تقدم تقويما سنويا لمستويات الطلبة في بعض الدول المشاركة في مثل تلك الاختبارات، ومنها الأردن.
إن الشواهد كثيرة على ضعف مخرجات التعليم العام وخاصة في العلوم والرياضيات، فنتائج اختبارات الرياضيات والعلوم الدولية، تظهر تراجعا مستمرا فيها. وهذا يعني أن نظامنا التعليمي لا يزال غير قادر على تمكين الطلاب من أهم المعارف والمهارات المطلوبة للنجاح، في التخصصات العلمية التي يحتاج إليها الاقتصاد الحديث، مقارنة بالدول التي نجحت في العقود الأخيرة في بناء اقتصاد مزدهر، يقوم على التكنولوجيا والبحث العلمي والصناعات الدقيقة والمجالات المتقدمة.
وتؤكد المؤشرات المحلية ضعف مستويات خريجي المرحلة الثانوية، وهو ما نلمسه في الجامعات أو في مؤسسات قطاعات العمل جميعها، حيث التأكيد على ضعف مستوى المخرجات في معايير علمية وسلوكية مهمة للنجاح والتفوق.
ليس ذلك فحسب بل حينما نقرا ما يكتب في الصحف، أو نستمع إلى ما يطرح في اللقاءات التلفازية، فانك ترى الحديث ينساب بمرارة عن واقع النظام التعليمي، وهو حديث ينتهي – على الأغلب- إلى التأكيد على أن هذا النظام عاجز عن إنتاج جيل من الشباب المؤهل علميا وثقافيا ومعرفيا، جيل قادر على مواجهة تحديات العولمة، متمكن من المنافسة في سوق العمل الوطني والخارجي.
إن هذا الاتفاق على عجز النظام التعليمي لا تتبعه – عادة- نقاشات جادة من خلال طرح الأسئلة الجوهرية، بهدف تشخيص مواطن الخلل، أو تحديد أسباب تعثر مشاريع إصلاح التعليم أو تطويره، وإيضاح أسباب وقوف الجهات المسؤولة عن التعليم مكتوفة الأيدي في مواجهته، وعجزها عن إطلاق نظام تعليمي حديث متطور.
إن قضية إصلاح التعليم تحتاج إلى رؤية شاملة، وإرادة حاسمة، وإدارة ذات كفاءة عالية، وتفاعل ودعم من المجتمع، حتى نستطيع أن نختصر الطريق ، من خلال رفع كفاءة النظام التعليمي في وقت قصير، والتركيز على نوعية المخرجات المطلوبة، أكثر من الجدال حول العمليات والوسائل والتفاصيل التي غرق بعضنا في جنباتها، حتى لم نعد نتبين طبيعة رسالة النظام التعليمي التي نعمل من اجلها، ولا هوية الأهداف التي نسعى إلى تحقيقها، ولا سمو المهام التي يحملها أهل التربية والتعليم، أو حتى المدة الزمنية التي نحتاج إليها لانجاز هذه المهام العظيمة.
إن أي برنامج إصلاح وطني لمنظومة التعليم العام، وأي سياسات تعليمية جديدة، يجب أن تعتمد على عدد من الأسس والمقومات، من أهمها:
1- إن تطوير وإصلاح التعليم عملية هادئة ومنظمة ومتدرجة، ولا ينبغي إحداثها بصورة مفاجئة، ومن الضروري أن يمهد لعملية الإصلاح بين المخططين والمنفذين والمستفيدين، إلا أن ذلك يجب ألا يعيق أهمية سرعة الحركة في تغيير سبل الإدارة المركزية على مستوى الوزارة، والمديريات ، والمدارس، وتحديث أساليبها، وتطوير وتعديل مسؤولياتها.
2- إن المدرسة هي وحدة التعليم والتطوير والإصلاح الأساسية، والمعلم هو خليتها الحية، وإدارتها هي جهازها العصبي. ولا بد أن تتاح للمدرسة من الصلاحيات الإدارية والفنية ما يؤهلها للقيام بالمهمة الموكلة إليها، وتحقيق أهدافها.
3- إن المعلم هو أساس العملية التعليمية التعلمية، وان أي تطوير لا بد وان ينبع من خلاله ، وان يعتمد على حسن اختيار وإعداد المعلم، حيث انه هو صانع التطوير الأول، وهو وسيلته. ولا بد من إعادة النظر في أوضاعه الاجتماعية والمادية، والعمل على رفع مكانته الأدبية في المجتمع.
4- تشكيل فرق علمية ولجان متخصصة، من اجل تشخيص كفاءة النظام التعليمي، ومدى قدرته على إنتاج جيل من المؤهلين لمواجهة تحديات الحاضر والمستقبل، جيل يملك من المعارف والمهارات والقدرات العقلية والسلوك الحضاري والالتزام القيمي، ما يجعله قادرا على الإنتاج والإضافة والنجاح، وقادرا في الوقت نفسه على التعلم مدى الحياة.
5- لعل من الجدير بالاهتمام ونحن نقرا بعض ملامح واقعنا التعليمي في المملكة، ونحاول الوقوف على بعض الرؤى المستقبلية فيه، ووضع قواعد أساسية لتأسيس نظام تعليمي متوازن وناجح، أن نقف على بعض تجارب الدول الأخرى، التي حققت نجاحات ملموسة في هذا الإطار، في أوروبا واليابان والصين وكوريا الجنوبية وسنغافورة وغيرها من الأنظمة التعليمية المتقدمة، التي أصبحت مثار افتخار دولها، ونماء اقتصادها ورفاهية شعوبها.
6- ولا بد من الوصول إلى اكبر مشاركة في وضع الخطط التعليمية الوطنية، بحيث تشمل ممثلين عن القطاع الخاص، ومنظمات المجتمع المدني، والمثقفين، والخبراء بالصفة الشخصية، ومراكز البحوث، إضافة إلى ممثلين عن الطلبة وأولياء الأمور، والفئات الاجتماعية المختلفة على مستوى المجتمعات المحلية.
ويتطلب التطوير في هذا المجال قيادة تربوية قادرة على عملية التجديد، وإفساح قدر واسع من الحرية والمشاركة، وتوسيع سلطات الإدارة المحلية، ولن يتحقق ذلك إلا ببناء قدرات القوى البشرية بالتدريب والتأهيل والتمكين، ببناء معرفي يتضمن روح العمل المشترك، والقدرة على ربط التعليم بالمجتمع، وتعميق مفاهيم الديمقراطية والمواطنة.
7- إن الحديث عن أي خطة إستراتيجية لقطاع مثل التعليم، يجب أن يتم في إطار مؤسسي، مالي وإداري، يضمن لها النجاح، والبناء على المبادرات والبرامج التي تم تنفيذها، والتي هي في إطار التنفيذ حاليا. كما أن خطط التنفيذ وبرامج العمل لا بد أن تكون لها اطر زمنية محددة، وخطط واضحة للتمويل، ونظم صارمة للمتابعة والتقييم، وتحديد المسؤوليات والمحاسبة. مع التأكيد على ضرورة الاهتمام بالبعد التنظيمي والمؤسسي في الإصلاح والتطوير، سواء على مستوى الوزارة وإداراتها، أو على مستوى العلاقة بين الوزارة والمديريات، أو على مستوى المدرسة وعلاقاتها مع كل الجهات.ِ