jo24_banner
jo24_banner

مرصد أكيد وتقرير اليقين في رواية الرسميين.. عندما يكون السكوت من ذهب

مرصد أكيد وتقرير اليقين في رواية الرسميين.. عندما يكون السكوت من ذهب
جو 24 :

طريف هو ذلك "المنفوخ" بأوهام "الايغو" عندما يتنطّع بما لا يعلم، خاصّة وهو ينصّب ذاته في موقع "أبو العرّيف" ويبدأ بإطلاق الأحكام، محاولاً "تقييم" الآخرين.

موقف مضحك للغاية في حقيقة الأمر، يمكنك مصادفته في حالات مختلفة، فتارة تشاهد سياسيّاً يلجأ إلى تدعيم موقفه بمعادلات رياضيّة، لتكتشف أنّه يجهل جدول الضرب، وتارة تجد متحرّشاً يلوم الناس على عدم التزامهم باللباس الشرعي، وتارة أخرى ترصد أداة من أدوات السلطة وهي "تتعربش" على حجج الموضوعيّة دون أن تفارق حجر وليّ نعمتها!

وأحياناً تصادف بعض الموجّهين (بفتح الجيم ورفع التقارير) وهم يرتدون أقنعة و"الموضوعيّة" و"الحياد"، فيحاولون "تقييم" الإعلام دون الاستناد إلى أيّة معايير مهنيّة، بل ودون معرفة كافية بأصول العمل الصحفي.

ومن الأمثلة على مدّعي الموضوعيّة، مرصد مصداقية الإعلام الأردني "أكيد"، الذي يستند في عمله إلى بعض من لا يزال يحاول البدء بأولى خطواته على طريق المهنة. ذلك "المرصد" المنبثق عن المعهد العالي للإعلام يفتقر إلى أيّة مهارة، بما في ذلك القدرة على الرصد، ومع هذا ينصّب نفسه وصيّاً على الحقيقة.

محاولة بائسة زعم خلالها ذلك "المرصد" متابعة وتقييم التغطية الاعلامية لـ"حفريات عجلون"، بعد أن تلقّى تمويلاً أجنبيّاً للخروج بتقرير يفتقر إلى أدنى معايير الرصد والاستطلاع.. هل حقّاً يظنّ "عباقرة" هذا التقرير أنّهم مؤهلون بما فيه الكفاية لتقييم الإعلام الأردني ؟! سؤال صريح يفرض نفسه على معدّي هذا التقرير: من أنتم ؟!

تقرير مضحك، يندرج ضمن الحملات الرسميّة الممنهجة والموجّهة ضدّ الإعلام المستقلّ، لم يستند سوى إلى التسليم بصدق الرواية الرسميّة، باعتبارها الحقيقة المطلقة، معتبراً أن كلّ ما خلا القول الرسميّ باطل !! هذه هي "المهنيّة" الوحيدة في حيّز إدراك الخيارات البائسة، التي كلّفت مغمورين برصد ما لا طاقة لهم به.

لن نخوض هنا في استثناء المعهد العالي للإعلام والنأي به عن رقابة وزارة التعليم العالي، فتلك حكاية أخرى، ولكن قد يكون من الفيد التذكير بأنّ مبنى المعهد الفقير إلى الإعلام كان يفترض أن يكون تابعاً لنقابة الصحفيين، كما يجدر سؤال القائمين على هذا المعهد: هل تعتبرون ذلك الشيء الذي تقومون بتدريسه "إعلاما" ؟!

يدّعي تقرير المرصد"عدم استناد المواقع الالكترونية على مصادر موثقة ومعلومة"، محاولاً تغطية الشمس بغربال عبر إنكار حقيقة استناد المواقع إلى شهود عيان، وتصريحات لجان نيابيّة، ومسؤولين رسميّين تضاربت تصريحاتهم حتّى لم تعد تقنع أحداً.

وللتذكير.. كان المصدر الأولي للمواقع الالكترونيّة هو الأهالي أنفسهم، ومن ثمّ صاحب الأرض، ولاحقا جاءت شهادات أعضاء في المجلس البلدي، ومن ثم جاءت شهادة عضو في مجلس النواب، وعليه كان التعامل المهني يقضي بالاتصال والتحقق من مصادر الاعلام في مديرية الأمن العام، الذين قالوا في حينها أن الأمر متعلق بانهيارات.

وتساءل المرصد في تقريره عن سبب غياب الجهود الاستقصائية عن عمل الصحف اليومية والاذاعات، ولم يوضّح المرصد ان كان يطلب من الصحفيين اعادة حفر الأرض مرة أخرى، خاصة وان وسائل اعلام مختلفة ومواقع الكترونية طلبت واستمعت لشهادة وأقوال الأهالي وأصحاب الأرض المحفورة كما استمعت لأقوال ورأي وشهادات نواب ومصادر رسمية مختلفة ونشرت جميع الأراء والرد عليها.

واعتبر المرصد المواقع الالكترونية وكأنها قادت الرأي العام إلى حقائق مضللة، لكن المواقع لم تفعل شيئا أكثر من نقل ورصد تفاعلات قضية شغلت الرأي العام وصناع القرار على حد سواء.

إلى جانب كل ذلك النقد، اعتبر المرصد تغطية الصحف الرسمية انها كانت أكثر مهنية من غيرها وتمهلت وابتعدت عن الخوض في القضية! ربما كان ذلك يصلح للنقد أكثر من الثناء؛ فذلك -ان كان دقيقا- يدلّ أولا على عدم ايلاء الصحف اليومية المساحة المناسبة لما يشغل الرأي العام على صفحاتها، وثانيا ان الصحف اليومية تتوافق عادة مع الروايات الرسمية، وهو ما يتناقض مع أساس وجودها: الرقابة على السلطات وعكس نبض الشارع وتوجيهه إلى الحقيقة.

وفي النهاية لا ضير في نصيحة قد تنفع من يريد.. عندما تكون عاجزاً عن إدراك طبيعة العمل الصحفي، وتكتفي بترديد ما تريده السلطة، قد يكون الصمت مناسباً لتجنيبك الإحراج، فقديما قال الحكماء: إذا كان الكلام من فضّة.. فالسكوت من ذهب !

تابعو الأردن 24 على google news