سياسيون يستهلكون "البوليش" بعد نفاد رصيدهم السياسي
جو 24 : تامر خرمه- من ميزات مناصب الدولة الأردنيّة أنّها تمكّن المفلس من العودة إلى بيزنس السياسة واستثمار وطن بأكمله، بصرف النظر عن مدّة صلاحيّة المستثمر السياسيّة وحجم رصيده الشعبي.
هذه "الميزة" أدركتها بعض وسائل الإعلام التي دأبت على تلميع بعض الشخصيّات وإضفاء كميّة وافرة من "البوليش" على صورها، بهدف تسويقها لدى صانع القرار. تسويق لا يراد به وجه الله، بل له حساباته الكثيرة، ما ظهر منها وما بطن.
رغم انتهاء رصيدهم السياسي، يسعى كثير ممّن سبق وأن فشلت تجربتهم للعودة إلى مواقع السلطة. التسويق بات على ما يبدو حرفة من لا حرفة له. ماذا يدعى هذا؟ "تجريب المجرّب"، تعبير شعبي لوصف هذه الميزة الخطيرة التي لا "يتمتّع" بها سوى عالم السياسة الأردنيّة. عالم يدهش حتّى "أليس بلاد العجائب" ويأتي بما هو أغرب من مجرّد "أرنب قادر على الكلام"!!
الأردنيّون جرّبوا هؤلاء الطامحين لسلطة لا يمتلكون الرصيد الكافي لتولّي مهامّها. بل أن بعضهم سبق وأن تمّت تجربته أكثر من مرّة في مناصب عليا مختلفة، وفشلوا في تحمّل مسؤوليّاتهم، وعمّقوا أزمة البلاد، وأمعنوا في تنكّرهم لمطالب الناس. سياساتهم لم تكن سوى وبالاً مازلنا نحصد مرارته.
ولكن ما الذي يجعل دهاقنة استثمار الناس طامحين في العودة إلى المناصب العليا، رغم انتهاء صلاحيّتهم ؟ أهو غياب الأسس والمعايير الواضحة لغربلة النخب السياسيّة ؟ أم الافتقار إلى ميكانيكيّات ديمقراطيّة في تشكيل الحكومات، والذي جعلهم يعتقدون أنّهم قادرين على النفاذ من غربال التجربة كما نفذوا سابقاً من نافذة القرار ؟
عندما جيئ بفلان أو علاّن إلى الدوّار الرابع، كان هذا مرتبط بظرف محدّد تغيّر وتبدّل. الظروف المحليّة والإقليميّة اختلفت اليوم، والمرحلة لا تحتمل إعادة التجريب. بل حتّى هؤلاء المراد تسويقهم لم ينجحوا في تلبية استحقاقات الظروف التي جاءت بهم إلى السلطة ذات يوم، فكيف سينجحون في إدارة دفّة البلاد في أصعب وأخطر مراحلها ؟!
وليكون الحديث أكثر وضوحاً سنطرح مثالاً على هؤلاء المسوّقين (بفتح الواو وكسر أسس المنطق): سمير الرفاعي الذي سبق وأن تولّى عدّة مناصب في الدولة، من رئيس للوزراء إلى رئيس للديوان الملكي، والذي يشغل اليوم منصب رئيس لجنة الشؤون الخارجيّة في مجلس الملك.
الرفاعي لم ينجح في التعاطي مع مختلف الملفّات التي واجهته، واستنفد رصيده السياسي والشعبي عبر التمترس في مواقف جعلته كامل الإفلاس، ما دفع صاحب القرار إلى التضحية به، بعد تجلّي فشل فريقه الوزاري في تجاوز الأزمات أمام القاصي والداني.
حتّى اليوم، يمارس الرفاعي العجز عن تولّي ملفّ الشؤون الخارجيّة في مجلس الأعيان، لجنته كانت غائبة أمام مختلف التطوّرات الخطيرة التي شهدتها المنطقة، وآخرها العدوان الصهيوني الهمجي على قطاع غزّة. غياب أسهم في تراجع حضور الأردن نتيجة لوزن النخب التي تولّت مناصب الدولة المفصليّة.
رغم هذا، ماتزال منابر التسويق "تدلّل" على من سبق وأن جرّبوا حتّى جفّت صلاحيّتهم. عودتهم إلى المشهد السياسي ستكون كارثة تضاف إلى كوارث وطن نفد رصيده الكارثيّ كما نفد رصيد المغامرين بمستقبله. ولكن هل يقبل الأردنيّون بأن يكون قد كتب عليهم الشقاء كما كتب على الذين من حولهم؟!
هذه "الميزة" أدركتها بعض وسائل الإعلام التي دأبت على تلميع بعض الشخصيّات وإضفاء كميّة وافرة من "البوليش" على صورها، بهدف تسويقها لدى صانع القرار. تسويق لا يراد به وجه الله، بل له حساباته الكثيرة، ما ظهر منها وما بطن.
رغم انتهاء رصيدهم السياسي، يسعى كثير ممّن سبق وأن فشلت تجربتهم للعودة إلى مواقع السلطة. التسويق بات على ما يبدو حرفة من لا حرفة له. ماذا يدعى هذا؟ "تجريب المجرّب"، تعبير شعبي لوصف هذه الميزة الخطيرة التي لا "يتمتّع" بها سوى عالم السياسة الأردنيّة. عالم يدهش حتّى "أليس بلاد العجائب" ويأتي بما هو أغرب من مجرّد "أرنب قادر على الكلام"!!
الأردنيّون جرّبوا هؤلاء الطامحين لسلطة لا يمتلكون الرصيد الكافي لتولّي مهامّها. بل أن بعضهم سبق وأن تمّت تجربته أكثر من مرّة في مناصب عليا مختلفة، وفشلوا في تحمّل مسؤوليّاتهم، وعمّقوا أزمة البلاد، وأمعنوا في تنكّرهم لمطالب الناس. سياساتهم لم تكن سوى وبالاً مازلنا نحصد مرارته.
ولكن ما الذي يجعل دهاقنة استثمار الناس طامحين في العودة إلى المناصب العليا، رغم انتهاء صلاحيّتهم ؟ أهو غياب الأسس والمعايير الواضحة لغربلة النخب السياسيّة ؟ أم الافتقار إلى ميكانيكيّات ديمقراطيّة في تشكيل الحكومات، والذي جعلهم يعتقدون أنّهم قادرين على النفاذ من غربال التجربة كما نفذوا سابقاً من نافذة القرار ؟
عندما جيئ بفلان أو علاّن إلى الدوّار الرابع، كان هذا مرتبط بظرف محدّد تغيّر وتبدّل. الظروف المحليّة والإقليميّة اختلفت اليوم، والمرحلة لا تحتمل إعادة التجريب. بل حتّى هؤلاء المراد تسويقهم لم ينجحوا في تلبية استحقاقات الظروف التي جاءت بهم إلى السلطة ذات يوم، فكيف سينجحون في إدارة دفّة البلاد في أصعب وأخطر مراحلها ؟!
وليكون الحديث أكثر وضوحاً سنطرح مثالاً على هؤلاء المسوّقين (بفتح الواو وكسر أسس المنطق): سمير الرفاعي الذي سبق وأن تولّى عدّة مناصب في الدولة، من رئيس للوزراء إلى رئيس للديوان الملكي، والذي يشغل اليوم منصب رئيس لجنة الشؤون الخارجيّة في مجلس الملك.
الرفاعي لم ينجح في التعاطي مع مختلف الملفّات التي واجهته، واستنفد رصيده السياسي والشعبي عبر التمترس في مواقف جعلته كامل الإفلاس، ما دفع صاحب القرار إلى التضحية به، بعد تجلّي فشل فريقه الوزاري في تجاوز الأزمات أمام القاصي والداني.
حتّى اليوم، يمارس الرفاعي العجز عن تولّي ملفّ الشؤون الخارجيّة في مجلس الأعيان، لجنته كانت غائبة أمام مختلف التطوّرات الخطيرة التي شهدتها المنطقة، وآخرها العدوان الصهيوني الهمجي على قطاع غزّة. غياب أسهم في تراجع حضور الأردن نتيجة لوزن النخب التي تولّت مناصب الدولة المفصليّة.
رغم هذا، ماتزال منابر التسويق "تدلّل" على من سبق وأن جرّبوا حتّى جفّت صلاحيّتهم. عودتهم إلى المشهد السياسي ستكون كارثة تضاف إلى كوارث وطن نفد رصيده الكارثيّ كما نفد رصيد المغامرين بمستقبله. ولكن هل يقبل الأردنيّون بأن يكون قد كتب عليهم الشقاء كما كتب على الذين من حولهم؟!