2024-12-23 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

تقاعد النوّاب ومنديل أم كلثوم

تقاعد النوّاب ومنديل أم كلثوم
جو 24 : تامر خرمه- لا أذكر كم مرّة ردّدت كوكب الشرق أم كلثوم عبارة الشاعر عبد الوهاب محمد في رائعة الموجي "للصبر حدود"، ولكن بالتأكيد لا يمكن أن تكون المرحومة قد كرّرت هذه العبارة أكثر ممّا كرّرها أيّ مواطن أردني.

الدولة انسحبت تماماً من دورها الاجتماعي وباتت السلطة ضرباً من ضروب "البزنس".. طيّب !!

المواطن مضطرّ لأن يدفع ثمن سياسات اقتصاديّة كارثيّة وقرارات ارتجاليّة من قوت عياله.. "أوكّيه"!!

الصبر جميل.. ومازال المواطن صابراً بكلّ ما أوتي من جلد.. ولكن أن يصل الأمر إلى المهزلة التي أقرّها مجلس الأمّة -المنشغل بنزوات شخصيّة، بعيداً عن ممارسة أيّ دور حقيقي يفترض أن تمارسه السلطة التشريعيّة- فهذا كثير!

دول تتمتّع بإيرادات تفوق مديونيّة الأردن بعشرات المرّات لجأت إلى سياسة تقشّف فرضتها على ساستها لتخفيف الأعباء الماليّة الناجمة عن الأزمة العالميّة، بينما نجد بلداً تشكو إدارته شحّ الموارد وقد قرّر "نوّاب" شعبه التمتّع بترف لا يحظى به حتّى أعضاء "الكونغرس" الأمريكي.

قرار مجلس الأمّة بمساواة تقاعد النائب والوزير جاء ليرفع ما سيتقاضاه النواب عوضاً عن تخفيض رواتب تقاعد الوزراء، الذين لا يتحمّلون الأعباء التي يتحمّلها المواطن الغلبان نتيجة سياساتهم، بل وقرّر المجلس الجمع بين الراتب والتقاعد دون أن يمضي على خدمة النائب أكثر من سبع سنوات.

أنانيّة غير مبرّرة عبّر عنها أعضاء مجلس الأمّة بعد اجترار فشلهم في الارتقاء بدور يليق بالسلطة التشريعيّة. ورغم أن ساسة هذا البلد المنكوب بجشع أثريائه لا يكلّون الشكوى ويطالبون المواطن بالصبر والتحمّل، فإنّهم يتناسون أنفسهم في دعوتهم لهذا الصبر الأيوبيّ.

حتّى أن آليّة منح نواب وأعيان الدولة رواتبهم التقاعديّة عارية من أبسط أسس المنطق الذي يفرضه نظام الضمان الاجتماعي.. ما يعني أنّ الدولة بالنسبة لهؤلاء "المشرّعين" هي فرس حاتم الطائيّ..

المواطن الذي ينتزع قوت عياله واستحقاقات فواتيره من غول الضنك والبؤس ليس مضطرّاً لتحمّل المزيد كيّ ينعم فلان أو علاّن بامتيازات أخرى لقاء عمله في الحقل العام، الذي وصل إليه بوعود من قبيل "خدمة المواطن" و"مصلحة الوطن".. وما إلى ذلك من وعود وعهود و"كلام معسول".

بصراحة.. كثير من النوّاب كان انتخابهم "غلطة ومش حتعود".. ولكن المعضلة تكمن في قانون الانتخاب الذي أوصل من لا يستحق إلى منصب يتعامل معه باعتباره امتيازاً، يقود إلى تحقيق المزيد من الامتيازات، على حساب خزينة الدولة الخاوية على عروشها، إلاّ من سندات الدين العام.

كثر الحديث عن الإصلاح، وكثرت الوعود بمستقبل أفضل لإقناع الناس بشدّ الأحزمة حتّى الاختناق، ومازال المواطن يتعشّم أيّة بادرة خير أو لفتة تنمّ عن "إخلاص" ساسته لهذا الوطن، ولكن مع الأسف جاءت هذه الأنانيّة السافرة مقابل صبر الناس ومعاناتهم، بل ومطالبهم بمزيد من "التضحية".

عزيزي السائس.. الشعب ليس قطيعا تقوده حيث تشاء وتذبح منه من تشاء. المواطن لديه من الكرامة ما يكفي لرفض تحمّل المزيد لقاء ترفك، فلسان حاله يقول: "أنا فاض بيّ وملّيت".
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير