ملفات الأردن في الخارجية البريطانية
ماهر أبو طير
جو 24 : أكثر بلدين غربيين يهتمان بالشأن الأردني، هما أميركا وبريطانيا، والفرق بينهما هائل، من حيث إطلالة كل بلد، على الاردن، ونظرته لمستقبل الاردن ايضا.
يتفق البلدان على استقرار الاردن، غير ان واشنطن وعلى الطريقة الاميركية المعروفة توظف كل كوادرها الدبلوماسية، من اجل ملفات اردنية، وفي الاغلب، فإن الجذر الاجتماعي والتاريخي غائب في التقييمات، او انه غير عميق، تماما.
ليس أدل على ذلك من وصفات واشنطن للاردن التي لم تنجح، جراء رغبة الامريكيين بتغييرات سياسية واجتماعية سريعة، ودون رؤية لمنسوب الموانع والصعوبات والعراقيل.
بالمقابل فإن البريطانيين ليسوا أسارى للحظة، اذ تمتلك خارجيتهم ملفات ووثائق، قديمة جدا، تجعلهم يفهمون البعد السياسي على اساس تكويني اجتماعي، ويتابعون الاردن من الداخل بطريقة مختلفة، تجعلهم اقرب الى فهم العرب ومنطقة الشرق الاوسط، وتجعلهم اكثر ميلا الى فهم المحاذير، وبالتالي أبطأ في تبني التغيرات.
حدث هذا في العراق، بعد سقوط النظام العراقي، وهناك دلالة بسيطة تستحق ان تروى، اذ حذرت لندن كل عسكرها من الحساسيات الدينية والاجتماعية، وطلبت منهم، تجنب تفتيش النساء العراقيات، باليد، من جانب الذكور او النظر او القاء الكلام عند مرور النسوة، فيما الامريكيون لم يتم تلقينهم اي درس حول المفاهيم الدينية والاجتماعية للبلد الذي اجتاحوه، فكان طبيعيا ان يعادي العراقيون القوات الامريكية اضعاف القوات البريطانية، لهذا الاعتبار الاجتماعي مثلا، فوق اعتبار الاحتلال.
السبب هنا ان لندن لديها خبرة قديمة من وجودها في العراق والمنطقة، وملفاتها حافلة بالتفاصيل حول هذه البنى الاجتماعية والعشائرية والمذهبية ومغزاها، وهي خبرة قديمة تختلف عن خبرة واشنطن التي تشكلت على حسابها خلال السنين الفائتة.
مناسبة هذا الكلام، ان الاردن يستقبل دوما مسؤولين امريكيين وبريطانيين، بعضهم يتم الاعلان عنه، وبعضهم لا يتم الاعلان عنه، في سياق قراءة الاردن، ومستقبله، والبريطانيون في عمان لا يهدأون اذ يتابعون الملفات الاردنية، بكل تفاصيلها، ولهم هنا آراء ونصائح، ووجهات نظر، يتم الاستماع اليها احيانا.
في عمان هذه الايام، انموذجا، فرح دخل الله، الناطقة الرسمية باسم الخارجية البريطانية، والتي تزور الاردن، وستلتقي اسماء محددة، والمعروف هنا، ان هذه اللقاءات سيتم خلالها الاستماع الى وجهات نظر متعددة، متطابقة، ومتناقضة.
والمؤكد ان التساؤلات ستشمل ملفات اردنية تتعلق بالوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وما يرتبط بملفات داعش والاخوان المسلمين، والوضع الاقليمي، وهذه زيارة سبقتها زيارات كثيرة لمسؤولين بريطانيين تتبعت ذات الخطى في التحليل واستبصار المستقبل.
في الارجح نظرة البريطانيين الى الاردن، تختلف عن النظرة الامريكية، فلندن تنظر الى عمان من زاوية تتجاوز الدور الوظيفي، وتتعلق بالتاريخ السياسي، والعلاقات القديمة، وهي تعتبر ان هناك سلسلة دول يجب ان تبقى في المنطقة ايا كانت الكلفة. واشنطن تركز على الدور الوظيفي، فقط، للكيانات والدول والشعوب.
فرق كبير بين النظرة البريطانية وتلك الامريكية لدول المنطقة عموما، والمؤكد هنا، ان لندن وواشنطن قد تتطابقان في قضايا محددة ازاء الشرق الاوسط، لكنهما بالتأكيد تتنافران في قضايا اخرى، خصوصا، ان لندن تنزع الى «الاستراتيجي» في تقييماتها وواشنطن غارقة في «التكتيك» وأوحاله وتقلباته.
في الحالتين فإن عيون الدبلوماسية الغربية وتحديدا البريطانية والاميركية على الاردن متقدة هذه الايام بشدة، وسط هذا المشهد الاقليمي العاصف والمتقلب ايضاً.
الدستور
يتفق البلدان على استقرار الاردن، غير ان واشنطن وعلى الطريقة الاميركية المعروفة توظف كل كوادرها الدبلوماسية، من اجل ملفات اردنية، وفي الاغلب، فإن الجذر الاجتماعي والتاريخي غائب في التقييمات، او انه غير عميق، تماما.
ليس أدل على ذلك من وصفات واشنطن للاردن التي لم تنجح، جراء رغبة الامريكيين بتغييرات سياسية واجتماعية سريعة، ودون رؤية لمنسوب الموانع والصعوبات والعراقيل.
بالمقابل فإن البريطانيين ليسوا أسارى للحظة، اذ تمتلك خارجيتهم ملفات ووثائق، قديمة جدا، تجعلهم يفهمون البعد السياسي على اساس تكويني اجتماعي، ويتابعون الاردن من الداخل بطريقة مختلفة، تجعلهم اقرب الى فهم العرب ومنطقة الشرق الاوسط، وتجعلهم اكثر ميلا الى فهم المحاذير، وبالتالي أبطأ في تبني التغيرات.
حدث هذا في العراق، بعد سقوط النظام العراقي، وهناك دلالة بسيطة تستحق ان تروى، اذ حذرت لندن كل عسكرها من الحساسيات الدينية والاجتماعية، وطلبت منهم، تجنب تفتيش النساء العراقيات، باليد، من جانب الذكور او النظر او القاء الكلام عند مرور النسوة، فيما الامريكيون لم يتم تلقينهم اي درس حول المفاهيم الدينية والاجتماعية للبلد الذي اجتاحوه، فكان طبيعيا ان يعادي العراقيون القوات الامريكية اضعاف القوات البريطانية، لهذا الاعتبار الاجتماعي مثلا، فوق اعتبار الاحتلال.
السبب هنا ان لندن لديها خبرة قديمة من وجودها في العراق والمنطقة، وملفاتها حافلة بالتفاصيل حول هذه البنى الاجتماعية والعشائرية والمذهبية ومغزاها، وهي خبرة قديمة تختلف عن خبرة واشنطن التي تشكلت على حسابها خلال السنين الفائتة.
مناسبة هذا الكلام، ان الاردن يستقبل دوما مسؤولين امريكيين وبريطانيين، بعضهم يتم الاعلان عنه، وبعضهم لا يتم الاعلان عنه، في سياق قراءة الاردن، ومستقبله، والبريطانيون في عمان لا يهدأون اذ يتابعون الملفات الاردنية، بكل تفاصيلها، ولهم هنا آراء ونصائح، ووجهات نظر، يتم الاستماع اليها احيانا.
في عمان هذه الايام، انموذجا، فرح دخل الله، الناطقة الرسمية باسم الخارجية البريطانية، والتي تزور الاردن، وستلتقي اسماء محددة، والمعروف هنا، ان هذه اللقاءات سيتم خلالها الاستماع الى وجهات نظر متعددة، متطابقة، ومتناقضة.
والمؤكد ان التساؤلات ستشمل ملفات اردنية تتعلق بالوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وما يرتبط بملفات داعش والاخوان المسلمين، والوضع الاقليمي، وهذه زيارة سبقتها زيارات كثيرة لمسؤولين بريطانيين تتبعت ذات الخطى في التحليل واستبصار المستقبل.
في الارجح نظرة البريطانيين الى الاردن، تختلف عن النظرة الامريكية، فلندن تنظر الى عمان من زاوية تتجاوز الدور الوظيفي، وتتعلق بالتاريخ السياسي، والعلاقات القديمة، وهي تعتبر ان هناك سلسلة دول يجب ان تبقى في المنطقة ايا كانت الكلفة. واشنطن تركز على الدور الوظيفي، فقط، للكيانات والدول والشعوب.
فرق كبير بين النظرة البريطانية وتلك الامريكية لدول المنطقة عموما، والمؤكد هنا، ان لندن وواشنطن قد تتطابقان في قضايا محددة ازاء الشرق الاوسط، لكنهما بالتأكيد تتنافران في قضايا اخرى، خصوصا، ان لندن تنزع الى «الاستراتيجي» في تقييماتها وواشنطن غارقة في «التكتيك» وأوحاله وتقلباته.
في الحالتين فإن عيون الدبلوماسية الغربية وتحديدا البريطانية والاميركية على الاردن متقدة هذه الايام بشدة، وسط هذا المشهد الاقليمي العاصف والمتقلب ايضاً.
الدستور