jo24_banner
jo24_banner

خرافتا الهيمنة و"الصفقة"!

محمد أبو رمان
جو 24 :

بخلاف الرأي الذي ذهب بعيداً في تفسير "وساطة" حماس بين الدولة والإخوان، لتعبيد الطريق نحو المشاركة السياسية، فإنّ ما حدث يثبت أنّ حماس لا تملك أزِمّة القرار الإخواني ولا تسيطر على أي تيار داخل الجماعة، فضلاً أنّها لا تدّعي ذلك.
كل ما في الأمر أنّ خالد مشعل ورفاقه حاولوا القيام بتقريب وجهات النظر بين مطبخ القرار وقيادة الجماعة. وهي ليست مسألة استثنائية؛ إذ توسطت حماس ولعبت دوراً تطوعياً في المرحلة الانتقالية المصرية بين الإخوان والمؤسسات المصرية، في محاولة لاستغلال علاقاتها بين الأطراف المختلفة، سواء الرسمية أو الإخوانية في أكثر من دولة، وقامت بالدور نفسه خلال علاقتها بالنظام السوري مع الإخوان هناك.
ربما فكّرت شخصيات في مطبخ القرار بدور ممكن لحماس في التأثير على قرار الإخوان بالمشاركة. وما حدث كان -في ظني- جيداً، إذ أثبت لهم جميعاً أنّ حماس تملك "كلمة الخير" لدى الجماعة، لكنها لا تملك القرار. لعل ذلك يساعد على التخلص من خرافة هيمنة حماس على إخوان الأردن، التي لم يعد هناك اليوم ما يدعمها، بخاصة بعد الانفصال الكامل بين التنظيمين وإنهاء التداخل الحركي.
في المجمل؛ ما يزال موقف الدولة متصلباً بالإصرار على "الصوت الواحد"، وهو ما ترفضه القيادة الإخوانية مبدئياً، كما هي حال الجبهة الوطنية للإصلاح، برئاسة أحمد عبيدات؛ إذ تصر القوى السياسية على إلغاء الصوت الواحد وإنهاء عقده مع الحياة السياسية، حتى تعود لعتبة الانتخابات النيابية، ما يعني أنّ هذه "العقدة ما تزال في المنشار"، وسيناريو المقاطعة هو الذي يهيمن على المشهد!
إذن؛ التهويل من زيارة حماس ومن نتائجها، وترتيب استنتاجات كبيرة على ذلك بوصفها تهديدا للهوية الوطنية وتكسيرا للحراك السياسي، وجزءا من سيناريو إقليمي ودولي، هي أوهام أصبحت تثير الضحك والسخرية، وتذكّرنا بالسيناريو الأممي الذي جاء بحكومة الخصاونة للتوطين بالتعاون مع الإخوان وحماس وتركيا، على قاعدة تسليم البلاد للإسلام الليبرالي المتواطئ مع الغرب!
بالضرورة، تحسين العلاقة مع حماس سيؤثر إيجاباً على العلاقة بين الدولة والإخوان، لكن ذلك ليس المتغير الوحيد، فاليوم هنالك قضية الإصلاح السياسي والشأن الداخلي التي باتت مسألة أساسية في ترسيم العلاقة بين الدولة والجماعة، ولم تعد مسألة ثانوية أو يمكن التضحية بها، لأي من تياري الجماعة، في سياق حزمة من المطالب الأخرى المختلفة.
مثل ذلك السيناريو يقفز عن الوقائع والشروط الموضوعية، ويذهب بعيداً في تحليلات واهية سطحية لما يحدث، فالعلاقة بين الدولة وحماس ما تزال ملتبسة، ومحلاًّ لجس النبض والاختبار، وليست موضع اتفاق بين مراكز القرار، على الأقل في مدياتها ومستوياتها!
ثمة ارتياح واضح عند قادة الحركة للقاءات المكثفة التي جرت مع المسؤولين الأردنيين، ويستبشرون بإنهاء سنوات من القطيعة والحالة الرمادية والاتهامات والتشكيك. مع ذلك، في تصوري، أنّه ما يزال مبكّراً الحكم بأنّنا نلج سياقاً جديداً من العلاقة مع حركة حماس، إذ ما تزال الرؤية الأردنية مشوّشة وخاضعة لاعتبارات متداخلة، ومحكومة بفرضيات بحاجة إلى إعادة تقدير موقف، بخاصة بعد أن حدث شرخ كبير في العلاقة بين حماس والمعسكر الإيراني-السوري، فمن الواضح أنّ بعض مراكز القرار ما تزال أسيرة لتلك المرحلة، سواء في العلاقة مع حماس أو حتى جماعة الإخوان المسلمين!
ما نأمله أن تؤسس زيارة حماس فعلاً لصفحة جديدة، تأخذ بالاعتبار المصالح المتبادلة الكبيرة التي يمكن تحقيقها بدلاً من حالة الخصومة والصراع التي لا تخدم أحداً!

(الغد)

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير