jo24_banner
jo24_banner

الأقصى ليس فلسطينيا

ماهر أبو طير
جو 24 : بات خبرا عاديا في الاعلام ذاك الخبر الذي يأتيك كل يوم ليقول لك ان هناك حفريات تحت المسجد الاقصى،وان اقتحامات الجنود الاسرائيليين والمستوطنين،تجري كل فترة،فوق مصادرة الارض والبيوت في المدينة المحتلة،بات خبرا عاديا،لان قلوبنا ماتت منذ زمن.

ثورات الربيع العربي من جهة،والانظمة العربية من جهة اخرى،تناست ملف القدس والاقصى،فلم نسمع عن جمعة واحدة في اي بلد عربي تطرح شعارا يريد تحرير الاقصى،بذريعة طغيان الهم المحلي،والمظالم على هموم تلك الشعوب،و يضحكون علينا بالقول ان علينا ان ننتظر حتى تزول مظالم الشعوب،وبعدها ستزحف هذه الجحافل باتجاه القدس..يا صبر ايوب اذن.

الانظمة من جهتها،غير مهتمة بالموضوع لا معنويا ولا سياسيا ولا عسكريا،ولا ماليا،وفوقهم يأتي المال الفلسطيني والعربي الذي تناسى القدس ومن فيها،وهكذا نتشارك كلنا في خيانة المسجد الاسير،ولم نقدم له سوى ادب النعي وفقه الصابرين ونثر المنتظرين.

هذا هو الذل والهوان،بكل معانيه وصوره،والذين خانوا قضية الاقصى،ليسوا فقط من تناسوه،بل اولئك الذين عليهم حق مباشر،فلا يؤدونه،ونحن نرى اليوم،ان اسرائيل سيطرت على خمسة وستين بالمائة من التعليم في القدس،وتمنح الجوازات الاسرائيلية للمقدسيين،الذين باتوا يأخذونه حتى لا يتم طردهم من المدينة المحتلة،فوق افقارهم،وتجويعهم،وتهويدهم الجاري على قدم وساق.

حتى الاعلام العربي تخلى عن قضية الاقصى،والبارحة تقرأ في «الدستور»الكبيرة صفحة كاملة عن القدس والاقصى،فتتأمل غيرها من وسائل الاعلام المطبوعة بالعربية،فتجد غيابا شبه كامل لهذه القضية،في غسيل قومي للدماغ العربي والوجدان الاسلامي،واحلال لاولويات اخرى من الرياضة الى الفنون،مرورا بالمذابح في دول عربية،الى ان وصلت اعداد القتلى،الى رقم يكاد يكفي لتحرير فلسطين.

كيف تغيب قضية الاقصى عن المساجد والاعلام والسياسة والناس،بهذه البساطة،أليست كل دموعنا في ذكرى الاسراء والمعراج،مجرد دموع كاذبة،لاننا نتذكر فقط اسراء الرسول الى القدس ومعراجه من هناك،ونتناسى القصة،والذين يدعون انهم يحبون نبيهم،ويخصلون لدينه،يتثاقلون عند قصة الاقصى،وكأن الحب يتجزأ،باعتبار ان الاقصى للفلسطينيين وعليهم ان يخلعوا شوكهم بأيديهم،فيما الاقصى للعرب والمسلمين،وليس لاحد على وجه الحصر والتحديد،فبيوت الله ليس لها هوية سياسية او جنسية؟!.

مصيبة احتلال القدس،ثقيلة جدا ،وما يجري في كل المدينة تمهيد لاسقاط الاقصى،والاستفراد به في نهاية المطاف،لهدمه،واقامة هيكل سليمان،ولن يكون غريبا ان نصحو غدا على خبر هزة ارضية صناعية،تهدم الاقصى،بعد ان تم تفريغ كل ما تحته،وتجهيزه للهدم،ولربما تأتينا طائرات تخرق جدار الصوت لتمر فوق الاقصى فتهدمه،وفقا لاراء علمية تقول ان المسجد لن يحتمل هكذا وضع.

ثم يسألونك عن الموت والهزيمة ترتسم في عيوننا،فتقول لهم اننا اساسا موتى نمشي على الارض،بعد ان سلبت اسرائيل روحنا،واعتبرنا ان الاقصى مجرد ملف قابل للتأجيل،او المساومة،او المفاوضات،فشاركنا كلنا في خطيئة سرقته،حتى لو اقنعنا انفسنا بغير ذلك،فالاقصى ليس فلسطينيا،بل هو عربيا ومسلما،وبيوت الله،لا تعرف هذه التسميات،وبالتالي فان حق المسجد في اعناق مليار عربي ومسلم.

ما اصعب موتك والهزيمة لا تموت في عينيك!.


(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news