2024-11-25 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

الأمن والأمان؟

لميس أندوني
جو 24 : فيما تتصاعد أشكال الحراك الشعبي المطلبية والسياسية، يزداد اعتماد الحكومة على المعالجة الأمنية للضبط والسيطرة على الوضع بدعوى تحقيق "الأمن والأمان" للمواطن كجزء من مسؤوليتاها.
في الوقت نفسه تتجاهل الحكومة اعتصامات سلمية، وكأنها غير موجودة، بما فيها اعتصام الفنانين، وتظاهرة الأيتام و"مجهولي النسب" على الدوار الرابع - والأخيرة تدين مجتمعا بأكمله - وكأنما سيتبخر هؤلاء ومعاناتهم كقطرات الندى في شمس صباح صيفي حار.
من غير الواقعي أن لا نتوقع أن الحكومة لن تلجأ إلى استعمال القوة في وجه محاولات قطع طريق رئيس الوزراء وهو في طريقه إلى اربد أو في حالة حرق الإطارات وغيرها من تعبيرات لاسلمية للحراكات المختلفة.
لكن يحق لنا أن نتساءل عن معيار القوة التي تستعملها الأجهزة الأمنية، كما حدث في السلط مثلاً، وعن حكمة الاعتماد على الحلول الأمنية من دون تقديم حلول سياسية واقتصادية لأزمة متفاقمة.
تأثرت كما غيري بقضية الحدث ليث القلاولة ، ومن آثار الضرب المِبرِح على وجهه والكدمات على عينه، والتي أقر مدير الأمن العام، بمسؤولية قوات الأمن عنها، وإن أنكر أي دور لهذه القوات لحروق منتشرة على جَسَده طٌبِعَت برؤوس السجائر.
هنا سألتزم بنصيحة جهة حقوقية، بعدم اتهام أي جهة بالمسؤولية عن هذه الحروق حتى تستكمل هذه الجهات المستقلة تحقيقاتها، لكنني سأنقل عن محام من أبناء السلط استغرابه واستهجانه للقوة المفرطة ، التي استعملت و لما رآه من أساليب تصعيدية جديدة ومقلقة في كيفية معالجة الأجهزة الأمنية لما جرى.
بانتظار التحقيقات سأركز على الدلالات السياسية للأحداث، فحتى لو تعددت الروايات وتناقضت الحكايات يبقى الواضح أن الحكومة تبالغ في ثقتها بأهمية وفعالية المعالجة الأمنية للتصعيد في أشكال الحراكات.
أولاً لأن التصعيد له علاقة بتجاهل الجهات الرسمية للمطالب الشعبية، وتدل على درجة فقدان الثقة بالحكومة، وحتى بالحكومات، وقدرتها واستعدادها للتجاوب مع الاعتراضات والمطالب، وفي هذا مؤشر خطير على تحول ، سواء بتخطيط، أو من دون تخطيط الحراكات إلى أساليب أقل سلمية وأكثر تحدياً للدولة وأجهزتها.
من الواضح أن الحكومة لا تأبه بالحراك، لأنها لا تعتقد أن بمقدور الحراك توسيع دائرته لتردد فئات واسعة بالانضمام له ، لكن يجب على الحكومة أن لا تتوهم فقد لا تزداد أعداد المشاركين بل يزداد غضب المحتجين وتجد الحكومة نفسها في مواجهة أشكال وأنواع متعددة من الحراكات متفرقة في أرجاء البلاد.
عدا أن الاعتماد على الحل الأمني يحمل في طياته خطر إصابات تؤجج النفوس وتنقل الوضع إلى مرحلة مواجهات غير متوقعة وغير محسوبة.
الحكومة والجهات الرسمية بشكل عام، ما تزال تتعامل مع الحراك كحالة معزولة عن المجتمع، معتمدة على أعداد المشاركين، وفي هذا خطأ لا تريد الاعتراف به لأنها لا تريد رؤية مدى اتساع الأزمة وعمقها.
لا ندري على ماذا تعتمد الحكومة بموقفها غير المبالي: فالمساعدات المالية لم تتدفق لتسوية الأزمة الاقتصادية والغلاء يأكل من قيمة الدخل للمواطن ، وبدأ يؤثر على الطبقات الوسطى وليس الفقيرة منها فقط.
أي أن الحكومة بحاجة للاعتماد على تَحَمٌل المواطن لارتفاع الأسعار، وليس هناك أي سبب يجعل المواطن يسكت، عدا أنه لم يرَ الحكومة تحاول أن تتبنى أو تجرب خيارات غير الإصرار على أن تتحمل الفئات الأكثر فقراً ثمن المديونية وعجز الموازنة.
اهتمامات الحكومة مٌنصَبة على استمالة واستعادة تأييد وجوه وشخصيات تقليدية، اعتماداً على زيارات لرئيس الوزراء ، متجاهلة سياسياً معنى محاولات قطع طريق موكبه وكأن مثل هذه الحوادث مجرد حالات محدودة من الخروج على القانون ليس لها أسباب سياسية ولا تداعيات اجتماعية.
ولا نفهم ثقة الحكومة الزائدة، بقدرتها على إعادة بناء التحالف "البيروقراطي الأمني" ، في وقت تنكمش قدرتها مالياً، على الأقل توسيع هذا التحالف من خلال التوظيف في أجهزة الدولة والتعيينات.
أخيراً وليس أخراً، نحن لسنا في عام 1989 والانتخابات النيابية فقدت رونقها، كمؤشر على المشاركة الشعبية، خاصة في ظل فرض قانون انتخابي ينتقص من التمثيل والمشاركة الحقيقية، وأخطر ما تقوم به الحكومة هو المبالغة في الاعتماد على الحلول الأمنية، لأن أمن وأمان المواطن، لا يتحققان في السيطرة على الحراكات، بل في توفير حريته ومعيشته وكرامته. والقوة أكانت مفرطة أم ناعمة لن تٌوَفِر له شيئاً من ذلك. العرب اليوم
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير