سوريا: إيران جزء من المشكلة وليس من الحل
بعد غيابه عن مؤتمر أصدقاء سوريا في باريس ظهر المبعوث الدولي والعربي كوفي عنان في دمشق فجأة وذلك قبل ان ينتقل الى طهران لبحث القضية السورية مع الإيرانيين . ولا اريد ان أتوقف عند اتفاقاته الجديدة مع جزار سوريا ووصفه لها بانها بناءة ، فالتجربة خير برهان ، لان الاسد منذ ان ارسل دباباته لدك المدن السورية لم يرفض ولا مبادرة عربية او دولية لحل الازمة ، مستخدما هذه المبادرات لكسب الوقت من اجل مواصلة الحل الأمني الذي تبناه بمواجهة مطالب شعبه العادلة بالحرية والكرامة .
ما اريد ان أتوقف عنده من تصريحات عنان التي أدلى بها في دمشق قوله ( بان ايران جزء من الحل في سوريا ) وهذا يكشف الاستراتيجية التي رسمها المبعوث الدولي لنفسه من اجل الوصول الى السلام . فهو يعتقد ان التفاهم مع روسيا وإيران هو المفتاح للوصول الى اجراء دولي في مجلس الأمن للضغط بقوة على الاسد وإجباره على القبول بالمرحلة الانتقالية لتغيير النظام ، ونتائج مؤتمر جنيف التي شاركت فيه روسيا تشجعه على الاستمرار بهذه الاستراتيجية بعد ان خرج المؤتمر باتفاق جماعي شاركت فيه روسيا والصين يتركز على المرحلة الانتقالية . ومعروف ان عنان طالب بمشاركة ايران في اجتماع جنيف لكن الولايات المتحدة عارضت بشدة .
أفعال النظام السوري وجرائمه اليومية تجعل من تحركات عنان بدون جدوى ، لكن ماذا عليه ان يفعل بمواجهة مواقف دولية لم تقم الا بمنح الفرصة والوقت لكي يواصل النظام عملياته الوحشية ، ومنذ ما يسمى بالاتفاق على وقف العنف وسحب الجيش من المدن سقط ٤ آلاف سوري واضعافهم من الجرحى واضعاف أضعافهم من اللاجئين ، فالمجتمع الدولي وفي مقدمته امريكا وأوربا والعرب لم يقدم للشعب السوري غير بيانات التعاطف والتأييد بينما يقدم حلفاء الاسد ، الروس والإيرانيون ، ينابيع القوة له التي تمكن ماكنته التدميرية من مواصلة العمل بحصد أرواح السوريين وتدمير مدنهم .
احتمالات حدوث تطور إيجابي في الموقف الروسي في المستقبل امر وارد وذلك يعتمد على التطورات على الارض السورية مثل تصاعد الثورة في دمشق وحلب او توسع الانشقاقات في الجيش اضافة الى ما قد يحدث من تفاهمات بين موسكو وواشنطن ، لكن الدور الإيراني في سوريا هو جزء من المشكلة وليس من الحل ، من مصلحة طهران ان يبقى الاسد وان تعمر الازمة السورية سنوات وسنوات على شكل حرب أهلية او حتى إقليمية ، وهو دور جربته طهران في العراق وحصدت منه فوائد واستثمارات سياسية واستراتيجية كبيرة على المستوى الإقليمي والدولي ، ومنحها الوقت لبناء مشروعها النووي ، ان خمود الدور الإيراني وتراجعه في العراق أعطى الغرب الفرصة لإعادة تشديد الحصار والضغط على طهران ، وهاهي المشكلة السورية تمنحها فرصة جديدة لاحتلال موقع اللاعب الإقليمي الذي يملك أوراق المساومة في سوريا .
و حكام طهران لا يلعبون بكل أوراقهم دفعة واحدة ، ان إطالة أمد الازمة الملتهبة في سوريا يمنحهم مزيدا من الاوراق ،و الحل السريع او القريب يناقض مصالحهم ، بالتأكيد هم اليوم سعداء بزيارة عنان لانها تمكنهم من الإمساك بهذه الفرصة لاستثمار دورهم الجديد في سوريا الذي يعتمد على تمديد عمر الازمة وليس إنهائها ، ونأمل ان يستخلص عنان وبسرعة بان طهران جزء من المشكلة وليس من الحل .
(الرأي)