هل من ربيع للقلوب ..يحررها ؟؟؟
طغت على مفرداتنا ..و سكنت بيوتنا.. شوارعنا ..مدارسنا ..و مقاهينا ..منذ عامٍ و نيف حمى ما وصفناه بالربيع العربي ... و كأننا نخشى تسمية الأشياء باسمها ..فلكلمة ثورة ..وقعٌ مُدوٍ على الآذان و تقليب لصفحات بيضاء في التاريخ ..نخجل الوقوف بين طياتها ..و تسليطٌ للضوء على أجيال انحدرنا منها ولا نشبهها .
و لست أخوض في هذا الربيع الذي يُسقى بالدماء و ليس لطَلعِه و ثمَره من بقاء .. و إنما أتساءل إن كان للشعوب ربيعاً يخرجها من سبات الشتاء ..فإذا بها تحمل الفؤوس ..و تقطع الرؤوس ..و تعلنُ حرباً ضَروس ..تُوصلُ الليل في النهار ..تطارد الأفاعي في الأوكار ..و تستعينُ بذئاب الجبال ..على ما ضاق بها من أذيال ..و لا زلنا نترقب إن كانت ستنجح في إقناع الشمس بعدم الغياب ..و إبقاء الليل خارج الأبواب ..و كم من جيل ستستهلك أقلامها لكتابة الجواب ؟
و هنا هجم السؤال ..بين غفلة الصورة ، و ضعف الإطار ..ماذا نصنع بكل هذا الدمار؟؟ و هل أطلقنا حقاً على كل مصطلحات القمع و الفساد و الظلم و الطغيان ما يكفي من النيران ؟!! أم أننا فقط نمنح صغارهم مساحة زمنية جديدة ليكبروا بهدوء و سلام ..بعيدا عن العدسات وأعين الإعلام .. أليس حرِياً بنا أن نقتلع ما زرعوه من أوتاد و أن نُصلح مُضغاتٍ صغيرةٍ في الأجساد ..ونسودَ بها على رؤوس الأشهاد ..من أجيالٍ و تاريخٍ وآباءٍ و أجداد ..أن نعالج الأسباب لا أن نزيل الأعراض ..فقلوبنا هذه ..التي لا ننفك نحملها و تحملنا..أجدر بالربيع ..و قد يصيب واحدها في بضعة أعوام ما يصيب قوماً في عصورٍ و أزمان ..فإذا ما زرتها ..تزور فصولاً ما أُنزل بها من سلطان ..فهنا آثار استعمار غربي غير ملامح وجهها .. وفي تلك الزاوية ترك مستوطنون غرباء أفكارهم الملوثة ومَضوا .. و في جدران شِغافِها تصدُعاتُ زلزالٍ عِشقي لم يُبقِ و لم يذر .. ومن هنا مرَ عابروا سبيل عاثوا في أرضها الفساد ..و على القمة هناك قلعةٌ انهارت أسوارها أمام جيوش الشهوة و الهوى ..لمالٍ ..لسلطةٍ ..أو حُبٍ جوَى .. و في إحدى الأركان بقايا مسجد مهجور لا تفوح منه رائحة الرحمة و النور ..و هذا بئرعميق لم نزل نرم بهزائمنا .. بعثَراتنا و خيباتنا .. فيه ..بكل أخطائنا ..بكل ما نخشى أن تراه أعيننا..و تفوح منه رائحة جراح لم تندمل ..فقرٌ لم ير النور و لم يندثر ..وغنىً تجبَر و لم ينكسر ..و أسرارٌ وغصاتٌ لم تزل تتعتق و بعد.. بعد لم تختمر ..فكيف تقوى هذه القلوب على الخفقان و بمن تخفق ؟ معذورةٌ هي إن خفقت هنا بطاغية أو جبار ..و هناك بجندي باسل مغوار ..و قد تخفق بمظلوم ضعيف يتجرع المرار.. أو تقيٍ يدعو خلف الجدار ..ووحدك أنت ..وحدك أنت من تختار ...خفقةَ عزٍ لقلبك أم خفقةَ عار ..فلكل قلب نورٌ ..كما لليل نهار .. فنحن هو ما تحمله قلوبنا ,, أنت و قلبك سيان وغش القلوب يظهر على ملامح الوجه و فلتات اللسان .. وسلامتها من الأوباء و الأرزاء و الامراض تُدخل المرءَ الجِنان .."يوم لا ينفع مالٌ و لا بنون ..إلا من اتى الله بقلبٍ سليم " سورة الشعراء.
أفلا يحق لهذه القلوب ..أن ننصفها منا ..من كل مُستبدٍ ..مكناهٌ فيها.. .و عن الحق غاب ..أن تطالب بإصلاح ما أحدثناه فيها من خراب ..و أن نرفع صوت الله في مآذنها ..صَوتَ حقٍ..لا صوتَ عذاب ..فندرك أن ربيعها ... ربيعنا ..و أن لا ربيعٌ لنا إلا خلف هذا الباب ..و أن ما دون ذلك ليس إلا واحةً من سراب .
أما آن لها أن تصرخ بملء فاهها ..في وجه كل من استهدفها ..كما رد محمود درويش على الجُندية التي صاحت به فَجأةً :"هوأنت ثانيةً ؟ألم أقتلك ؟ فأجاب : قَتَلتِني ..و نسيتُ مِثلَكِ ..أن أموت " .
رنا عارف أبو شــاور
Rash918@yahoo.com